شهادات ومذكرات
مرويات فارس الخوري حول حادثة خربة غزالة عام 1920
مرويات فارس الخوري عن حادثة خربة غزالة عام 1920م والتي قتل فيها علاء الدين الدروبي رئيس الحكومة وعبد الرحمن اليوسف وآخرون.
فارس الخوري وزير المالية في حكومة علاء الدين الدروبي روى وسجل في أوراقه ما جرى في ذلك اليوم وكذلك يوضح فيها أسباب عدم اشتراكه بالوفد الحكومي الذي تعرض للاعتداء في خربة غزالة في الحادي والعشرين من آب عام 1920م(1).
يكتب فارس الخوري:
“كانت البلاد مضطربة وازداد هيجان الناس وسادت النقمة في منطقة حوران، فطلب الفرنسيون من الوزارة أن تتوجه إلى حوران لتهدئة الأحوال.
وفي ذلك الحين كان الحورانيون الذين ساءهم إخراج ملك البلاد بالشكل الذي أخرج فيه ينوون الالتحاق بالأردن الذي لم يكن تقرر كيانه بعد، ويدعون لذلك بقوة وعنف، والإنكليز يشجعونهم على ذلك.
فطلب الفرنسيون إلى الرئيس علاء الدين الدروبي أن يتوجه ووزراؤه إلى حوران لتهدئة الأحوال ولإقناع الأهالي بالبقاء ضمن الأسرة السورية.
وألح الفرنسيون في هذا الطلب. إلا أننا نحن الوزراء كنا نعلم أن لا فائدة من ذهابنا إلى هناك لأن الحورانيين متعصبون ومستعدون للمقاومة”.
ويتابع:
“أنا شخصياً بعدما سمعت عن شدة نعمة الحورانيين كنت أدرك أن الوزراء فيما لو ذهبوا إلى هناك فإنهم لن يجدوا آذاناً صاغية بل لسوف يهانون ويتبهدلون.
وقد نصحت علاء الدين الدروبي بعدم الذهاب، ولم يكن هو نفسه يرغب بالذهاب إلا أنه مال لمسايرة الفرنسيين.
وكان جميل الألشي أشدنا حماسة لذهاب الوزراء إلى حوران فقد كان على اتصال وثيق بالفرنسيين وكان يذهب إليهم ويعود إلينا بطلباتهم وكان يقول لنا في محاولاته لإقناعنا :”إذا راحت منا حوران فستبقى دولتناا السورية صغيرة جداً”.
وفي حين كنت لا أفتأ أعارضهم وأبصرهم بالعواقب التي قد تنتج عن ذهابهم إلى هناك.
والمعروف أن علاء الدين الدروبي الذي رأى أنه قد ينجح في مهمته، ذهب مع بعض وزرائه إلى حوران وتخلف البعض الآخر”.
يضيف: “تخلفت أنا عن الذهاب معهم وكنت وزيراً للمالية كما تخلف جلال زهدي وزير الدلية وبديع المؤيد العظم وزير المعارف وجميل الألشي وزير الحربية”.
“وقد بقي جميل الألشي في دمشق لأن السفر كان يوم الجمعة وكان لابد من أن يبقى في دمشق ممثل للحكومة ليصلي في الجامع الأموي، لكنني أعتقد أنه أيضاً في قراراه نفسه لم يكن يرغب في الذهاب إلى هناك”.
“وبعد الظهر ورد نبأ هاتفي إلى جميل الألشي ينقل إليه تفاصيل الحادثة فاتصل بي وقال مذهولاً: “الوزراء قتلوا”.
“رددت مندهشاً”: “قتلوا؟” قال: “نعم قتلوا”، فقلت له “أما قلت لك ينبغي ألا يذهب أحد..؟” فأجابني جميل الألشي “وهل كنت أعلم أنهم سيتصرفون بهذا الشكل؟”.
(1) أوراق فارس الخوري، الكتاب الثاني 1918- 1924 العهد الفيصلي وبداية الانتداب، الطبعة الثانية، دمشق عام 2001م، صـ 87-88.