محافظة ريف دمشقمقالات
نورالدين عقيل: تطور التعليم في يبرود
نورالدين عقيل – التاريخ السوري المعاصر
كان للبعثات التبشيرية الاجنبية وحمية بعض رجالات يبرود الأثر الكبير في نشر العلم والتعليم بين أبناء مدينة يبرود ولهم الفضل الاكبر في افتتاح عدد من المدارس التبشيرية والعامة والدينية في البلده ، وذلك منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي .
وقد ذكر الرحالة أحمد وصفي زكريا الذي عرج على يبرود في الربع الاول من القرن الماضي في مؤلفه ( جولة أثرية ) وصفا لطيفا لمدينة يبرود منوها بالمدارس التي افتتحت بها سواء عن طريق البعثات التبشيرية الأجنبية و المدرسة الأميرية الرسمية و المدرسة الدينية الاسلامية التي افتتحها كبير اسرة عقيل ردا على نشاط المدارس التبشيرية ونشاطها وذلك في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي فذكر مايلي في مؤلفه الشهير :
( وهواء يبرود نقي ، وتعد من مراكز الاصطياف والاستشفاء ، بيوتها مبنية من اللبن ( الطين ) ، ولخاصتها عناية بالعلم والرفه ، ولعامتها انكباب على التجارة والزراعة ، والجمال في نسائها غير يسير ، وقد اشتهرت بزراعة البطاطا والحنطة السلمونية البيضاء والفول المئخار ، وبصناعة خيام البدو ، وقد جلبت إليها مياه عين كوشل العذبة أخف مياه هذه الكورة ، فزادت الصحة فيها جودة .
وفي يبرود عدة مدارس ابتدائية إحداها للروم الكاثوليك شادها في سنة 1362 هجرية / 1847 ميلادية أحد مطارنتهم ثم استلمها اليسوعيون ، وثمة مدرسة دينية اسلامية أسسها كبير اسرة عقيل المتقدمة في هذه البلدة في حدود السنة المذكورة ، فكان لمسلمي القلمون منها نفع جزيل ، ومدرسة للبنين وأخرى للبنات للمبشرين الدانمركيين ، وليس للحكومة سوى مدرسة ابتدائية هي أقل من حاجة يبرود ….)
نستنتج من ذلك أن العلم والطلب عليه ليس حديثا في يبرود فقد شهدت المدينة منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي وجود عدة مدارس ابتدائيه تبشيرية اجنبية ورسميه حكومية ودينية اسلامية .
وقد يسرت هذه المدارس العلم المبكر لأبناء يبرود في عصر كانت الإدارة العثمانية الحاكمة غير معنية ولا تهتم لا بالعلم ولا بالتعليم الا قليلا ،
وقد شهد العام 1916 م وكانت البلاد ماتزال خاضعة للحكم العثماني أداء أول عمل مسرحي في يبرود في باحة مدرستها حيث تم عرض مسرحية وطنية كانت حينها تعبر عن كفاح الأمة العربية ونضالها ضد الاعتداء والغزو الخارجي وكانت بعنوان ( صلاح الدين الأيوبي ) ، وقد قام بأداء دورها الرئيسي الشهيد ( سيف الدين الخطيب ) الذي كان أحد رجالات اليقظه العربيةالحديثة ضد استبداد جمعية الاتحاد والترقي التركية الحاكمة والذي تم إعدامه بعد أيام مع اخوته شهداء السادس من أيار عام ١٩١٦م على يد حاكم سوريا المستبد جمال باشا السفاح في ساحتي المرجة بدمشق والبرج في بيروت ، ويذكر ان بعض من أدى ادوارا في هذه المسرحية كلا من المرحومين شفيق عقيل وحمود عقيل .
في فترة الإنتداب الفرنسي لسوريا بين عامي 1920 – 1946 م شهدت يبرود افتتاح عدة مدارس منها مدرسة للذكور واخرى للإناث للبعثة التبشيرية البروتستانتية الانكليزية ومدرستان للذكور والإناث الى جانب المدرسة الاسقفية الكاثوليكية .
