أحداث
جولات محسن البرازي في الرياض والقاهرة في آب 1947

جولات محسن البرازي أمين عام القصر الجمهوري في الرياض والقاهرة في آب 1947م
في الرابع من آب عام 1947 أذاع الملك عبد الله بياناً دعا فيه إلى تأليف “جمعية تأسيسية” تقرر توحيد أجزاء سورية الكبرى مع العراق.
ووجه الملك عبد الله رسالة بهذا المعنى إلى الرئيس القوتلي، حملها رئيس ديوانه السيد محمد الشريقي، وسلمها للقوتلي في السابع عشر من آب 1947، فاضطرب القوتلي، واعتبرها تحدياً له، وخطراً على سلامة سورية.
فرر الرئيس شكري القوتلي الاستنجاد بالملكيين عبد العزيز آل سعود وفاروق ضد الملك عبد الله، فأبرق في اليوم نفسه إلى الملك السعودي يرجوه إرسال طائرة إلى القاهرة لكي تحمل محسن البرازي إلى الرياض، وكانت الطائرات يومئذ قليلة، فأجاب الملك عبد العزيز في 18 آب بالبرقية التالية:
“وصلتنا برقيتكم المتضمنة رغبتكم لإرسال طائرة خاصة إلى القاهرة، لنقل رسولكم الخاص، فنحن نرحب به، وحالاً بكره صبح الاثنين ستقوم الطائرة من جدة إلى مصر، وعمدنا وزيرنا، ونفضل حال وصول رسولكم، بتوجيه فيصلنا إلى الرياض”.
في التاسع عشر من آب عام 1947 غادر مجسن البرازي دمشق إلى القاهرة حاملاً معه رسالة من شكري القوتلي إلى الملك عبد العزيز ألف سعود، وفي 21 استقل الطائرة السعودية إلى الرياض، وهذا نص رسالة القوتلي:
“ملحق خير وسرور إن شاء الله. هذا اليوم تلقيت جلالتكم المتضمن الموافقة على رغبتنا بإرسال طائرة جلالتكم إلى مصر، لنقل رسولنا الخاص إلى جلالتكم، فلم يسعني إلا ن أشكر جلالتكم على الموافقة، لما تضمنه الموضوع من هام.
وعليه فقط توجه هذا اليوم بالطائرة رسولنا الخاص محسن البرازي إلى مصر، ليستقل منها الطائرة، للتوجه إلى الرياض للمثول بين يديكم، ويرفع لكم تحياتنا، واحترامنا، ويعرض لجلالتكم ما لدينا من الأمور الخاصة، ويحمل إليكم هذه الرسالة التي توجز فيها موضوع الرحلة، ويقدم بين يديكم أيضاً لهذا الكتاب وشرحاً وتفصيلات لما لدينا من آراء وإيضاح.
الموضوع هو أنه منذ ثلاثة أيام، اتصل محمد الشريقي رئيس ديوان الشريف عبد الله في عمان بالتلفون بالأمين العام للقصر الجمهوري محسن البرازي، وأبلغه أنه يحمل رسالة من الملك عبد الله إلينا، ويطلب تحديد موعد لتقديم هذه الرسالة، فحددت المقابلة أول أمس السبت، وجاء الشريقي، وقدم إلي الرسالة التي نبعث إليها لجلالتكم مع رسولنا الخاص للإطلاع عليها. وكان منذ أسبوع قد أرسل عبد الله بالبريد بياناً إلى كل من الوزراء والنواب والصحف في سوريا، كما وزع عدداً غير قليل منه في شرق الأردن، ونحن نبعث أيضاً بنسخة منه إلى جلالتكم.
صرفت الشريفي من عندي بعد أن ارتبك كثيراً بالنسبة لأسئلتي ومناقشتي معه، وسافر في اليوم التالي إلى لبنان، وهو لا يحمل رسالة وليس لديه مهمة خاصة إلى لبنان، وتعلمون جلالتكم أنني كلما راجعت أصدقائنا البريطانيين في موضوع عبد الله على أثر نشره بياناً أو إصداره كتاباً أو مذكرات، وكان البريطانيون يقولون أنهم لا شأن لهم معه، وأنهم غير راضيين عن ذلك، وأنهم بعلنون عدم تدخلهم في موضوع سورية الكبرى، وأن هذا الموضوع يخص السوريين والبلاد العربية المجاورة.
وإن جلالتكم عندما كنتم تراجعونهم في ذلك أيضاً كان جوابهم إليكم أيضاً لا يخرج عن هذه الدائرة، ويتنصلون من كل شيئ في هذا الصدد.
