من الصحافة
صحيفة 1920- طور جديد في مسألة سوريا
صحيفة 1920- طور جديد في مسألة سوريا
نشرت صحيفة لسان الحال مقالاً حول التطورات التي جرت في سورية في العدد الصادر في الثاني عشر من كانون الثاني عام 1920م،
نص المقال:
أرسل إلينا كاتب فاضل المقالة الآتية:
تطورت مسألة سوريا بين الوقت الحالي ومازال النهائي لم يقرأ عليه آية الختام ولعل ذلك أقرب مما يعتقد البعض وغير ما يتكهن به فريق عظيم.
كثرت الاتفاقات الموقتة ولعل واضعيها كانوا يرمون في وضعها إلى الإستفادة من التجارب وترويج نفوذ على نفوذ، والظاهر في السياسة ينطبق غالباً على الباطن ومظاهرة الإنكليز في إطلاق يد فرنسا فعلاً من الأدلة التي تقوي الاعتقاد بأن المؤتمر يبسط على سوريا الوصاية الفرنسوية دون غيرها.
وعندي إن بسط الوصاية الفرنسوية على سوريا هو الأقنوم السياسي الوحيد الذي يمكن أن تتألب عليه المشارب، وينطبق على حالة الطوائفالسورية ومذاهبها لأن الروح الأفرنسية هي التي تندمج مع أخلاق الشعب السوري دون أن يؤثر اندماجها على شيئ من جوهر الإعتقاد والتقليد.
قالت الأنباء البرقية الرسمية أن الأمير فيصل يعود بعد أسبوع إلى الشرق ولعل الحركة التي قام بها بعض المقربين من الأمير في حكومته قد جعلته أن يعجل بالرجوع ولا ينتظر بحث المؤتمر في مسألة تركيا بصفته نائباً عن الحجاز.
ولا عجب إذا كان المسيو كلمنصو أفهم الأمير فيصل أنه لم يقدر أن يقوم بالإتفاق الأخير معه، ولم تحافظ الحكومة العربية المحتلة للمنطقة الشرقية على الأمن والراحة وهي إما أن تكون معضدة للعصابات المنتشرة في ثلث المنطقة العائثة فساداً في جميع أطرافها ، وإما عاجزة عن ضبط الأمن فلا مندوحة من توغل الجيش الفرنسوي في الداخلية لأجل المحافظة على أرواح العباد ووضع حد لثورة يضرمها لفيف من المتهوسين على منافع خصوصية تزول وتنقضي فيما لو جرى العدل مجراه لأن المستبد لا يصطاد إلا في الماء العكر.
من أمعن النظر في ما جريات الأحوال يرى أن حركة الداخلية تسري على منوال أشبه بالذي تسري عليه حركة الاتحاديين في الأناضول فهل في الداخلية رجعية تشتاق تركيا وتعتقد بعد بإمكان رجوع جمال وأنور وحرق البخور على مذابح التدليس؟ وهل الأمير فيصل وأعوانه من المجندين لإحياء تلك الروح لا سمح الله؟ لأن الأمير مازال في اعتقاد الحلفاء من الحلفاء! ففي رجوعه إلى البلاد يظهر الطور الجديد الذي تتطور به المسألة السورية ولكل آت قريب!
ومن أدلة الطور الجديد تسامح الإنكليز في فلسطين للنفوذ الإسرائيلي بالامتداد والتمكين فقد كان السبت أن يكون اليوم الرسمي الذي تعطل به الإدارات وتقفل أبواب الأسواق وكادت مراكز الحكومة تمتلئ باليهود الذين يقبلون بأي وظيفة كانت بأي راتب كان إذ من ورائهم الجمعية الصهيونية تدفع لهم البدل الكافي وتمدهم بالأموال التي تساعد المتوظف على الظهور بحيثية تليق به.
فكانت نتيجة هذه التدابير خروج أكثر المستخدمين المسلمين والنصارى من دوائر الحكومة نظراً لغراء المعيشة وقلة الرواتب التي يتقاضونها.
وكان شاع أن الحكومة الإنكليزية سوف تقوم بأعمال عظيمة في مرسى حيفا ونشرت الصحف شيئاً من بورغرام تلك الأعمال وقد عرفنا من مصادر يؤثق بها أن الإنكليز عدلوا عن ترميم ميناء حيفا أمام النفقات الباهظة التي يكلفهم ذلك المشروع، كما أقعلوا أيضاً عن مباشرة أشغال عمومية كثيرة والمفهوم المنقول عنهم أنهم لا يريدون القيام بنفقات جمة على بلاد لم يتقرر مصرها بعد!
فهل دخل في مسألة فلسطين شي جديد لم يعرف بعد؟ هو الأرجح لأن الأنباء الأخيرة أشارات إلى شيئ يستوقف الأفهام وهو أن المستر لويد جورج يحاول أن يسترضي فرنسا بامتيازات أخرى في الشرق ولعل مغزى ذلك أن الوصاية الفرنساوية تعم حتى سوريا الجنوبية أيضاً بخلاف ما فهم حتى الآن عن ذلك.
نعم أن الحكومة الإنكليزية في سوريا الجنوبية تعضد الحركة الصهيونية فلماذا ذلك؟ هل محبة باليهود دون غيرهم من سكان تلك البطاح وهو الأكثرية المطلقة- لا نعلم- بل الأرجح عقلاً ونقلاً أن وجود قوة إسرائيلية في بادية سينا أضمن للمحافظة على قناة السويس في المستقبل.