You dont have javascript enabled! Please enable it!
عام

فيلم تحت سماء دمشق

يعد الفيلم الصامت الثاني في تاريخ السينما السورية، عرض في السادس من تشرين الثاني عام 1932م، في سينما العباسية بدمشق.

شارك في الفيلم عرفان الجلاد ولوفانتيا الألمانية وعدد من الراقصات وتوفيق العطري والمطرب مصطفى هلال، وفريد جلال وعلي حيدر، ومدحت العقاد، وغيرهم، وذلك تطوعاً دون أجر، باستثناء النساء.

يصور الفيلم بانوراما الحياة الدمشقية آنذاك، في حبكة بوليسية وعاطفية، وقصة الفيلم تعتمد بنية سردية تقليدية اذ تبدأ بقيام العلاقة والخطوبة بين صبحية والدكتور، ونرى العلاقة وهي تتطور، ثم يدخل عنصر غريب رجل يعمل على ابتزاز صبحية وتظل تدفع له، ويعلم الخطيب فيشك بخطيبته وينفصل عنها، الى ان يُقتل الرجل الذي نكتشف انه ليس سوى شقيق لصبحية، وهي ليست سوى بنت يتيمة وفقيرة تبناها الرجل الثري.. فيعود الدكتور الى خطيبته!

تعالج القصة موضوع الغيرة عند الرجل والمرأة. فالدكتور يغار على خطيبته فينفصل عنها. والراقصة التي تحب علي شقيق صبحية تغار عليه من اخته لأنها تظن انه يخونها معها فتقتله. لكن هذه المعالجة تشتمل على رؤية الى فئة من المجتمع السوري في تلك المرحلة، فتنظر الى الأثرياء وقصورهم وسياراتهم وطبيعة حياتهم، وسهراتهم، والى الفقير الذي يتورط في علاقة مع راقصة.

جرى التصوير في غوطة دمشق ومداخل المدينة، وفي الربوة ودمر، وفي قصر الأمير سعيد الجزائري بدمر، “المشاهد الداخلية”، وقد صورت بعض منظار الفيلم في محطة الحجاز، حيث استخدمت عربات الركاب في القطارات واستخدمت عربات الركاب في القطارات واستخدمت ركاب القطار كـ كومبارس بالإضافة إلى تصوير مشاهد في ملهي أقيم في الهواء الطلق في سينما اللونابارك الصيفية التي كانت من أكبر دور السينما الصيفية في دمشق، وقد استخدمت زجاجات الشمبانيا الفارغة حيث وضع فيها الكازوز، وزجاجات الويسكي الفارغة حيث وضع فيها الشاي، توفيراً للنفقات.

وحول قصة الفيلم يذكر جان الكسان في كتابة تاريخ السينما في الوطن العربي: “ان  رشيد جلال اتفق مع عطا مكي، صاحب المكتبة العمومية آنذاك وخاله الحاج أديب خير، والتاجر رفيق الكزبري على تأسيس شركة (هيلوس فيلم) برأسمال قدره أربعمائة ليرة عثمانية ذهبية تدفع بالتساوي بين الجميع، وكلف رشيد جلال بالإشراف على جميع أعمال الإنتاج.

على الرغم من أن شركة حرمون فيلم قد حلت بعد إنتاج فيلمها الأول، إلا أن الإقبال الكبير الذي شهده عرض فيلم (المتهم البرئ) كان حافزاً للممولين السوريين لانتاج أفلام سينمائية. واتصل أكثر من واحد منهم برشيد جلال لإنتاج فيلم سوري كبير بشروط فنية أفضل من تلك التي انتج بها الفيلم الأول.

وقد اتفق رشيد جلال مع صديقه إسماعيل انزور الذي اطلع على فن الإخراج في النمسا مع المخرج التركي المعروف ارطغرل محسن، على الإخراج بلا قيد ولا شرط، وتعاقدت الشركة مع مصور إيطالي اسمه جرودانو ومع المصور السوري نور الدين رمضان، وقرر الجميع إخراج رواية (تحت سماء دمشق) التي كتب السيناريو لها إسماعيل انزور، وفي ذلك العام 1933م، افتتح في دار التجهيز في دمشق، وفي الحدائق المحيطة بها معرض بـ باسم ” معرض دمشق وسوقها” عرض فيه أنواع كثيرة من البضاعة الوطنية والأجنبية، وبهذه المناسبة جاءت من مصر إلى دمشق الممثلة السينمائية السيدة آسيا داغر، صاحبة مؤسسة “لوتس فيلم” تصحبها ابنة شقيقتها الآنسة ماري كويني، وكانت في ذلك الحين من أجمل وأشهر ممثلات السينما في مصر، واحضرتا معهما أول فيلم من إنتاج لوتس فيلم اسمه :”غادة الصحراء” إخراج وداد عرفي التركي الأصل وتمثيل آسيا داغر وماري كويني، عرض الفيلم في معرض دمشق وفي الهواء الطلق واستمر عرضه ثلاثة أيام وجرى تعارف بين الفنانتين الضيفتين وبين أعضاء شركة هيليوس فيلم، فأقامت الشركة حفلة شاي تكريماً لهما في فندق أمية بالمرجة، ووعدت السيدة آسيا داغر أصحاب الشركة بالسعي لتوزيع فيلمها الجديد – وكان قيد الإنتاج – في مصر.

وحدثت مفاجأة، فأثناء طبع النسخة الإيجابية من فيلم “تحت سماء دمشق” الصامت، أعلن عن فيلم عربي ناطق قادم من مصر باسم “أنشودة الفؤاد” فقرر أصحاب “تحت سماء دمشق” استعمال بعض القطع الموسيقية العربية المسجلة على اسطوانات لتصاحب الفيلم، ولكن التجربة فشلت فنياً، وفشل أيضاً عرض الفيلم، فتناقص عدد رواده الذين اعتادوا على السينما الناطقة الوافدة.

وبينما كان أصحاب الفيلم يفكرون بعرض الفيلم في صالة شعبية متواضعة، فوجئوا بالسلطات الفرنسية توقف الفيلم وتحجزه، لأن القطع الموسيقية التي عزفت مع الفيلم لها حق التأليف والتلحين عند عرضها على الجماهير، وقد تقرر حجز الفيلم حتى يحصل أصحابه على هذا الحق، وكان اصحاب الفيلم يجهلون تماماً هذه الإجراءات وقد طلب منهم مبلغ خيالي يتجاوز ضعفي نفقات إنتاج الفيلم، وأدى هذا إلى توقيف الفيلم مدة شهرين، وسمح بعرضه بعد أن أعفيت الشرطة من الغرامة بعد وساطات والتماسات عديدة أجريت لإطلاق سراح الفيلم.

وكانت هذه الحادثة صدمة هزت الشركة، وفوتت عليها نسبة من الأرباح وكانت خاتمة الفيلم خاتمة إنتاج الفيلم الصامت في سورية في آخر عام 1934م، وبلغت الخسائر ثلاثمائة ليرة عثمانية ذهبية تحملها الفرقاء بالتساوي.

يذكر الكاتب عمر شبانة في مقال له نشر في صحيفة الحياة :ان قراءة مدققة لجماليات الفيلم، ولرؤيته الاخراجية خصوصاً، تكشف عن رؤية متقدمة على صعيد اختيار الزوايا والكادرات وحجمها، وتشكيل المشهد عبر عملية تقطيع واعادة بناء وتركيب للقطات وللمشاهد ضمن سياق يتناغم مع السرد ولا يكتفي بمنطوق الحكاية، إذ تسعى العين الى التقاط عناصر الواقع برؤية اختزالية حيناً، ورمزية حيناً آخر. فهناك لقطات لناس على دراجات هوائية ولقطات لناس في سيارات فاخرة. وفي موازاة المشاهد التي تصور مشاعر الحبيبين، هناك تكرار لمشهد الطيور المتحابة على غصن الشجرة. وفي مقابل اللقطة الواسعة هناك اللقطة الضيقة. تطوف الكاميرا في المكان وتبرز تفاصيله حيناً، وتكتفي بنظرة بانورامية حيناً. وتظل تنتقل بين ساحة المرجة وشارع بغداد والغوطة ودُمَّر، فتعطينا صورة عن دمشق مطلع الثلاثينيات، صورة تشمل الكثير من مظاهر الحياة اليومية، لكنها لا تغرق في تفاصيلها.

ويضيف شبانة: “تحت سماء دمشق” يفتح الطريق لسينما كان يمكن ان تكون متطورة لو ان الظروف سنحت لمتابعة هذه الخطوة. لكن الظروف التي أحاطت بالفيلم وانتاجه وعرضه لم تكن في مصلحته. فقد تزامن عرضه مع عرض فيلم مصري ناطق وغنائي يشترك في تمثيله ممثلات فرنسيات. فهل كان يمكن – كما يتساءل هيثم حقي “لفيلم صامت ان يصمد أمام هذا الفيلم انشودة الفؤاد المليء بالأغاني والحسناوات”. وبعد شهرين من تعود الجمهور على الأفلام الناطقة في صالة العباسية، قام أصحاب الفيلم بإنتقاء اسطوانات موسيقى عربية يمكن ان تذاع مع الفيلم، لكن السلطات الفرنسية اوقفت عرض الفيلم بحجة ان صانعيه لم يدفعوا حقوق التأليف الموسيقي، وطالبتهم بدفع تعويضات، جعلت الفيلم يخسر حوالي ثلاثمة ليرة ذهبية عثمانية تقاسمها الشركاء بالتساوي. وانفض الشركاء المنتجون، وأصيب المخرج بالاحباط، فما عاد الى التصوير الا حين أسس مع رشيد جلال اول استوديو في الجيش. وأنجز اسماعيل انزور في الخمسينات عدداً من الأفلام الوثائقية للجيش.

لمشاهدة الفيلم:

 فيلم تحت سماء دمشق
المصدر
الكسان (جان)، السينما في الوطن العربي، صـ 94صحيفة البيان، العدد الصادر في العشرين من كانون الأول 2013عمر شبانة، صحيفة الحياة، العدد الصادر في 14 أيار 1999



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى