من الصحافة
صحيفة 1931- انتحار سيدة في ريف حلب بسبب الجوع
نشرت صحيفة لسان الحال في عددها الصادر في الرابع عشر من كانون الثاني عام 1931 خبراً عن حادثة انتحار سيدة في قرى منبج جرت في مساء يوم الأحد الحادي عشر من كانون الثاني عام 1931م.
تفاصيل الحادثة كما وردت في الصحيفة: (
أحمد الحسين شاب قروي فقير لا يملك من حطام الدنيا شيئاً وهو في سبيل سد رمقه يشتغل “متعيشاً” ينتقل من قرية إلى قرية ومن قضاء إلى آخر.
وعنّ لأحمد منذ سنين أن يتزوج فطلب فتاة في قريته “في قضاء منبج” فلم يمانع والد الفتاة عيسى العبد الله ولبى الطلب بسرعة وسرور ذلك لأنه كان يرغب كثيراً في التخلص من إعالة ابنته.
تزوج أحمد بالأبنة عائشة العبد الله وأخذت تشارك بعلها أشقاءه وبؤسه وجوعه أيضاً.
وبعد سنة على زواجها وضعت الزوجة الفقيرة الجائعة توأمين ما لبثت أن عجزت عن تغذيتهما وآنى لها ذلك مادام الغذاء ينقصها والجوع ينشب براثنه في أحشائها؟
ولا يعلم غير الله كم عانت تلك الأم من العذاب والآلام حتى استطاعت أن تعيش ولديها أحد عشر شهراً، ولم تعد تقوي في نهايتها على تحمل العذاب في رؤيتيهما يتضوران جوعاً ويطويان الليل باكين في طلب القوت فعزمت على الانتحار تخلصاً من هذا الشقاء الأليم.
في مساء يوم الأحد الماضي ” الحادي عشر من كانون الثاني عام 1931″ جاء زوجها إلى البيت وهو في أشد حالات الغضب واليأس لأنه لم يتمكن من الحصول على درهم واحد بالرغم من سعيه في هذا السبيل يومين كاملين!
فاسودت الدنيا في عيني الزوجة وداهمتها من جراء حزنها نوبة حمى خبيثة خرجت على أثرها من الدار بعد أن ضمت فلذتي كبدها وقبلتهما قبلات الأم الحنون، بل قبلات الوداع الأخير ثم توجهت في غفلة عن زوجها إلى البئر الكائنة بالقرب من منزلها وألقت بنفسها فيه..
ثم انتشلت بعد حين جثة هامدة..)