You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

بيان حكومة رضا الركابي الثانية عام 1920

عقد المؤتمر السوري العام جلسة في يوم السبت السابع والعشرين من آذار عام 1920م، لمناقشة بيان حكومة رضا الركابي التي تشكلت بعيد تتويج فيصل ملكاً في الثامن من آذار.

نص البيان:

بيان الوزارة السورية أمام المؤتمر السوري العام

أيها السادة المحترمون،

هيئة الوزارة سعيدة جداً بكونها أول وزارة وطنية دستورية في تاريخ سورية ظهرت أمام أول مجلس ممثل للأمة تقرأ بيانها وتبسط خطتها فهي لذلك تفخر بتحية هذا المجلس الوطني الجليل الذي سيكون له الذكر الخالد جيلاً بعد جيل لأنه كان المعبر الصادق عن رغائبنا والمؤيد لحقوقها، والمؤسس لحكومتها الجديدة في تاريخها الجديد.

تعلمون أيها السادة أنه عندما نشبت الحرب واقتحمتها دول الأرض الواحدة تلو الأخرى قامت الأمة العربية بزعامة رئيسها وأميرها جلالة الملك حسين المعظم وانضمت إلى جانب الحلفاء تقاتل معهم جنباً إلى جنب وترخص الضحايا الغالية في الدفاع عن القضية المشتركة أملاً بنيل استقلالها والتخلص من الاستعباد الذي أناخ عليها مدة طويلة ضاعت فيه مدنيتها القديمة وتقوضت دعائم عزها الاثيل وكان قيامها وانضمامها للحفاء في أيامهم الحرجة عندما كانت كفة انتصارهم غير راجحة ضرية شديدة على الآمال الواسعة التي توقعتها ألمانية ومتفقوها من التحاق الدولة العثمانية بهم وذلك لما للأمة العربية من المقام التاريخي والإجتماعي وجنى الحلفاء من جراء ذلك فؤائد عظيمة اشتد بها آزرهم وفتر في سواعد خصومهم وانتهت الحرب باندحار الألمان ومتفقيهم وانتصار مبادئ الحق على القوة وتحررت الأمة العربية بفضل ما قام به جلالة الملك حسين المعظم وأنجاله البواسل من الأعمال العظيمة التي قلدوا بها أعناق أمتهم أطواقاً من الشكر والفخر فهو إذن المؤسس الأول لتاريخ العرب الجديد الذي افتتحت به هذه الأمة عصرها الذهبي الثاني فنحن نرفع لسدته الملوكانية فروض التبجيل والشكر ونسجل لجلالته في تاريخنا فصول الإجلال والإمتنان.

كما أن نجله النابغ صاحب الجلالة الملك فيصل ملك سورية المعظم الذي أقام الدعوى السورية وأخذ على نفسه الدفاع عنها إلى الدرجة الأخيرة وواصل الجهاد في تحرير هذا القطر هو المؤسس الأول للمملكة السورية وصاحب الفضل الأكبر في استخلاصها، وإنشائها على قواعد الحرية والتجدد فاجتمعت عليه قلوب أبنائها وانعقدات آمالهم واتفقت كلمتهم على أنه ملك هذا القطر الذي لا يدافع وسيده الذي لا ينازع فنرفع لسدته الملوكية عهود الطاعة ونهنئ عرش سورية بالوطني الباسل والملك العادل.

