الحزب السوري القومي الإجتماعي – المبادئ الأساسية
المبادئ الأساسية
المبدأ الأول: سورية للسوريين والسوريون أمة تامة.
المبدأ الثاني: القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كل الاستقلال عن أية قضية أخرى.
القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كل الاستقلال عن أي قضية أخرى.
يمثل هذا المبدأ فكرة أن جميع المسائل الحقوقية والسياسية التي لهاعلاقة بأرض سورية أو جماعة سورية هي أجزاء من قضية واحدة غير قابلة التجزئة أو الاختلاط بشؤون خارجية يمكن أن تلغي فكرة وحدة المصالح السورية.
والواقع أن هذا المبدأ هو نتيجة وتكميل للمبدأ الأول. فيما أن سوية للسوريين الذين يشكلون أمة تامة لها حق السيادة، كان من البديهي أن تكون قضيتها وأي قضية حياتها ومصيرها متعلقة بها وحدها ومنفصلة عن كل قضية أخرى تتناول مصالح تخرج عن متناول الشعب السوري.
إن هذا المبدأ يحفظ للسوريين وحدهم حق تمثيل قضيتهم والبت في مصير مصالحهم وحياتهم ويجعل قضيتهم كلية. غير قابلة للتجزئة.
ويعني هذا المبدأ، من الوجهة الروحية، أن إرادة الأمة السورية التي تمثل مصالحها هي إرادة عامة، وأن مثلهم العليا التي يريدون تحقيقها هي مثل عليا ناشئة من نفسيتهم- من مزاجهم الخاص ومواهبهم، لا يمكن أن يسمحوا بتلاشيها أو بالفصل بينهم وبينها أو بخلطها مع أهداف أخرى يمكن أن تضيع فيها.
وهذه المثل العليا هي الحرية والواجب والنظام والقوة التي تفيض بالحق والخير والجمال في أسمى صورة ترتفع إليها النفس السورية فلا يمكن أن يمثلها أو يحققها لهم غيرهم، لأن لهم نفسيتهم الخاصة.
بناء على هذا المبدأ يعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي أنه لا يعترف لأية شخصية أو هيئة غير سورية بحق التكلم باسم المصالح السورية في المسائل الداخلية أو الانترنسيونية، أو بحق ادخال مصير المصالح السورية في مصالح أمة غير الأمة السورية.
إن ملايين الفلاحين والعمال وأصحاب الحرف والمهن والتجارات والصناعات الذين تتألف الأمة السورية منهم لهم إرادة ومصلحة في الحياة يجب أن تبقيا من شأن مجموعهم وحده.
لا يعترف الحزب السوري القومي الاجتماعي لأية شخصية أو هيئة غير سورية بحق وضع مثلها العليا موضع مثل الأمة السورية العليا.
المبدأ الثالث: القضية السورية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري.
يتناول هذا المبدأ تحديد القضية السورية الواردة في المبدأ السابق تحديداً لا يقبل التأويل، وهو يظهر العلاقة الحيوية، غير القابلة الفصل، بين الأمة والوطن فالأمة بدون وطن معين لا معنى لها، ولا تقوم شخصيتها بدونه، وهذا الوضوح في تحديد القضية القومية يخرج معنى الأمة من الخضوع لتأويلات تاريخية أو سلالية أو دينية مغايرة لوضع الأمة ومنافية لمصالحها الحيوية والأخيرة.
إن وحدة الأمة والوطن تجعلنا نتجه نحو فهم الواقع الاجتماعي الذي هو الأمة بدلاً من الضلال وراء أشكال المنطق الصرف وتراكيب الكلام.
وإن الترابط بين الأمة والوطن هو المبدأ الوحيد الذي تتم به وحدة الحياة. ولذلك لا يمكن تصور متحد إنساني اجتماعي من غير بيئة تتم فيها وحدة الحياة والاشتراك في مقوماتها أو مصالحها أو أهدافها وتمكن من نشوء الشخصية الاجتماعية التي هي شخصية المتحد – شخصية الأمة.
