من الصحافة
صحيفة 1925- اعتقال حمدي الجلاد مدير عام الشرطة في دمشق
في أواخر شهر شباط عام 1925 جرى اعتقال حمدي الجلاد مدير الشرطة في دمشق بتهمة التورط بسرقة مبلغ مالي كبير من المسيو بيير أحد الضباط الفرنسيين، بينما يرجح البعض أنه تم تلفيق التهمة له بسبب مواقفه الداعمة للثورة السورية الكبرى التي اندلعت في ذلك العام.
كان الجلاد مديراً عاماً لشرطة دمشق قبل عام 1925م، وهو خال عبد الرحمن الشهبندر.
أصدرت محكمة الجنايات التي كانت تنظر في الدعاوي الأجنبية بدمشق حكماً عليه بالسجن ثلاث سنوات.
أطلق سراحه من السجن بموجب قرار عفو أصدره أحمد نامي رئيس دولة سورية في الحادي عشر من كانون الثاني عام 1927م، وقد تزامن هذا القرار، أي عام 1927 مع سيطرة السلطات الفرنسية على الأوضاع في دمشق وريفها بشكل كامل.
مراسل صحيفة لسان الحال نشر تقريراً مفصلاً عن حادثة اعتقال الجلاد في العدد الصادر الرابع من آذار عام 1925م.
نص الخبر:
2 آذار – مراسل لسان الحال
قصد منذ ثلاثة أسابيع المسيو بيير العراق لشراء غنم وقطناً وأخذ معه لهذا الغرض ثلاثة آلاف وثمانمائة ليرة عثمانية ذهباً.
ولما وصل المسيو بيير إلى العراق وتناول الصندوق وجده خفيفاً ففتحه فرآه فارغاً فهاله الأمر وأمر السائق أن يرجع به إدراجه على نفس الطريق فلم ير شيئاً فوصل دمشق وأعلم الحكومة بالأمر وأودع السائق السجن. ثم ذهب بسائق أفرنسي مفتشاً فلم يعثر على شيئ.
ثم رجع إلى دمشق وتولى البوليس الأفرنسي السري الأمر وشدد النكير على السائق الكردي فأقر هذا بأن حمدي بك الجلاد لما عرف بأن مسيو بيير متوجه إلى العراق معه استدعاه إليه ونظم الخطة الآتية:
أن المسيو بيير المسافر إلى العراق بالنيابة عن المسيو فلوريمون سيضع صندوق دراهم على حافة السيارة ولذا عليه أن يفتح ذاك الصندوق من أسفله ويحدث فيه فوهة يسترها بغطاء رقيق حتى إذا ما توسط البادية في مكان عينه له تظاهر بإخراج بعض الآلالات لحادث طرأ في السيارة يقضي إصلاحها فيرفع بخفة الغطاء الرقيق من أسفل الصندوق فتسقط الدنانير كلها إلى الأرض ويتابع السائق سيره.
ويقول أنه تمم هذه الخطة وقد أرسل حمدي بك فارسين وراء السيارة حتى إذا ما وصلا إلى المكان المعين التقطا الدراهم وأتيابها إليه فاستلمها ووضعها في دار محمد أفندي عطايا طبيب دائرة الشرطة فاقتلع معه رخام أسفل البركة المائية التي في داره ورصفا الدراهم في أسفلها ثم أعادا الرخام كما كان أولاً وأطلقا ماء جارياً.
ولذا صدر رئيس المحكمة المختلطة أمره بعد مفاوضة وكيل المفوض السامي بإلقاء القبض على مدير البوليس “حمدي الجلاد” وعهد بذلك إلى وحيد بك قائد الدرك.
فاستقدمه هذا إليه تلفونياً ولما وصل قرأ له مذكرة رئيس المحكمة المختلطة وأوقفه باسم القانون وذلك في الساعة العاشرة صباحاً من نهار أمس “الأحد” وألقي القبض أيضاً على الطبيب محمد عطايا وأودع السجن لحين المحاكمة.
وقد استولت الحكومة على الدراهم فوجدتها ناقصة ثلاثماية ليرة عثمانية وأقر محمد عطايا بكل شيئ.
وعهد حضرة وزير الداخلية بإدارة مديرية البوليس مؤقتاً إلى مساعد مدير الشرطة الإداري نقولا أفندي شاهين إلى أن يعين المدير الأصيل. ويشاع أن الحكومة ستعهد إلى مصطفى بك وصفي أو إلى بديع أفندي بكداش أو أدهم بك أمر إدارة البوليس الجديدة.
وشاعت شائعة اليوم أن الحكومة الأفرنسية لربما تغتنم هذه الفرصة وتعين مدير بوليس افرنسياً. واعتقد أن هذا التعيين سيلاقي اشمئزازاً كبيراً في دمشق لأن الأهلين كلهم كانوا منذ أشهر عديدة يطلبون بإلحاح شديد عزل حمدي بك الجلاد لذا فهم ليسوا براضين عنه منذ زمن بعيد.
لذا يؤمل الشعب الدمشقي تعيين مدير بوليس دمشقي يحسن الإدارة ويكون ذا أخلاق حسنة.