في العام 1945م اجتمعت ثلة من مثقفي يبرود والنبك منهم السادة عبدالسلام حيدر وشقيقه عبد الحميد حيدر وتحسين منعم ومحمد الكسار والدكتور أنيس دهبر والخوري نقولا دهبر ووضعوا مشروعا لرفع سوية التعليم من المرحلة الابتدائية الى المرحلة المتوسطه ( الاعدادية ) وتم لهم ذلك في العام 1946م حيث تم افتتاح اول صف للتعليم المتوسط وكان عدد طلابه ٢٦ طالبا من أبناء القلمون ، ثم بعد ذلك تم نقل طلاب المرحلة المتوسطة من يبرود الى مدينة النبك كونها مركزا متوسطا في القلمون عام ١٩٤٩م ، وفي العام 1950 م تبنتها وزارة المعارف السورية واصبحت تعرف بثانوية القلمون .
وفي العام 1946م تطورت المدرسة الاسقغية في يبرود بفتح صفوف المرحلة المتوسطة واصبح التعليم فيهة مختلطا ذكورا وإناثا وذلك في عهد وكيل المطران ( باترلماوس السمان ) واستمرت في أداء دورها التعليمي من الابتدائي الى الإعدادي حتى العام ١٩٦٧م حيث قامت الدولة بمصادرتها وتأميمها وأصبح مقرها نواة ثانوية يبرود للذكور والإناث حتى إنشاء ثانوية مستقلة للبنات .
في العام 1955 م قامت جمعية دينية اسلامية مقرها دمشق بافتتاح مدرسة إعدادية بإسم (إعدادية المدينة المنورة) واستمرت في تأدية دورها التعليمي حتى العام 1967م حيث تم تأميمها وإغلاقها .
في العام 1949م وزارة المعارف السورية افتتحت في يبرود (دار المعلمين الريفية) لتخريج المعلمين الريفيين وكان عدد طلابها عند الافتتاح 86طالبا من شتى المحافظات السورية واستمرت تؤدي دورها في تأهيل وتخريج المعلمين الريفيين للمرحلة الابتدائية حتى العام 1959م حيث تم نقلها الى مدينة حمص ، وقد تخرج من دار المعلمين الريفية في يبرود مئات المعلمين من كافة محافظات القطر السوري وأصبح العديد منهم وزراء ونواب مجالس نيابية وغير ذلك من مراكز الدولة .
في العام 1951م تم افتتاح مدرسة متوسطة للإناث لتشجيع الفتيات من حملة الشهادة الإبتدائية ( السرتفيكا ) على إتمام تعليمهن ، وكان عدد طالباتها في بداية افتتاحها ١٥ طالبة واستمرت تؤدي دورها لأربع سنوات ومنها خرجت اول دفعة من الطالبات بعد حصولهن على الشهادة الاعدادية ( البروفيه ) وقد انتسب أكثرهن الى دار المعلمات بدمشق وأصبحن من أقدر المعلمات خدمن التعليم في القطر السوري ثم في يبرود .
في العام 1959م تم افتتاح الإعدادية الصناعية في مبنى دار المعلمين الريفية بعد انتقالها الى حمص ، ثم تحولت الى الثانوية الصناعية وتطورت في السنوات الأخيرة لتصبح معهدا فنيا متوسطا للتعليم الفني الصناعي .
عام 1939م احتضنت يبرود أول معسكر كشفي في سوريا أقيم في مرج قرينا قرب بحيرتها ( مكان المشتل الزراعي الحالي ) ، وقد ترأس هذه العسكر الكشفي المفوض العام ومؤسس الحركة الكشفية في سوريا السيد ( عبدالكريم الدندشي ) ، وقد ضم هذا المعسكر العديد من فرق الكشافة من كافة أقطار الوطن العربي وكان ذلك اول بادرة تضامن عربي لشباب الأمة العربية . . .
انظر:
نورالدين عقيل: مغارة “فتنه” في وادي قرينا في يبرود
نورالدين عقيل:الأعياد الدينية في يبرود في الماضي الجميل
نورالدين عقيل: نظام الري القديم في يبرود
نورالدين عقيل: رمضان في ماضي يبرود
نورالدين عقيل: أشهر الحلويات الشعبية في يبرود
نورالدين عقيل : خميس الأموات ونوبات المشايخ في ماضي يبرود
نورالدين عقيل: نبذه عن التعليم التقليدي في مدينة يبرود