المبدأ الرابع:
الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي.
يتبع هذا المبدأ مبدأ التسلسل التحليلي. فهو تحديد لماهية الأمة المذكورة في المواد السابقة. وهو من حيث مدلوله الاتنولوجي يحتاج إلى تدقيق وامعان. ليس القصد من هذا المبدأ رد الأمة السورية إلى أصل سلالي واحد معين، سامي أو آري، بل القصد منه إعطاء الواقع الذي هو النتيجة الأخيرة الحاصلة من تاريخ طويل يشمل جميع الشعوب التي نزلت هذه البلاد وقطنتها واحتكت فيها بعضها ببعض واتصلت وتمازجت، منذ عهد أقوام العصر الحجري المتأخر السابقة الكنعانيين والكلدان في استيطان هذه الأرض، إلى هؤلاء الأخيرين إلى الأموريين والحثيين والآراميين والأشوريين والأكاديين الذين صاروا شعباً واحداً.
وهكذا نرى أن مبدأ وحدة سلالية، بل على مبدأ الوحدة الاجتماعية الطبيعية لمزيج سلالي متجانس، الذي هو المبدأ الوحيد الجامع لمصالح الشعب السوري، الموحد لأهدافه ومثله العليا، المنقذ القضية القومية من تنافر العصبيات الدموية البربرية والتفكك القومي.
ان الذين لا يفقهون شيئاً من مبادئ علم الاجتماع، ولا يعرفون تاريخ بلادهم، يحتجون على هذه الحقيقة بادعاء خلوص الأصل الدموي وتفضيل القول بأصل واحد على الاعتراف بالمزيج الدموي. انهم يرتكبون خطأين، خطاً علمياً وخطاً فلسفياً. فتجاهل الحقيقة التي هي أساس مزاجنا ونفسيتنا وإقامة وهم مقامها، فلسلفة عقيمة تشبه القول بأن خروج جسم يدور على محور عن محوره أفضل لحركته! أما ادعاء نقاوة السلالة الواحدة أو الدم فخرافة لا صحة لها في أمة من الأمم على الإطلاق وهي نادرة في الجماعات المتوحشة، ولا وجود لها إلا فيما.
كل الأمم الموجودة هي خليط من سلالات المفلحي الرؤوس والمعتدلي الرؤوس والمستطيلي الرؤوس ومن عدة أقوام تاريخية، فإذا كانت الأمة السورية مؤلفة من مزيج من الكنعانيين والآراميين والأشوريين والكلدان والحثيين والأكاديين والمتني فإن الأمة الفرنسية مؤلفة من مزيج من الجلالقة واللغوريين والفرنك الخ.
وكذلك الأمة الإيطالية مؤلفة من مزيج من الرومان واللاتين والسمنيين والاتروريين (الاترسكيين) الخ. وقس على ذلك كل أمة أخرى. “السكسون والدنمركيون والنرمان، هذا ما نحن” هكذا يقول تنيسن في أمته الإنكليزية.
أما أفضلية خلوص الأصل ونقاوة السلالة على الامتزاج السلالي (خصوصاً بين السلالات الراقية المتجانسة) فقد قام الدليل على عكسه، فإن النبوغ السوري وتفوق السوريين العقلي على من جاورهم وعلى غيرهم أمر لا جدال فيه فهم الذين مدنوا الأغريق ووضعوا أساس مدنية البحر المتوسط التي شاركهم فيها الأغريق فيما بعد. لقد كان النبوغ الأغريقي في أثينة المختلطة لا في أسبرطة الفخورة بأنسابها، المحافظة على صفاء دمها.
ومع ذلك لابد من الاعتراف بواقع الفوارق السلالية، ووجود سلالات ثقافية، وسلالات منحطلة، وبمبدأ التجانس التجانس والتباين الدموي أو العرقي.
