مقالات
خالد محمد جزماتي : ثورات المنطقة الشمالية على الفرنسيين (3/ 5)
خالد محمد جزماتي – التاريخ السوري المعاصر
بعد معركة جسر الشغور التي سيطر فيها الثوار على المدينة، اتخذ الفرنسيون قرارهم بضرب مركز الثورة في بلدة ” كفر تخاريم “، فسيروا اليها جيشا معززا بالمدفعية دخلوا به البلدة بعد معركة عنيفة جرت مع الثوار قرب قرية ” تليتا ” وعلى مشارف بلدة كفر تخاريم خسر فيها الفرنسيون 40 قتيلاً، ولكن فرحة الفرنسيين لم تستمر، حيث قام الثوار بقيادة المجاهد نجيب عويد باسترجاعها في أوائل شهر كانون الأول 1920م.
وقصة استرجاع كفر تخاريم تكاد لا يصدقها عقل ، ولكن كثرة المراجع التي سجلت تفاصيل تلك المعركة تجعلنا نصدق ما جرى وليس ذلك من نسج الخيال ، واليكم خلاصة معركة استرجاع بلدة كفر تخاريم :
كتب قائد المعركة المجاهد نجيب عويد في مذكراته يقول : ” عند دخول العدو كفر تخاريم تفرق أهل المدينة أو كثير منهم في الجبال والأودية وكنت نرى منظرا يفتت الأكباد وتنفطر له السرائر من صراخ الأطفال من شدة البرد ، فلما رأيت هذا المشهد المؤلم ناديت بملء صوتي في المجاهدين : أين أهل المروءة والشهامة والنجدة ؟ فلبوني مسرعين قائلين ، ماذا تريد ؟ …فقلت أريد جماهة يبيعون نفوسهم في سبيل الله رحمة بهذه النساء والأطفال ، فقالوا : حاضرون ، فقلت لهم أن يتبعوني …وفي أواخر الليل وصلنا أطراف ” كفر تخاريم ” ، فأحصيت من معي فإذا هم ثلاثون مجاهدا فجعلتهم في ثلاث فرق : فرقة تأتي العدو من الشرق وعليها ” محمد مامو ” ، ومصطفى أبو درويش ” ، وفرقة من الجنوب وعليه الحاج ” درغام درة ” ، والفرقة الثالثة كنت عليها مع عقيل السقاطي ، فتوجهت كل فرقة الى المكان المعين لها وتم الاتفاق بيننا على اطلاق النار عندما يسمعون صوت الأذان …وعندما بزغ الفجر وقفت فوق أحد القبور الواقعة على مرتفع غرب المدينة وناديت بصوت مرتفع أخاطب فيه من بقي من أهل البلدة في منازلهم : …يا أهل كفر تخاريم ، لا تخافوا ، ها نحن المجاهدون ضربنا نطاقا حول البلدة ولا نطلب منكم مغونة سوى الدعاء والتكبير لأن جمعنا يزيد غلى ثلاثة اّلاف مجاهد ..ثم رفغت صوتي بالأذان ، فكنت تسمع من كل بيت الأذان والتكبير وبعد ذلك باشرنا اطلاق النار وقذف القنابل اليدوية على الخيام التي بها العدو فتراكض الجند مذعورين لا يعرف الخصم من أين يأتيه ولا الرصاص متى يصيبه أو يرديه ، والتهليل والتكبير يصم اّذانه ، وحركات الثوار من جهات ثلاثة تهدم بنيانه .” …..
وعندما بدأت الشمس بالبزوغ جاءت الثوار النجدات من مختلف المناطق كسلقين والقصير ، وأحكم الثوار حصار العدو ولم يبق له منفذا يسلكه سوى جهة الشمال ففرت قواته باتجاه منطقة ” حارم ” تاركة ورائها أكثر من 130 قتيلا ومن العتاد الكثير وأيضا المؤونات الكثير والتي أفادت الثوار في معاركهم الاّتية …وهكذا تم استرجاع مركز ثورة الشمال العربي السوري
المصادر :
– تاريخ الجيش العربي السوري “المجلد الأول”.
– كفاح الشعب الغربي السوري ” الدكتور احسان هندي”.
– نضال شعب وسجل خلود “جميل العلواني”.
– تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي ” أدهم اّل الجندي “.
انظر:
خالد محمد جزماتي : ثورات المنطقة الشمالية على الفرنسيين (1 / 5)
خالد محمد جزماتي : ثورات المنطقة الشمالية على الفرنسيين (2 / 5)