بالأمس طلبت الوزير البريطاني عندنا، وقلت له : “تعملون أننا كلما راجعناكم في موضوع عبد الله وأعماله وتصريحاته كنتم تقولون أن لا دخل لكم في موضوع سورية الكبرى، وأن هذا الموضوع يخص السوريين والبلاد العربية المجاورة”. إلا أن وكيل وزارة الخارجية البريطانية قال منذ شهرين لوزيرنا الأرمنازي في لندن في هذا الموضوع من أن لبريطانيا وضعاً خاصاً بالنسبة لشرق الأردن، وهو أنها “راعية ومشيرة”، ولذلك قلت للوزير هنا: “هل هذا البيان الذي نشره عبد الله يدخل ضمن الرعاية والمشورة”، وسلمته نسخة من البيان فأجاب: “إني بصورة شخصية أقول أن هذا لا علاقة لنا به، وليس نتيجة لاستشاراتنا، ومع ذلك سأبعث الآن ببرقية في ما تسألني عنه إلى الخارجية البريطانية وأتيكم بالجواب”، أجبت: “بما أن رسول عبد الله ينتظر جواباً، فأني بانتظار جوابكم”.
“هذا هو الموضوع الذي أحببت التحدث به إلى جلالتكم والاتفاق على رأي بشأنه، حتى لا نكون نحن منفردين بالرأي دون اطلاعكم عليه.
إن الرأي العام عندنا لا يقبل بوجه من الوجوه هذا التحدي الوارد في هذا البيان، وهو ناقم أشد النقمة على هذه التصريحات.
وقد بدأت الصحف بحملة شديدة عليه وعلى صاحبه، ونحن قد لزمنا الصمت إزاء كل تصريحاته الماضية وأعمال الغير لائقة. ولكن لكل أمر حد، وأننا نرى الآن أن الوقت قد حان “للخروج من صمتنا وإعلان مخازي عبد الله للجميع والرد على بيانه هذا ببيان نذيعه على الناس”.
وذلك بخطاب نلقيه هنا رداً على بيانه نطلب فيه دعوة أهالي شرق الأردن الذي هو جزء من سوريا “متم، بأن يحرروا أنفسهم من كل قيد وكل شائبة تمس سيادته واستقلاله ويعلن انضمامه إلى أمه سوريا”، ونحن نفتح لهم صدرنا، ونقبل انضمامهم على أساس الاستفتاء الجمهوري الذي جرى هنا منذ الشهر الماضي في الانتخابات السورية، وهو النظام الذي نحكم به البلاد السورية ونكشف عن نوايا عبد الله وما يبيته للأمة العربية في هذا البيان الذي نشره ونوضح ما يجب إيضاحه في هذا الصدد.
“ونرى أيضاً أن نعلن أنه بالنظر لأن العقبة ومعان هما من أجزاء المملكة العربية السعودية، فإننا حين عودة منطقة شرق الأردن إلى أمها سوريا نوافق على انضمامها إلى المملكة السعودية، هذا إذا وجدتم ذلك حسناً، وأن زمن قوله هو الآن وفي هذه الظروف. وربما كان السكوت عن ذلك الآن أولى وأجدى أيضاً. وربما كان السكوت عن ذلك الآن أولى وأجدى أيضاً. هذا ما استطلع عليها من جلالتكم.
“هذا هو الموضوع بجملته، هو الذي سيعرضه على جلالتكم رسولنا الخاص كما سيعرض لجلالتكم أيضاً ما لدينا من أمور وملابسات حول هذا الموضوع. ولا شك أنكم ستفضلون بتزويده بآرائكم السديدة ونصائحكم القيمة، واطلاعه على مساعيكم وعلى ما تقومون به من جليل الأعمال في هذا الصدد وفي غيره من المواضيع. ونحن مؤمنون بأن الله معنا وهو ولي التوفيق راجيين منه حسن الختام”.
دمشق في 18 آب 1948
شكري القوتلي
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة الحياة - العدد 2055 الصادر في 19 كانون الثاني عام 1953م، نقلاً عن: قاسمية (خيرية)، مذكرات محسن البرازي، دار الرواد، بيروت الطبعة الأولى، عام 1994م، صـ 15
(2). صحيفة الحياة - العدد 2055 الصادر في 19 كانون الثاني عام 1953م، نقلاً عن: قاسمية (خيرية)، مذكرات محسن البرازي، دار الرواد، بيروت الطبعة الأولى، عام 1994م، صـ 15
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة الحياة - العدد 2055 الصادر في 19 كانون الثاني عام 1953م، نقلاً عن: قاسمية (خيرية)، مذكرات محسن البرازي، دار الرواد، بيروت الطبعة الأولى، عام 1994م، صـ 15
(2). صحيفة الحياة - العدد 2055 الصادر في 19 كانون الثاني عام 1953م، نقلاً عن: قاسمية (خيرية)، مذكرات محسن البرازي، دار الرواد، بيروت الطبعة الأولى، عام 1994م، صـ 15