وبهذا المبدأ يمكننا أن نفهم أسباب تفوق السوريين النفسي الذي لا يعود إلى المزيج المطلق بل إلى نوعية المزيج المتجانس الممتازة والمتجانسة تجانساً قوياً مع نوعية البيئة.
إن مدلول الأمة السورية يشتمل على هذا المجتمع الموحد في الحياة، الذي امتزجت أصوله وصارت شيئاً واحداً، وهو المجتمع القائم في بيئة واحدة ممتازة عرفت تاريخياً باسم سورية وسماها العرب “الهال الخصيب” لفظاً جغرافياً طبيعياً محض لا علاقة له بالتاريخ ولا بالأمة وشخصيتها.
فالأصول المشتركة: الكنعانية – الكلدانية- الآرامية – الأشورية – الارامية- الحثية- المتنية- الأكادية التي ، وجودها وامتزاجها حقيقة علمية تاريخية لا جدال فيها، هي أساس اتني- نفسي- تاريخي- ثقافي، كما أن مناطق سورية الطبيعة “الهلال الخصيب” هي وحدة جغرافية – زراعية – اقتصادية – استراتيجية.
إن هذه الحقيقة الاتنية والجغرافية كانت ضائعة ومشوشة لتبعثرها في الحوادث التاريخية المتعاقبة، التي طمست الآثار وأقامت التعاريف الأجنبية المتعددة مقام حقيقة الواقع، ولتنوع الترجمات المتعددة لحوادث التاريخ القومي. فإن عدداً من المؤرخين قصر تعريف سورية على سورية البيزنطية أو الأغريقية المتأخرة الممتدة من طوروس والفرات إلى السويس، فأخرج الأشوريين والكلدان وتاريخ بابل ونينوى من تاريخ سورية.
وإن عدداً آخر قصر تعريف سورية على البقعة ما بين كيليكية وفلسطين، فأخرج فلسطين أيضاً من تحديد سورية.
وجميع هؤلاء المؤرخين هم أجانب لم يدركوا واقع الأمة السورية وواقع بيئتها وتطورات نشوئها. وقد جاراهم أكثر المشتغلين بالتاريخ من السوريين المتعلمين من التواريخ الأجنبية بلا تحقيق بالتبست علينا الحقيقة وضاعت معها قضيتنا الحقيقية، إلى أن أكملت تنقيبي وتحليلي وتعليلي. وأفصلها بكاملها في كتاب علمي على حده.
إن تاريخ الدول السورية القديمة الأكادية والكلدانية والأشورية والحثية والكنعانية والآرامية والأمورية تدل كلها على اتجاه واحد: الوحدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الهلال السوري الخصيب.
هذه الحقيقة تجعلنا نفهم الحروب الأشورية والكلدانية للسيطرة على جميع سورية فهما جديداً يخالف الفهم المستمد من التحديدات غير الصحيحة.
فهذه الحروب هي حروب داخلية. هي نزاع على السلطة بين قبائل الأمة الأخذة في التكون، والتي استكملت فيما بعد تكونها، والتي استكملت فيما بعد تكونها. وإن الكلدان والأراميين هم شعب واحد في الأصل، ولسان واحد، فاللغة الآرامية هي الكلدانية والأشوريون هم شق منهم أيضاً.
لا ينافي هذا المبدأ، مطلقاً، ان تكون الأمة السورية إحدى أمم العالم العربي، او احدى الأمم العربية.
كما أن كون الأمة السورية أمة عربية لا ينافي أنها أمة تامة لها حق السيادة المطلقة على نفسها ووطنها. ولها، بالتالي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كل الاستقلال عن أية قضية أخرى.
الحقيقة أن الغفلة عن هذا المبدأ الجوهري هي التي أعطت المذاهب الدينية في سورية المدية، التي قطعتها بين نزعة محمدية عربية ونزعة مسيحية فينيقية ومزقت وحدة الأمة وشتتت قواها.