ولا ننسى أن نذكر بلسان الشكر والتبجيل دول الحلفاء العظيمة التي أثبتت أقدامها الراسخة في مآزق الروع فأيدت مبادئ الحق  ودكت صروح الباطل ونادت بعهد جديد وعصر مجيد هو عهد حرمة الحقوق وحرية الشعوب وإنكار لسياسة الفتح والاستعمار وإبطال المعاهدات المكتومة المجحفة بحقوق الأمم، وإعطاء الشعوب المحررة حق تعيين مصيرها وقد نلنا من فضل معونتهم مالن تنساه هذه الأمة على هذه المبادئ النبيلة، والأساسات الراسخة انتخبت الأمة السورية أعضاء مجلسكم الموقر لأجل تعيين مصيرها على شكل يوافق أمانيها ويؤيد حقوقها التي منحتها إياها الطبيعية ودعمتها مفاداتها وضحاياها الجسيمة في الحرب العامة وأقربها الحفاء في عهودهم ووعودهم واعترفوا باشتراكهم معهم بالفخر بهذا النصر فاتفقت كلمتهم على إعلان استقلال سورية بحدودها المعروفة ضمن المناطق الثلاث التي قضى الاحتلال العسكري المؤقت إلى قسمتها إليها وعلى المناداة برجل الأمة ومحررها الأمير فيصل بن الحسين ملكاً عليها وعلى إنشاء حكومة دستورية مسئولة أمام مجلس الأمة ونشرتم بذلك قراراكم التاريخي الناطق بالحزم والحق في الثامن عشر من شهر جمادى الآخرة والثامن من شهر آذار الحاضر فكان ذلك اليوم مبدءاً لحياتنا الجديدة الحرة وقد قابلة الأمة بأجمعها عملكم المجيد بالاستحسان والابتهاج وأقامت المهرجانات والأفراح في جميع أنحاء البلاد فجاء عملها هذا دليلاً آخراً يثبت بالفعل إجماع الشعب على تأييد هذه الغاية وتفانيه في سبيل تحقيق أمانيه القومية الشريفة فنحن نطري عملكم هذا ونقدم لكم شكراً وثناء يسجل لكم في تاريخ الأمة.

إستناداً على هذا القرار الذي خرجت به رغائب الأمة من القول إلى الفعل، وظهر فيه الحزم وصدق العزيمة – عهد إلينا جلالة مولانا الملك المعظم بإدارة المملكة على المبادئ المدنية الدستورية التي اختارها مجلسكم الموقر فباشرنا العمل واستلمنا أزمة الأمور مستعينيين بالله ومعتمدين على مؤازرة الأمة وموطنين النفس على أن نبذل أقصى الجهد في سبيل المحافظة على الاستقلال التام ضمن الوحدة السورية لتتمكن أمتنا من الوصول إلى المقام الذي يليق بها بين الأمم الراقية من المدنية والعمران على نسبة نجابة أبنائها وتاريخها المجيد.

ولنا الأمل الوطيد بحسن نيات الحلفاء العظام أن يقابلوا حياتنا الجديدة بالسرور والارتياح ويعاضدونا في إزالة جميع العراقيل التي تحول دون  رقينا ونجاحنا خصوصاً الدولتين العظيمتين بريطانيا وفرنسا اللتين عرفتا بمحبتها للعرب وشملتهم معونتهما الثمينة في حرب حريتهم وكانتا أول من وافق على القواعد الصحيحة والغايات النبيلة التي جاءت الأمة الأميركية الشريفة لنجدتهم من عبر الاتلانتيك ولدينا من  وعدهما ما يضمن لنا استمرار ولائهما وبقاء محبتهما المفيدة لنا في أيام السلم كما كانتا في أيام الحرب فلا يكون منهما اليوم إلا ما يأتلف مع مبادئهما الشريفة ويسهل لنا طريق الفلاح والعمران.

وفوق ذلك فهما تعلمان علم اليقين أنا لا نرغب إلا الحياة المطمئنة الهادئة في ظل سلم عام ولا يمكن أن يستقر ذلك في سورية مع تجزئتها وحرمانها من الحكم الذاتي وتثقان أننا نصون مصالح جميع الأمم في بلادنا وخصوصاً مصالح هاتين الحليفتين العظيمتين بحيث نفيد ونستفيد وعملنا هذا منطبق على الغاية الشريفة التي خاضوا وخضنا معهم لأجلها غمار هذه الحرب الضروس وشهد لنا بالفضل فيها أعظم رجالهم مرات عديدة وهو مؤيد ومحقق لوعودهم بحق هذه الأمة.

فسياستنا الخارجية إذن هي سياسة السلم والولاء مع جميع الدول الأجنبية وخصوصاً مع دول الحلفاء الذين آزرونا في الحرب وسوف يآزرونا في السلم أيضاً وصيانة حقوق رعاياهم والإستفادة بما نحتاج إليه من مدنيتهم مما يساعد على رقينا ولا يمس باستقلالنا.

