من الأرشيف العثماني 1886- تقرير مدير بريد حلب بخصوص الجمعية السرية في حلب

من الأرشيف العثماني 1886- تقرير مدير بريد حلب السابق بخصوص الجمعية السرية في حلب

لأعتاب الصدارة العظمى أعزها الله

أسأل الله وهو خير مسؤول أن يؤيد حضرة صاحب الخلافة الكبرى سيدنا ومولانا أمير المؤمنين وأن يحفه بالنصر العزيز والفتح المبين وأن يحفظ  صدره الأعظم كامل الفضائل والصفات ويصونه من جميع الطوارق والآفات.

أما بعد؛ فإني انقيادًا للأمر العالي أعرض انه لما كان حضرة صاحب الدولة جميل باشا والي ولاية حلب قد التمس من الباب العالي لا زال مؤيدًا على ممرّ الأيام والليالي أن يتنازل ويحقق من عبد أبوابكم ومحسوب أعتابكم منذ تشرفه بالوصول إلى دار السعادة عن وجود جمعية فسادية بحلب الشهباء، ولما كان القيام بالطاعة والاذعان في الانقياد لأمركم العالي في هذا الشان من أوجب الفرائض المحتمة على ذمة كل إنسان، فأقرر حسبةً لوجهه تعالى ما يأتي:

وهو أنه يوم الأحد الواقع في 1 تشرين ثاني 1302 (13 تشرين الثاني 1886م) كان حضرة والي الولاية جميل باشا قد استدعاني لديه وابتدأني قائلًا انه قد صدر إليه الأمر من جانب حضرات أرباب الأمر بخصوص وجوب التنقيب والتحقيق عن وجود جمعية فسادية بحلب، وأوعز إلى عبدكم أن أسطر إلى دولته تقريرًا معلنًا تجسساتي وتحقيقاتي في هذا الباب وحاويًا أسماء الاشخاص المعروفين بحلب بكونهم من الشيعة الماسونية والذين هم على مقتضى ظنه وذهابه يؤلفون الجمعية الفسادية على الحكومة السلطانية. وإذ كنت على يقين دينًا وذمةً أن مرضاة الله في الدنيا والآخرة لا تقوم بغير الصدق والحق، فكان جوابي لدولة المشار إليه بكل إخلاص انه لا خبرة لي بتةً ولا علم لي لا سابقًا ولا لاحقًا بوجود جمعية فسادية بحلب، وقد انصرفت من عند دولته واعدًا إياه بأني ان سُئلت عن أي أمرٍ لي وقوف تام عليه فلا أفوه إلا بالصدق ولا أقول إلا الحق.

هذا والحمدلله على أن إخواني الحلبيين على اختلاف مللهم ومذاهبهم ما برحوا ينافسون مواطنيهم سكان الولايات السائرة بصدق اختصاصهم بالاعتاب السنية السلطانية وببذل نفوسهم وسفك دمائهم في سبيل إعلاء شان الدولة العلية، كيف لا وقد عُقدت خناصر القلوب على حبّ سيدنا وولي نعمتنا أمير المؤمنين وتزاحمت النفوس على الطاعة لأمره والانقياد لنهيه، وهم ما برحوا ولن يبرحوا تحت لواء الوحدة العثمانية يدعون في تأييد وتأبيد الدولة العلية حرسها رب البرية. فانتصارًا للحق وإزهاقًا للباطل قد تجاسر عبدكم على عرض حقيقة الحال، وفي كل الأحوال إن الأمر والفرمان والإرادة والإحسان لحضرة من له الأمر.
في 13 تشرين ثاني 1302 (25 تشرين الثاني 1886م)

عبدكم
مدير تلغراف وبوستة مركز حلب سابقًا
فتح الله