إن هذا المبدأ ينقذ سورية من النعرات الدموية، التي من شأنها إهمال المصلحة القومية العامة والانصراف إلى الانشقاق والفساد والتخاذل. فالسوريون الذين يشعرون أو يعرفون أنهم من أصل آرامي لا يعود يهمهم إثارة نعرة دموية آرامية ضمن الأمة والبلاد، ما دام هنالك اتباع لمبدأ الوحدة القومية الاجتماعية والتساوي في الحقوق والواجبات المدنية والسياسية والاجتماعية، بدون تمييز بين فارق دموي أو سلالي سوري.
وكذلك الذي يعلم أنه متحدر من أصل فينيقي (كنعاني) أو عربي أو صليبي لا يعود همه سوى مسألة متحده الاجتماعي، الذي تجري ضمنه جميع شؤون حياته، والذي على مصيره يتوقف مصير عياله وذريته وآماله ومثله العليا هذا هو الوجدان القومي الصحيح. فإذا كانت النعرة الفينيقية هي الـ THESE
والنعرة العربية هي الـ ANTITHSES أو بالعكس.
أي إذا كانت النعرتان الدينيان تضعان نظريتين متعارضتين، فما لا شك فيه أن مبدأ وحدة الأمة السورية المؤلفة من سلالتين أساسيتين مديترانية وآرية، من العناصر التي كونت في مجرى التاريخ المزاج السوري والطابع السوري النفسي والعقلي هو المبدأ الذي يقدم الـ SYNTHESE أو المخرج النظري من تعارض النظريتين مذهباً واحداً هو القومية.
إن في هذا المبدأ إنهاء جدل عقيم يهمل الواقع المحسوس ويتشبث باللا حسي جدل يحل علم الكلام محل علم الاجتماع.
لا يمكن أن يؤول هذا المبدأ بأنه يجعل اليهودي مساوياً في الحقوق والمطالب للسوري، وداخلاً في معنى الأمة السورية. فتأويل كهذا بعيد جداً عن مدلول هذا المبدأ الذي لا يقول، مطلقاً، باعتبار العناصر المحافظة على عصبيات أو نعرات قومية أو خاصة، غربية، داخلة في معنى الأمة السورية. إن هذه العناصر ليست داخلة في وحدة الشعب.
إن في سورية عناصر وهجرات كبيرة متجانسة مع المزيج السوري الأصلي، يمكن أن تهضمها الأمة إذا مر عليها الزمن الكافي لذلك ويمكن أن تذوب فيها وتزول عصبياتها الخاصة. وفيها هجرة كبيرة لا يمكن بوجه من الوجوه أن تتفق مع مبدأ القومية السورية هي الهجرة اليهودية. إنها هجرة لا يمكن أن تهضم لأنها هجرة شعب اختلط مع شعوب كثيرة فهو خليط متنافر وله عقائد غريبة جامدة وأهدافه تتضارب مع حقيقة الأمة السورية وحقوقها وسيادتها ومع المثل العليا السورية تضارباً جوهرياً. وعلى السوريين القوميين أن يدفعوا هذه الهجرة بكل قوتهم.
المبدأ الخامس :
الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية. وهي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص، إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق. ويعبر عنها بلفظ عام:الهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص.
هذه حدود هذه البيئة الطبيعية، التي حضنت العناصر الجنوبية والشمالية المتجانسة التي نزلت واستقرت فيها واتخذت موطناً لها.
تدور فيه حياتها، ومكنتها من التصادم ثم من الامتزاج والاتحاد وتكوين هذه الشخصية الواضحة، القوية، التي هي الشخصية السورية، وحبتها بمقومات البقاء في تنازع الحياة.
وكما تنبه الكلدان والأشوريون إلى وحدة هذه البلاد، من الداخل، وسعوا لتوحيدها سياسياً، لعنايتهم بالدولة البرية، وكما عرف هذه الحقيقة كل شعوب هذه البيئة واهتموا بالمحالفات وإنشاء نوع من اللامركزية في بعض الأزمنة.
كذلك تنبه العرب في دقة ملاحظتهم السطحية إلى وحدتها الجغرافية الطبيعية فسموها “الهلال الخصيب”.
إن سر بقاء سورية وحدة خاصة وأمة ممتازة، مع كل ما مر علينا من غزوات من الجنوب والشمال والشرق والغرب، هو في هذه الوحدة الجغرافية البديعة وهذه البيئة الطبيعية المتنوعة الممكنات من سهول وجبال وأودية وبحر وساحل، هذا الوطن الممتاز لهذه الأمة الممتازة.
وهي هذه الوحدة الجغرافية، التي جعلت سويرة وحدة سياسية، حتى في الأزمنة الغابرة، حين كانت هذه البلاد مقسمة إلى كنعانيين وآراميين وحثيين وأموريين وأشوريين وكلدانيين.
وقد ظهرت هذه الوحدة السياسية في عقد المحالفات اثناء أخطار الحملات المصرية وغيرها، وفي الحملات السورية على مصر من أيام “الهكسوس”، كما ظهرت مكتملة نهائياً، فيما بعد، في تكوين الدولة السورية في العهد السلوقي، التي صارت امبراطورية قوية بسطت سلطتها على آسية الصغرى وامتدت فتوحاتها إلى الهند.
ان فقد الأمة السورية سيادتها على نفسها ووطنها، بعامل الفتوحات الخارجية الكبرى، وإخضاع البلاد السورية لسيادات خارجية عرض البلاد إلى تجزية وإطلاق تسميات سياسية مجتزأة عليها. ففي العهد البيزنطي- الفارسي بسطت الدولة البيزنطية سيادتها على سورية الغربية كلها واقتصر اسم سورية على هذا القسم، وبسطت الدولة الفارسية سيادتها على سورية الشرقية “مابين النهرين أو أراضي آشور وبابل القديمة” وأطلقت عليها اسم “ايراه” الذي عربه العرب فصار العراق.
وبعد الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) بسطت السيادة الأجنبية المثناة (بريطانيا وفرنسة) على سورية الطبيعية وجزئت حسب المصالح والأغراض السياسية وحصلت التسميات: فلسطين، شرق الاردن، لبنان، سورية (الشام)، كيليكية، العراق، فتقلص اسم سورية إلى منطقة الشام المحدودة. وكانت قد أخرجت جزيرة قبرص من حدود سورية مع أنها قطعة من أرضها في الماء.
إن سورية الطبيعية تشمل جميع هذه المناطق التي تكون وحدة جغرافية – زراعية- اقتصادية- استراتيجية لا يمكن قيام قضيتها القومية الاجتماعية بدون اكتمالها.
أشرت في المبدأ الرابع إلى تضارب التواريخ الأجنبية في تحديد سورية ومتابعة المؤلفين والكاتبين في التاريخ من السوريين التواريخ الأجنبية في تعاريفها واعتمادهم بالأكثر التحديد الذي عرف في العهد البيزنطي- الفارسي، الذي جعل حدود سورية الشمالية الشرقية نهر الفرات وسمى القسم الشرقي، ما بين النهرين، (ايراه).
وان اقتسام البيزنطيين والفرس سورية فيما بينهم وإقامة الحواجز بين سورية الشرقية وسورية الغربية عرقل كثيراً، وإلى مدة طويلة، النمو القومي ودورة الحياة الاجتماعية الاقتصادية ونتج عن ذلك ابهام في حقيقة حدود سورية.
وزاد الطين بلة هجوم الصحراء ودخولها في تجويف الهلال السوري الخصيب بعامل تناقص السكان وتقلص العمران بسبب الحروب والغزوات، وبعامل قطع الغابات وتجريد مناطق واسعة جداً من البلاد من حرجاتها. وان عدم وجود دراسات سابقة، موثوقة في أسباب زيادة الجفاف في تجويف الهلال السوري الخصيب وتناقص العمران فيه، ساعد على اعتبار التمدد الصحراوي حالة طبيعية دائمة، الأمر الذي أثبت بطلانه تحقيقي الأخير.
ان تحقيقي اثبت وحدة البلاد وأعطى التعليل الصحيح لوضعها وأسباب تجزئتها الخارجية عن حقيقتها.
فثبت منطقة ما بين النهرين ضمن الحدود السورية وأصلحت تعبيري الأول (صفاف دجلة) الذي كنت اعتمدته، بجعله أوضح وأكمل باعطائه مدى ومعنى منطقة ما بين النهرين التي تصل حدودها إلى جبال البختياري، إلى الجبال التي تعين الحدود الطبيعية بين سورية الشرقية وإيران.
أما جزيرة قبرص فقد احتلها الفينيقون من قديم الزمانن وصارت من مراكزهم الهامة، وفيها ولد الفيلسوف السوري الفينيقي زينون صاحب المدرسة الراقية.
“إن سورية الوطن هي عنصر أساسي في القومية السورية وكل سوري قومي اجتماعي يجب أن يعرف حدود وطنه ويبقى صورة بلاده الجميلة مائلة لعينيه ليجدر به أن يكون سورياً قومياً اجتماعياً صحيحاً”.
ولكي يقدر السوري القومي الاجتماعي أن يحفظ حقوقه وحقوق ذريته في هذا الوطن الجميل، يجب عليه أن يفهم جيداً وجدة أمته ووحدة حقوقها ووحدة الوطن وعدم قابلية تجزئته.
“قلت في كتابي الأول من “نشوء الأمم” ان فاعلية الأمة وحيويتها تعدل حدود بيئتها الطبيعية. فإذا كانت الأمة قوية نامية تغلبت على الحدود، وامتدت وراءها فتوسع حدودها. وإذا كانت الأمة ضعيفة، ذاوية تقلصت عن حدود بيئتها الطبيعية. وبعد انهيار الدول السورية العظمى طغت على الأمة السورية موجة ضعف وتقلص فتراجعت عن حدودها. وخست قبرص لليونان ومن أتى بعدهم وخست شبه جزيرة سيناء لمصر. وخسرت كيليكية للأتراك، وجزأتها الدول التي غزتها واحتلتل وطنها أو بعض أجزائه.
“إن النهضة القومية الاجتماعية تعبر عن عودة فاعلية الأمة السورية وحيويتها إليها لتعود إلى القوة والنمو واستعادة ما خسرته من بيئتها الطبيعية”.
المبدأ السادس:
الأمة السورية مجتمع واحد
إلى هذا المبدأ الأساسي تعود بعض المبادئ الاصلاحية التي سيرد ذكرها وتفصيلها (فصل الدين عن الدولة، إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب). وهذا المبدأ هو من أهم المبادئ التي يجب أن تبقى حاضرة في ذهن كل سوري. فهو أساس الوحدة القومية الحقيقي ودليل الوجدان القومي،والضمان لحياة الشخصية السورية واستمرارها. أمة واحدة – مجتمع واحد. فوحدة المجتمع هي قاعدة وحدة المصالح، ووحدة المصالح هي وحدة الحياة. وعدم الوحدة الاجتماعية ينفي المصلحة العامة، التي لا يمكن التعويض عنها بأية ترضيات وقتية.
في الوحدة الاجتماعية تضمحل العصبيات المتنافرة والعلاقات السلبية وتنشأ العصبيات القومية الصحيحة، التي تتكفل بأنهاض الأمة.
في الوحدة الاجتماعية تزول الحزبيات الدينية وآثارها السيئة وتضمحل الأحقاد وتحل المحبة والتسامح القوميان محلها، ويفسح المجال للتعاون الاقتصادي وللشعور القومي الموحد، وتنتفي مسهلات دخول الارادات الأجنبية في شؤون أمتنا الداخلية.
ان الاستقلال الصحيح، والسيادة الحقيقية، لا يتمان ويستمران إلا على وحدة اجتماعية صحيحة، وعلى أساس هذه الوحدة فقط، يمكن إنشاء دولة قومية صحيحة وتشريع قومي اجتماعي مدني صحيح، ففيه أساس عضوية الدولة الصحيحة وفيه يؤمن تساوي الحقوق لأبناء الأمة.
