وثائق سوريا
كلمة المفوض السامي حول حذف “المواد الست” في الجمعية التأسيسية عام 1928
في مطلع آب عام 1928 شارف المجلس التأسيسي في سورية على إنهاء مشروع الدستور. وفي التاسع من آب حضر المفوض السامي الفرنسي هنري بونسو إلى المجلس التأسيسي ومعه سكرتيره الخاص المسيو “موغره” ليطالب بحذف المواد المسماة “بالمواد الست” من الدستور تنفيذاً لطلب الخارجية الفرنسية.
وتلا المندوب السامي الخطاب التالي:
“لقد تتبع العميد السامي للجمهورية الفرنسية، سير أعمال الجمعية التأسيسية بانتباه وعطف شديدين، راجياً حلول الإتفاق الذي من شأنه أن يعطي سوريا دستورها النهائي في أقرب مدة.
وعند فتح باب المناقشة، الذي سيجري اليوم للبحث في مشروع الدستور الذي سنته اللجنة، أصبح من واجب العميد السامي، أن يسترعي نظر أعضاء الجمعية الموقرة، إلى ضرورة عدم البحث الآن في المسائل التي ليس من خصائص الجمعية أن تحلها من تلقاء نفسها، لأنها تمس تنفيذ انتداب مسئولة عنه الحكومة الفرنسية أمام عصبة الأمم، ولا يمكن تعديل شئ من نصوص هذا بإتفاق توافق عليه تلك العصبة.
وفي بياناته السابقة، وخاصة التي صدرت في 15 شباط 928 و9 حزيران الأخير، رغب العميد السامي في الاعراب عن هذا الأمر بصراحة، تجنباً لكل سوء تفاهم يقع حول نقطة هامة كهذه، من شأنه أن يعرض إلى الخطر ثمرة الجهود المبذولة بكل اخلاص من الطرفين، لقطع هذه المرحلة الأولى بسلام.
بيد أن بعض الأحكام التي وضعت في مشروع اللجنة تستدعي تخفظات خاصة، لأن بعضها يخالف مخالفة صريحة، العهود الدولية التي تعين مسئولية الدولة المنتدبة، وبعضها الآخر يتطلب فعلاً قيد التنفيذ إتفاقاً سابقاً مع الحكومة الفرنسية.
وأعني بذلك المواد 73 و74 و75 و110 و 112 كما وردت في المشروع الحالي، بقدر ما تمس المسائل التي تدخل ضمن النطاق المبين أعلاه، وكذلك المادة الثانية بقدر ما تخالف اتفاقات دولية، وحالة حقوقية واقعة لا يمكن تعديلها بقرار متخذ من طرف واحد.
فبقاء أحكام كهذه ينشء حالة مهمة تعرض قريباً إلى الخطر ما كان يرجى تحقيقه بفارغ الصبر.
فالعميد السامي للجمهورية يقف بحكمة الجمعية،ولا يشك بأنها عند وقوفها على هذه الصعوبات سترعى السمع إلى هذه الملاحظات من تلقاء ذاتها وتقرر فصل الأحكام المنوه عنها عن قلب الدستور قبل ولوج المناقشة في المواد، فيكون مشروع الدستور متفقاً مع روح حالة لا يمكن تغييرها إلا باتفاقات تعقد مع الحكومة الفرنسية، وإلا فالحكومة الفرنسية لا يسعها أن تأذن بنشر وتنفيذ دستور يحرمها الوسائل التي تساعدها على القيام بالقروض الدولية التي أخذت على نفسها”.