وثائق سوريا
كلمة فوزي الغزي في الجمعية التأسيسية عام 1928
كلمة فوزي الغزي في الجمعية التأسيسية عام 1928
ساداتي وأخواني مضت الجلستان الماضيتان مستغرقتين بالمراسم التي لا مندوحة عنها عند افتتاح المجالس وحال ذلك دون كلمة لا سبيل إلى إهمالها.
تعلمون أيها السادة أن دوائر الانتخابات مهما صغرت أو كبرت، وسواء كانت لواء أو قضاء، ناحية أو ولاية فالمجلس بمجموعه يمثل الأمة بمجموعها ولذلك كان حتماً مقضياً على هذا المجلس أن يفتتح عمله بكلمة شكر يسديها لناخبيه، فأسمحوا لي إذن أن أرسل بالنيابة عنكم من على هذا المنبر بكلمة شكر مشفوعة بالإجلال والاحترام إلى هذه الأمة السورية الكريمة التي أولتنا ثقتها في أدق الأوقات وأحرجها.
ساداتي: إن علماء الإجتماع مطبقون على أن أحداث التاريخ سلسلة متتابعة الحلقات، وأن كلما في هذه الحياة من أمور صغيرة أو كبيرة تابعة لسنة الارتقاء التدريجي، فقضيتنا السورية ليست بنت اليوم وما يومنا هذا إلا نتيجة ماض بعيد.
أرجعوا بأبصاركم إلى الصفحات المنطوية من تاريخ هذه البلاد تجدوا هناك آثار نهضة عظيمة قامت منذ العصر السابق كانت في بادئ عهدها أدبية ثم استحالت سياسية شأن جميع النهضات في العالم لأن الأدب حساس والوطنية تتغذى بأناشيد الشعراء وتتلقى وحيها من مقالات الأدباء، ففي العقد الأول من العصر الحاضر قامت الجمعية الإصلاحية بواجبها الوطني نحو هذه البلاد ثم توالت الحوادث السياسية بعدئذ بسرعة البرق فرأينا السفينة السورية تتقاذفها الأمواج، فتهوى تارة حتى تكاد تخفى عن الأبصار وتستقيم أخرى حتى يخيل للإنسان أنها سائرة بسلام ولكن ثقوا أن هذا الصمود والهبوط لم يغير. شيئاً من عقيدتنا ولم نتردد قط بسلامة هذه السفينة مهما اشتدت العواصف وتتضاربت الرياح.
ساداتي:
لقد تطورت القضية السورية في الأيام الأخيرة، وكان من نتاج هذا التطور المرتكز على أساس التعاون النزيه بين الأمتين أن التأم هذا المجلس لوضع الدستور حراً طليقاً من كل قيد، والدستور أيها السادة هو حلقة من سلسلة مطالب أجمعت الأمة عليها وإذا أجمعت الأمة على مطالب حققته بأذن الله وباتحادها وتآزرها وبقوة ارادتها وعزمها.
الدستور أيها السادة هو صنع يدكم وأنتم المسئولون عنه ففي هذا اليوم وبعد انتخاب لجنة الدستور قد انتقلنا من دور الكلام إلى دور العمل فعلينا أن نبرهن على أننا أهل للثقة التي وضعتها بنا الأمة حتى لا يقال أننا قوالون غير فعالين، وأن هؤلاء الذين كانوا يمثلون العالم بالخطب يقفون اليوم مكتوفي الأيدي حين ما بدأ العمل ولايستطيعون أن يحققوا شيئاً من أمانينا.
أيها الأخوان قلت لكم أن الدستور هو أول حلقة من مطالب الأمة وهذه المطالب كثيرة كما تعلمون من جملتها العفو العام والمعاهدة ووحدة البلاد، فالأمل لا يطول الأمد حتى نرى هذه المطالب كلها محققة نافذة بفضل الله.