أما إدارتنا الداخلية فتبقى على الأساسات الحاضرة إلى أن يصدر القانون الأساسي الحاضرة إلى أن يصدر القانون الأساسي الذي يضمن لسكان كل مقاطعة من أبناء الوطن من السعي في سبيل عمران بلادهم وتزييد ثروتهم وترقية حالهم وسنبذل الجهد في توطيد الأمن العام، وإقامة قسطاس العدل بين الناس على شكل يوصل أصحاب الحقوق إلى حقوقهم بالسرعة المرغوبة وتقوية الجيش لأجل حفظ الأمن والنظام والدفاع عن الاستقلال التام ونحن نرى بملء السرور أن هذه الخطة منطبقة على رغائب الأمة التي تلبي دعوة الجندية بالحمية والرغبة للقيام بخدمة الوطن المقدسة وسنعني بصورة مخصوصة بنشر المعارف وجعل المدارس في حالة يمكنها أن تخرج للبلاد رجالاً مشبعين بحب الوطن وسلامة الفكر وقوة البنية ومتانة الأخلاق، وسنهتم بإغناء خزائن علومنا بترجمة كتب العلوم والفنون الحديثة والاستفادة من المعارف العربية وسنسعى لتحسين حالة البلاد الاقتصادية وإنماء زراعتها وتجارتها وصناعتها والاستفادة من خزائنها الأرضية ليكثر الإنتاج وتزداد الثروة العامة فتخفف عنا بذلك وبمراعات قاعدة الاقتصاد وطأة الغلاء الثقيلة التي شلت العالم وأصبحت شغل كبارهم وساستهم الشاغل.

ولما كانت هذه الأعمال لا تقوم إلا بالمال والحكومة لا يمكنها إبقاء هذه الوظائف بدون أن يكون لديها المقدار الكافي منه وكانت الواردات الحاضرة لا تقابل النفقات المبرمة التي يقتضيها تطورنا الجديد وإنفاذ خطيتنا المذكورة فإننا سنسعى لإيجاد التوازن بين الواردات والنفقات، وسنفرغ قصارى الجهد في سبيل إنفاق أموال الخزينة في وجوهها النافعة بحيث لا يصرف مال جزاف وبدون عمل يقابله.

ونحتاج في ذلك إلى حمية الأمة وإسراعها في تأدية التكاليف وإلى سخاء نحن إليه الآن أحوج منا إلى أي شيء كان.

وسيكون عملنا الآن بالقوانين والأنظمة المدنية العثمانية وما جرى تعديله ووضعه منها بعد عهدهم إلى أن يتيسر لنا تبديلها وتعديلها بصورة تدريجية على شكل يوافق حالة البلاد وأخلاقها ورقيها ويلائم المدنية الحاضرة ويصون حقوق الأفراد والجماعات ويساعد على رقينا الحقيقي.

والحكومة ترجو من المجلس الموقر أن يسرع بوضع القانون الأساسي وقانون الانتخابات وجمع المجلس التشريعي بأقرب ما يمكن وفي الختام نؤمل من الأمة وممثليها الكرام أن يعاضدونا في مهمتنا الوطنية ويحييكم باحترام.


وبعد أن تلي بيان حكومة رضا الركابي في اجتماع المؤتمر السوري العام، تكلم كل من رياض الصلح، وسعيد طليع ودعاس الجرجس وعبد القادر الخطيب، وتوفيق مفرج، وعزة دروزه الذين أثنوا على الوزارة ثم اقترح الرئيس بيان الثقة بالوزارة فقوبل بالتصفيق الحاد.

وعلى أثر ذلك وقف رئيس الوزراء وألقى الكلمات الآتية:

(أيها السادة،

إن هيئة الوزارة تشكركم على اعتمادكم عليها وستبذل الغاية والوسع وتسعى جهدها لخدمة الوطن.

وهي تطالب المعاضدة منكم في النهاية كما طلبتها في الأول).

وعلى أثر ذلك خرج الوزراء فشبعوا بالتصفيق الحاد، ثم ختمت الجلسة(1).


(1) جريدة حلب، الخميس العدد 135 الصادر في الأول من نيسان عام 1920م.

صحيفة العاصمة، العدد 113 الصادر في يوم الاثنين التاسع والعشرين من آذار 1920م.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى