بدر الدين تلجبيني – التاريخ السوري المعاصر
مرَّ على مدينة اعزاز قديماً الكثير من الأطباء الذين ساهموا في تدعيم صحة سكان المدينة وإرساء الطمأنينة في نفوسهم عبر طريقتهم المثلى في المعالجة والتي قرنت الجانب النفسي بالجانب الجسدي ، ففرضوا ثقتهم ومحبتهم على أهل مدينتهم . وفي هذا المنشور نتحدث عن أطباء قدماء مروا على مدينة أعزاز منذ الأربعينات من القرن الماضي وحتى اليوم :
1 – ( الدكتور ( جغلسيان )
من الطائفة الأرمنية ، وكان أهل المدينة يلقبونه ( جقلظيان ) ، عمل في مدينة اعزاز منذ الأربعينات وحتى أواخرالخمسينات وكانت عيادته تقع في الدكان الوحيدة التي كانت تحت القلعة مقابل الساعاتي مصطفى عيدو (والتي أصبحت فيما بعد مقسم هاتف مدينة أعزاز ثم شغلها كومجي ( نعسو ) ، وكان ( جغلسيان ) من الاطباء الذين تحدث عنه الاباء والاجداد ومدحوا في خبرته الطبية .
2 – الدكتور ( مهران الله ويردى )
وهو من الطائفة الأرمنية أيضا عمل في مدينة اعزاز منذ أواخر الأربعينات وحتى أوائل الستينات
وتقع عيادته مقابل مبنى البريد ( قبل توسعة الشارع ) والتي اصبحت فيما بعد عيادة الدكتور علاء الدين يمليخا ، وبجانبه من الشرق صيدلية ولده ( سيمون ) فكانا يتعاونان في تركيب الأدوية في الصيدلية . كان الدكتور مهران من الأطباء المشهود لهم بالعلم والدراية والأسلوب الطريف في المعالجة ، فكان يوبِّخ المريض المهمل لصحته ويعنِّف الأم على إهمالها صحة طفلها فيقول لها : ( اي لكااا ..بتطعميه خاشوق طبيخ (معليشي ) ، تاخديه عالسهره ( معليشي) ، بينام جنب شباك ( معليشي ) ، شلون هادا ابنَك بطيب شلون ؟؟) وينهزها باصبعه في رأسها ، فتستقبل تعنيفه بطيب خاطر وترويه لجاراتها .
3- الدكتور ( نافع الحريري )
كان يتمتع بعلم وافر وفكر خصب وشخصية محبوبة ، استلم ادارة مستوصف اعزاز في اواخر الخمسينات وبداية الستينات ، فكان يقوم بتركيب بعض الأدوية بنفسه في المركز مستعملا المواد الأولية التي كانت ترسلها مديرية صحة حلب الى المستوصفات ، وكانت عيادته في المبنى الذي كان سابقاً نادي أعزاز ثم مقراً لأمن الدولة ومنزله الى جانب عيادته مكان مصرف التسليف الشعبي سابقا .
4 – الدكتور ( عبد الباقي الصديق)
من الأطباء الذين تميزوا بالعلم والمعرفة والشخصية المحببة ، وحين انتقل الى مدينة حلب في السبعينات تبعه زبائنه الى هناك .
وكانت تعيبه العصبية أحيانا فتروي إحدى مراجعاته من كبار السن أنها ذهبت الى عيادته في حلب تشكو من آلام الروماتيزم وحين جلست امامه اسهبت في شرح حالتها وقالت له : كلما صعدت الدرج أصيح يا لطيف وكلما صليت : يا حفيظ ، وهو يقول لها : خلص فهمت عليكي ، وتلتفت الى ولدها وتقول للطبيب : ( خلي يحكيلك ، احكيلو ابني شلون كنت اصيح من وجعي !!) وهنا نفد صبر الدكتور عبد الباقي وصاح بها : ( خلص فهمنا !! اي قلبت غنية رمانك يا حبيبي !!؟ ) ترويها العجوز وتضحك وتقول : ( صحيح عيط علي بس يا خيتو فهمان فهمان !! تركت الوجع عندو وجيت عالبيت )
5 – الدكتور ( عبد الله عكش)
كان من الأطباء المعروفين بالعلم واللباقة وحسن المعاملة ، فكان يتحدث مع المراجعين حديث الأصدقاء ويمازح الأطفال ويمضي الوقت في محاولة كسب ثقتهم وتبديد خوفهم ،وكان عنده خبرة وسعة إطلاع وقد عمل رئيسا لمستوصف اعزاز مدة طويلة قبل ان ينتقل الى مشفى الحميات بحلب .
6 – الدكتور (علاء الدين يمليخا )
كان يلقب ( طبيب الدراويش والمعترين ) فكان يزور عيادته كل صباح أكثر من خمسين مراجعا جلهم من الفقراء وكان لديه طاولتي فحص للمرضى ، فكان يحاسبهم على مبدأ ( اش ما قالوا شالوا ) ويعالج البعض منهم مجانا لعلمه بأحوالهم .
7 – الدكتور ( مروان الشيخ سعيد)
وكان رئيساً لمركز أعزاز الصحي ورئيساً للمنطقة الصحية ، وهو من الأطباء المحبوبين في المدينة يتميز بشخصيته المرحة وأسلوبه الجميل في معالجة مريضه نفسياً وجسدياً ، فيرفع من معنوياته وينقله من حالة اليأس والقنوط إلى وضع التفاؤل ويصف له الدواء اللازم فيخرج المريض من عنده صحيحاً معافى قبل ان يستعمل الدواء ..!! أطال الله في عمره ووهبه الصحة والعافية .
8 – الدكتور (عادل المصري)
يلقبه كبار السن ( ابن الجمل ) لأنه من عائلة الجمل في مدينة اعزاز . كانت ابتسامته المضيئة تزرع في مريضه الثقة وتهوِّن عليه آلامه ومعاناته عبر حديثه العذب الجميل ، وإن كان المراجع من روَّاد المركز الثقافي يفتح معه سيرة الأدب والشعر ويسمعه قصيدة تنسيه ألمه !! ثم في النهاية قد لا يأخذ منه أي مبلغ ، وفي حال كان المراجع فقيراً كان يعطيه علبة دواء مجانية من الأدوية التي كانت تأتيه هدايا من شركات الأدوية . وكان يقضي اغلب اوقات فراغه مع صديقه الحميم الاستاذ (عمر عبيد ) رحمه الله فيلعبون الشطرنج في العيادة .
انظر:
بدر الدين تلجبيني: تجربَةُ عليّ والسينما في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: حلاّقون في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: رحلة الى السينما في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: دخول القوات الفرنسية إلى أعزاز عام 1920
بدر الدين تلجبيني: أيام شهر رمضان في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: نجارة المحاريث القديمة في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: حديث عن مدرسة ابن المقفع في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: السرايا الحكومية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: جولة في ليل أعزاز
بدر الدين تلجبيني: الزودة في قديم أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المولد النبوي الشريف في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: مقاهي أعزاز
بدر الدين تلجبيني: عيد الأضحى في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: المصارعة الزيتية في أعزاز
بدر الدين تلجبيني: خان بيع الحبوب في أعزاز