You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

عمرو الملاّح: في ذكرى مئوية الحكومة العربية بدمشق

   عمرو الملاّح – التاريخ السّوري المعاصر

ستبقى تجربة الحكومة العربية بدمشق بين عامي 1918-1920، التي توجت بإعلان الاستقلال، وتنصيب فيصل الأول ملكاً، وإقرار أول دستور عرفته البلاد على يد المؤتمر السوري العام (البرلمان) الفترة الذهبية في تاريخ سوريا الحديث.

فقد كانت سمتها الأبرز محاولة “الآباء الدستوريين” المؤسسين لدولة الاستقلال الأول إحداث أمر واقع مناقض للأمر الواقع الآخر البريطاني-الفرنسي المفروض عليهم، متعمدين في ذلك تجاهل التبعية لقيادة قوات الحلفاء في الشرق الأوسط، والانتقال إلى إقامة حكم وطني حضاري وعادل وآمن يكون مرجعه الأعلى فيصل الأول دون سواه بوصفه مليكاً للبلاد في منطقة عربية حدودها سوريا-بلاد الشام كافة، رغم مخططات ساسة أوروبا الذين كانوا يجاهرون في معارضتهم إقامة هذه الدولة الوليدة.

وعلى النقيض من الصورة النمطية السلبية التي لطالما نُسجت عن النخب السورية ومؤداها عجزها عن قراءة المشهد السياسي الإقليمي والدولي آنذاك؛ فقد اتسمت النخب تلك التي كان لها حضورها القوي في المؤتمر السوري العام (البرلمان) بالوعي السياسي. وكانت مطلعة على المخططات الغربية لاقتسام النفوذ في المنطقة، ولا سيما بعدما تسربت المخططات تلك في أعقاب الثورة البلشفية القريبة العهد آنذاك (1917)، فضلاً عما كان يصل البلاد من أنباء تتعلق بالتصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الفرنسية الموسيو بيشون بشأن ما زعمته فرنسا من أن لها حقوقاً تاريخية في سوريا. وهو ما رفضه السوريون ونظموا الاحتجاجات المناهضة له.

لقد بذلت النخب والزعامات السورية الغالي والنفيس في سبيل تحقيها استقلال سوريا بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وطور تفكك الامبراطورية العثمانية، ورسم الخرائط الاستعمارية، ووضع الحدود المصطنعة لاقتسام النفوذ بين القوتين العظميين آنذاك بريطانيا وفرنسا المنتصرتين، اللتين كانت لديهما قوات عسكرية تحتل الأرض السورية آنذاك وتتقاسمها.

وعلى الرغم من التحديات الإقليمية والدولية التي واجهت النخب السورية إلا أنها استطاعت إقامة بنية تحتية دستورية وقانونية وتعليمية وثقافية راسخة البنيان.

وإنه لمن نافلة القول إن الدستور العام 1920 الذي وضعه “الآباء الدستوريون” كان أكثر الدساتير التي عرفتها المنطقة العربية تقدمية؛ إذ نص على أن سوريا ملكية مدنية نيابيّة، عاصمتها دمشق ودين ملكها الإسلام، وتضمنت بنوده المساواة بين جميع السوريين، وحرية إنشاء الجمعيات والأحزاب والمشاركة في النشاط السياسي والاقتصادي، وسلامة الأفراد، وتجريم التعذيب والاعتقال التعسفي، والحريّة الدينيّة، ونشر المطبوعات، ومنع النفي، والعقاب دون محاكمة، والمصادرة. وترك الدستور للملك تشكيل الوزارة من غير أشخاص الأسرة المالكة، وجعلها مسؤولة أمام المؤتمر- البرلمان الذي يحقّ له استجوابها وسحب الثقة منها، وحدّ من صلاحيات الملك بإلزام أي قرار يتخذه بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص، وبيّن أن المؤتمر العام يتكون من غرفتين هما مجلس النواب المنتخب من جانب الشعب على درجتين، ومجلس الشيوخ المنتخب من مجلس النواب بمعدل ربع عدد أعضاء نواب المقاطعة الواحدة في مجلس النواب على أن يعين الملك نصف العدد المنتخب عن كل مقاطعة أيضًا. ونص على إحداث المحكمة الدستورية العليا من 16 عضوًا نصفهم منتخبون من جانب مجلس الشيوخ والنصف الآخر من رؤساء محاكم التمييز. كما نص على أن البلاد تدار على القاعدة اللامركزيّة، وأن لكل مقاطعة مجلسها النيابي المصغر، وحكومتها الخاصة، وحاكمها المعيّن من الملك ولا يتدخل أحد في إداراتها وشؤونها الداخليّة إلا في الأمور العامة التي هي من اختصاص الحكومة المركزية.

وما زال تعريب مؤسسات الدولة والتعليم، وإنشاء المدارس الأولى في سوريا، وإعادة افتتاح معهد الطب ومدرسة الحقوق في دمشق ليكونا نواة الجامعة السورية، وتأسيس المجمع العلمي العربي في مدة قياسية –أقل من عامين- يُذكر حتى الآن لذلك العهد القصير في عمره والكبير في طموحاته.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

عمرو الملاح

كاتب ومترجم وباحث في التاريخ السوري المعاصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى