هاشم الأتاسي حياته – عصره ..
الفصل الثالث – عهد الاستقلال الأول -الحكومة العربية
لما تّمت هزيمة الأتراك وتفككت الإمبراطورية العثمانية، عاد هاشم الأتاسي إلى و طنه سوريا حيث عينته الحكومة العربية الفتية بدمشق محافظاً (متصرفاً) في حمص.
في ربيع عام 1919 قرر الأمير فيصل وحكومة رضا باشا الركابي عقد المؤتمر السوري في دمشق. فجرت في المناطق الداخلية من سورية الطبيعية، أي في دمشق وحمص وحماه وحلب ودير الززور وشرقي الأردن، انتخابات حسب قانون الانتخاب العثماني.
وكانت هذه الانتخابات تقوم على درجتين، في الدرجة الأولى ينتخب الشعب المنتخبين الثانويين الذين ينتخبون بدورهم المندوبين إلى المؤتمر السوري في دمشق.
وتم إعتماد المنتخبين الثانويين الذين كان جرى انتخابهم إلى آخر مجلس مبعوثان عثماني عام 1913م.
انتخب هاشم الأتاسي ووصفي الأتاسي مندوبين عن حمص في هذا المؤتمر.
أما في المناطق الساحلية والجنوبية من سوريا الطبيعية (أي لبنان وفلسطين والساحل السوري الحالي ولواء الإسكندرون)، والتي كانت محتلة وتُحكم بشكل مباشر من الفرنسيين والإنكليز، فقد شارك مندوبوها في المؤتمر بتوكيل من زعماء وأعيان هذه المناطق لتعذّر إجراء انتخابات فيها.
وقد عبّر هؤلاء المندوبون للمؤتمر السوري بشكل صادق وفعال عن تطلعت الشعب السوري بمناطقه المختلفة. وكانوا يتمتعون بصفات ثقافية وعلمية وإجتماعية ووطنية وأخلاقية تؤهلهم لتمثيل مناطقهم وهذا الوطن الوليد خير تمثيل بالرغم من جميع الصعوبات الداخلية، واحتلالات الجيوش الأجنبية بشكل مباشر لمناطق الساحل وتواجدها في بقية المناطق والأطماع الخارجية.
فكان معظمهم ذو ثقافة ومؤهلات عالية: منهم بعض كبار رجال الإدارة العرب في الإمبراطورية العثمانية، ومنهم علماء دين، ومحامون، وأطباء، وضباط سابقون في الجيش العثماني، وسياسيون ناشطون سُجن بعضهم أو نُفي من قبل الأتراك.
تزعّم الكثيرون منهم الكفاح الوطني ضدّ الانتدابيين الفرنسي والإنكليزي في سوريا ولبنان وفلسطين فيما بعد، وفي قيادة الوطنيين الفلسطينيين ضد الحركة الصهيونية والانتداب الإنكليزي في فلسطين.
وقد دعم هذا المؤتمر مع الحكومتين العربيتين المنبثقتين عنه (حكومتا رضا باشا الركابي، وهاشم الأتاسي، أول حكومتين في تاريخ سوريا المستقلة المعاصر) الثورات السورية التي قامت في المناطق التي كانت تحلتها وتحكمها الجيوش الأجنبية.
فإبراهيم هنانو مندوب حارم في المؤتمر السوري تزعم ثورة الشمال وقد استمرت هذه الثورة حتى بعد دخول الفرنسيين دمشق.
وصبحي بركات مندوب أنطاكية تزعم الثورة في منطقته.
ومحمود فاعور مندوب القنيطرة قاد ثورة الجولان.
وكذلك قاد عبد الرزاق الدندشي مندوب تلكلخ ثورة الدنادشة.
ونسق هؤلاء مع ثورة صالح العلي، في الجبال الساحلية التي تلقت الدعم المادي والمعنوي من المؤتمر السوري والحكومة العربية في دمشق.
انتخب المؤتمر السوري هاشم الأتاسي في الجلسة الأولى التي عقدها في 3 / 6 / 1919 في مقر النادي العربي بدمشق، وبالإجماع رئيساً له.
وكان أول من واجهه المؤتمر هو مجئ لجنة الاستفتاء الأميركية (لجنة كرين). وقد فوض المؤتمر وفداً من واحد وعشرين مندوباً يمثلون جميع مناطق سورية، وبرئاسة هاشم الأتاسي، لمقابلة هذه اللجنة. فصاغ هذا الوفد مشروع قرار يعبر عن رأي المؤتمر، وبالتالي عن رأي الشعب السوري بجميع مناطقه وطوائفه، و فئاته، أقره المؤتمر ثم سلمه إلى لجنة الاستفتاء (لجنة كرين) حين اجتمع معها في 3 تموز 1919.
انظر:
هاشم الأتاسي حياته – عصره .. مقدمه
هاشم الأتاسي حياته – عصره .. البيئة والعائلة
هاشم الأتاسي حياته – عصره .. العمل في الإدارة العثمانية