المبدأ السابع:
تستمد النهضة السورية القومية الاجتماعية روحها من مواهب الأمة السورية وتاريخها الثقافي السياسي القومي.
قصد واضع تعاليم الحزب السوري القومي الاجتماعي بهذا المبدأ تأسيس الاستقلال الروحي، الذي يمثل الشخصية القومية ومزاياها ومثلها العليا وأهدافها.
فالحزب السوري القومي الاجتماعي يعتقد أنه لا يمكن توليد نهضة سورية إلا بعامل نفسية سورية أصيلة مستقلة. والحقيقة أن من أهم عوامل فقدان الوجدان السوري القومي، أو من عوامل ضعفه، إهمال نفسية الأمة السورية الحقيقية، الظاهرة في إنتاج رجالها الفكري والعملي، وفي مآثرها الثقافية، كاختراع الأحرف الهجائية التي هي أعظم ثورة فكرية ثقافية حدثت في العالم، وإنشاء الشرائع التمدنية الأولى ناهيك بآثار الاستعمار والثقافة السورية المادية – الروحية والطابع العمراني، الذي نشرته سورية في البحر السوري، المعروف في الجغرافيا بالمتوسط.
وبما خلده سوريون عظام كزينون وبر صليبي ويوحنا فم الذهب وأفرام والمعري وديك الجن الحمصي والكواكبي وجبران وطائفة كبيرة من مشاهير الأعلام قديماً وحديثاً.
أضف إلى ذلك قوادها ومحاربيها الخالدين من سرجون الكبير إلى أسرحدون وسنحاريب ونبوخذ نصر وأشور باني بال وتقلاط فلاصر إلى حنون الكبير إلى هاني بعل أعظم نابغه حربي في كل العصور وكل الأمم إلى يوسف العظمة الثاوي في ميسلون.
إننا نستمد مثلنا العليا من نفسيتنا، ونعلن أن في النفس السورية كل علم وكل فلسلفة وكل فن في العالم.
إذا لم تقو النفسية السورية وتنزه عن العوامل الخارجية وسيطرة النفسيات الغريبة، فإن سورية تبقى فاقدة عنصر الاستقلال الحقيقي وفاقدة المثل العليا لحياتها.
المبدأ الثامن
مصلحة سورية فوق كل مصلحة
ليس هناك أثمن من هذا المبدأ في العمل القومي. فهو أولاً دليل النزاهة للعاملين. ومن جهة أخرى يوجه العناية إلى الغاية الحقيقية من العمل القومي، التي هي مصلحة الأمة السورية وخيرها.
أنه مقياس الحركات والأعمال القومية كلها.
وبهذا المبدأ الواقعي يمتاز الحزب السوري القومي الاجتماعي على كل الفئات السياسية في سورية، فوق ما يمتاز بمبادئه الأخرى، في أنه يقصد المصلحة المحسوسة المعينة التي تشارك فيها حاجات ملايين السوريين وحالات حياتهم. إنه ينقذنا من الحوم حول معان للجهاد القومي هي من باب اللامحسوس، أو غير المفيد.
إن هذا المبدأ يقيد جميع المبادئ بمصلحة الشعب فلا يعود الشعب يقاد بالدعوات لمبادئ تخدم مصالح غير مصلحته.
إن حياة الأمم هي حياة حقيقية، لها مصالح حقيقية وإذا كان الحزب السوري القومي الاجتماعي قد تمكن من احداث هذه النهضة القومية الباهرة في وطننا، فالفضل في ذلك يعود إلى أنه يمثل مصلحة الأمة السورية الحقيقية وإرادتها في الحياة.
إن سورية تمثل لنا شخصيتنا الاجتماعية ومواهبنا وحياتنا المثلى ونظرتنا إلى الحياة والكون والفن، وشرفنا وعزنا ومصيرنا، لذلك هي لنا فوق كل اعتبار فردي وكل مصلحة جزئية.