You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

عبد الرحمن الشهبندر 1934: هل أتعظنا؟

عبد الرحمن الشهبندر – صحيفة الدفاع

لو أخذنا للحرب عدتها وتهيأنا لملاقاة الأخطار وبثثنا روح القومية والاستقلال في كل بقعة من بقاع العالم العربي لخرجنا من الحرب العامة في أواخر عام 1918م، كما خرجت بولندة منها بعد تمزيقها، أمة متمتعة بحريتها الصحيحة وإستقلالها التام، ولكن كان استعدادنا ناقصاً فخرجنا من الحرب أمة مشوهة عرجاء.

على أنني لست متشائماً أبداً من جميع ما حدث، ولو أن سورية شمالها وجنوبها وهي عقر داري- قد كاد ينقصم ظهرها- من دون سائر العالم العربي بالضربة التي أصابتها من الاستعمار، ويبعدني عن التشاؤم أن الأمة العربية قبيل الحرب العامة لم تشغل مكاناً في الميزان الدولي، ولم تتمتع بشئ من الاستقلال المعترف به حتى في نجد واليمن.

أما اليوم فلنا العراق، ولنا الحجاز ونجد  ولنا العربية السعيدة، فهذه الأقطار لها من الحرية السياسية ما يضمن لكل وطني صادق ان يعمل منذ الآن لملاقاة الأخطار الواقعة في الجزيرة البشرية الآتية قريباً والواقفة بالمرصاد:

العالم في الغرب وفي الشرق جالس على برميل من البارود لا يعلم أحد متى تصيبه الشرارة من زند الاحتكاك والاختلاف، فإذا وقعت الواقعة وكنا في الآتي كما كنا في الماضي على غير استعداد تحملنا وزراً لا تمحو لعناته الأجيال.

إن علينا واجباً في كل بقعة من بقاع العالم العربي، وهو بث روح القومية وزرع الأمل، ولا يعذر أحد منا على تقاعسه كائنة ما كانت العقبات التي تعتوره وبالغة ما بلغت المتبطات المادية والمعنوية التي تصادفه، ومهما كانت “تعرتنا” من المبشرين فعلينا أن نتلقى من الصادقين منهم دروساً عملية في الأناة والصبر وطول الأمل وتلقين المبادئ رغم المقاومات.

ثم مالنا وقد أيقنا أن الحياة صراع لا تمرن أظافرنا على الخمس وأنيابنا على العطس وأرجلنا على العض وأرجلنا على الرفص ورؤوسنا على النطح ولاسيما نحن في أحوالنا الحاضرة نستطيع الحصول على الدبابات والطيارات؟

الحياة صراع فالواجب أن ننمي جميع الأدوات التي يمكن استخدامها في الهجوم والدفاع، وأن القاعدة الشرعية المبنية على الحديث الصحيح في مقاومة الشر لهي القاعدة القومية عينها في الدفاع عن الوطن، فمن رأى منكم منكراً يهدد الأمة العربية في سلامتها وأسباب حياتها وصيانة “جوزتها” فليغيره ببندقيته وإن لم يستطع فبحسامه وان لم يستطع فبظفر أو نابه أو رجله أو رأسه وذلك أضعف الإيمان.

إن الذين بهرتهم مدنية الغرب حاولوا أن يثبتوا لنا أن المجتمع الحديث قائم من أساسه على الأخلاق ومقتضيات العدل والوجدان والشرف، ولكن هذه الأخلاق وهذه المبادئ أفلست إفلاساً مزرياً، وأخفقت بصورة أماطت اللثام عما يضمر الذئب للحمل, وآخر مظهر من مظاهر هذا الإفلاس في الشرق ما أصاب الأمة السورية العربية من التشتيت جزاء الخدم الجلى التي قدمتها لمن ابتدعوا كلمة الانتداب وأوهموا البسطاء أنهم سيعيدون العصر الذهبي في الشرق الأوسط، وقد آن للعرب أن يكيلوا بغير الكيل الذي نشأوا عليه وأن يتيقنوا أنهم إذا لم يكونون ذئاباً أكلتهم الذئاب، وأن أوربا في حياتها العملية لا تعرف إنجيلاً غير الإنجيل الذي يقوم: “ويل للمغلوب وطوبي للغالب، وأن الحياة نزاع بين القوى والضعيف ولا يفوز فيها إلا الأنسب”.

فهنيئاً لم اتعظ وأدرك تلك الحكمة البالغة التي يتقرر بها مصير الأمم “ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

القاهرة 31 كانون الأول سنة 934

عبد الرحمن الشهبندر

المصدر
صجيفة الدفاع- يافا، العدد 219 الصادر في يوم الأجد السادس من كانون الثاني عام 1935



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى