بطاقات بحث
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو والحضر في تدمر ودور البريطانيين
من مذكرات أمين أبو عساف (36): خلاف البدو الحضر في تدمر ودور البريطانيين
في السابع عشر من آب عام 1945 مرّ من تدمر الميجر البريطاني “دردن” ضابط الارتباط في حمص وحماة مع قادة الحامية البريطانية في تدمر. سألني: في حال ذهاب الجيش البريطاني من تدمر هل تتعهد بحماية الفرنسيين الموجودين في محطة الطيران؟
أجبته: لا لزوم للفرنسيين هنا، والجيش السوري يقدم الأخصائيين لإدارة محطية الطيران.
ومن الآن بإمكاني وضع بعض الجنود تحت تصرفه لهذه الغاية.
وبتاريخ 18 / 8 / 1845 ذهبت مع دورية إلى حمص لاستلام رواتب حرس العشائر وتسليمه إلى مخافر / سلمية وجبل البلعاس/. في ذلك اليوم جرى خلاف فردي بين “خريس المدلول” وهو جندي متقاعد من عرب /نجد/ و”أحمد أبو قصبة” من سكان تدمر.
شكا “أحمد” إلى مخفر الدرك بأن “خريس” يهينه ويعتدي عليه منذ كان في الخدمة ولا زال- بعد عودتهما من التحقيق ووصلهما إلى سوق المدينة هجم “خريس” وضرب “أحمد” تجمع الباعة ضربوا “خريس” وأهانوه وذهب كل إلى عمه.
بدأت التجمعات: أهل تدمر وجندها من جهة ومن جهة ثانية العنصر النجدي المدني والعسكري وجنود “شمر” أيضاً وحوالي الساعة /14/ هجموا على بعضهم البعض وجرت معركة قوية استخدمت فيها (المدى- والخناجر- والمسدسات) وسقط فيها العديد من الجرحى.
حضر الوكيل “حميد” الذي ينوب عني أثناء غيابي لم يتمكن من تهدئة الحالة. استنجد بحرس العشائر وبقائد فصيل الدرك ولم يتمكنوا من السيطرة. وخوفاً من الفوضى ونهب المخازن اتصل بالقائد البريطاني حيث أرسل قوة فرقت الجماهير وأعتقلت بعض المسؤولين ورتبت دوريات تطوف الشوارع من جنود بريطانيين وحرس عشائر ودرك سوري.
طلب قوة من دمشق
في التاسع عشر من آب عام 1945 الساعة الثامنة عشرة عدت من مهمة دفع الرواتب. وفور وصولي استلمت مسؤولية الأمن وشكلت دوريات من حرس العشائر مع دركي واحد مع كل دورية. طلبت من القائد البريطاني سحب جنوده بعد أن شكرته على مساعدته. جمعت وجهاء المدينة وأعلمتهم أني أخذت الأمن على مسؤوليتي وطلبت إليهم الخلود إلى السكينة وفتج متاجرهم.
استنفرت كل الجنود في الثكنة وطلبت قوة من دمشق لحفظ الأمن. وفي مساء اليوم التالي وصلت القوة المطلوبة وهي رعيلان: مصفحات بقيادة الرئيس “توفيق الشوفي” وسرية مشاة بقيادة الملازم الأول “هشام سمان”.
صباح العشرين من آب عام 1945 كنت في الثكنة باكراً. نشبت مشاجرة بين أربعة جنود اثنان من تدمر واثنان من البدو وقد تمكنت من فض الاشتباك في الحال.
أفهمت الجميع أن الجيش واحد لا فرق بين تدمري وبدوي إلا بالعمل. إن الوحدة العسكرية تجمع كل الموجودين فيها بالأخوة والصداقة. إن القيادة هي التي تحافظ على حقوق أفراد الجيش ولا يجوز للجندي أن يأخذ حقه بيده.
كذلك التاجر ومالك البيت. السلطة تحصل له حقوقه بموجب القانون.
إن تصرفات شاذة تجري من قبل الرقيب المحاسب في حرس العشائر “عوض الحوش” وهو يقدم تقارير غير موقعة إلى القيادة، ويشكو بعض العسكريين، وقد ترك مكتبه ليلتجئ إلى مخفر الدرك. ثم ذهب إلى حمص واتصل بالمحافظ وكتب تقارير إلى قيادة قوى البادية. تأكد أنه كان يتصل بالفرنسيين الموجودين في المطار. طلبت من القيادة أن تأمره للالتحاق بوحدته أو اعتباره فاراً وتسريحه.
قبيل ذهاب الفرنسيين رقي الوكيل الأول “بركات المطلق” إلى رتبة ملازم شرف وهو من دائرة العشائر وأنه بإخلاصه ونشاطه وقوة شخصيته أبقى على دائرة العشائر سليمة بسياراتها وأسلحتها وأثاثها ومصنفاتها وجنودها وكذلك على منزل المستشار المؤثث على نفقة الدولة. وله الفضل في انسحاب سرية الهجانة وبقائها في تدمر حتى استلامها من قبل الجيش السوري.
ومنذ استلامي القيادة قدم الملازم “بركات المطلق” أجل الخدمات وهو من المؤثوقين الذين يُعتمد عليهم طلبت تثبيته برتبة ملازم.
في الثاني والعشرين من آب عام 1945 زرت القائد البريطاني مع الضابط “توفيق الشوفي” و”هشام سمان” أبلغني بصفته مسؤولاً عن الأمن الأمر التالي: في حالة حدوث شيئ ما في المدينة أن أخبره ولا يمكنني إطلاق النار إلا بأمره.. سألته إذا كان يبلغني هذا الأمر باسم قيادته أم هو مسؤول عنه؟ أجاب: هو المسؤول عنه. أجبته بأني مسؤول أمام قيادتي وأنفذ تعليماتها ولماذا يرغب تقييدي بأوامره.
تراجع عن رأيه وطلب مني إعلانه فقط بما يحدث، أعلمت القيادة بما يلي:
أخبار تذاع هنا في الأوساط البدوية أن شيوخ البدو سيطلبون أن تكون حماية البادية بأيديهم. ووحدات الهجانة من البدو فقط عدا سائقي السيارات وبعض الكتبة والمحاسبين – كأن تكون بادية تدمر بقيادة “راكان بن مرشد” يعاونه في قيادة السرية رتباء البدو الحاليين أو المتقاعدين أو الذين سيتم تعيينهم وذلك ليتمكن من الاستغناء عن الضباط وصف الضباط والجنود الحضر. هذه الإشاعات منتشرة في المحيط البدوي، هذه الأفكار تفوح منها رائحة الاستعمار الذي يعتمد على الجهل لبث الفرقة بين أفراد الشعب. أخشى أن يكون البريطانيون يحضرون شيئاً، لا يخفى على القيادة كثرة الأسلحة الموجودة عند البدو من رشاشات وبنادق وسيارات وكل محيطنا يعلم أن سرية الهجانة في تدمر لا تملك ولا بندقية. أطلب سرعة تسليح السرية وتعيين ضباط فيها يتحملون المسؤولية. وبانتظار ذلك أطلب رعيل مصفحات بصورة دائمة إلى تدمر حتى يتم تسليح السرية.
اقرأ:
من مذكرات أمين أبو عساف (1): الثورة العربية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (2): بدايات الحكم الفرنسي في السويداء
من مذكرات أمين أبو عساف (3): أسباب الثورة السورية الكبرى 1925
من مذكرات أمين أبو عساف (4): اشتراك حوران وعرب اللجاة في الثورة السورية الكبرى
من مذكرات أمين أبو عساف (5): متابعة دراستي وانتسابي إلى الصف الخاص
من مذكرات أمين أبو عساف (6): الدخول إلى الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (7): الدراسة في الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (8): التخرج من الكلية العسكرية وتعييني في الكوكبة الثالثة
من مذكرات أمين أبو عساف (9): نقلي إلى كتيبة شمال سورية الكوكبة /25/
من مذكرات أمين أبو عساف (10): إجراءات السفر إلى “سومير”
من مذكرات أمين أبو عساف (11): مدرسة سومير للفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف(12): زيارة باريس
من مذكرات أمين أبو عساف (13): إعلان فرنسا الحرب على ألمانيا النازية
من مذكرات أمين أبو عساف(14) : نقلي إلى الكوكبة الثالثة مدرباً لطلاب الكلية العسكرية
من مذكرات أمين أبو عساف (15) : محاضرة عن الدروز في “جبل الدروز”
من مذكرات أمين أبو عساف (16): الحرب عام 1941 بين قوات فيشي وقوات فرنسا الحرة والجيش البريطاني
من مذكرات أمين أبو عساف (17): ذهاب الكتيبة إلى الحدود الفلسطينية
من مذكرات أمين أبو عساف (18): معركة فيق
من مذكرات أمين أبو عساف (19):الانسحاب من تل الفرس
من مذكرات أمين أبو عساف (20): العودة إلى حمص بالقطار من محطة القدم
من مذكرات أمين أبو عساف (21): إعادة تشكيل الرعيل واستلامي مهمات دفاعية على طريق تدمر ودمشق
من مذكرات أمين أبو عساف (22): تعييني أمراً لرعيل المدرعات الثاني عام 1941
من مذكرات أمين أبو عساف (23): عودة الرعيل إلى ثكنته في اللاذقية
من مذكرات أمين أبو عساف (24): نقلي معاوناً لقائد الفرسان والمدرعات
من مذكرات أمين أبو عساف (25): نقلي إلى الكتيبة الخفيفة للمنطقة الشمالية آمراً للتشكيلات الآلية
من مذكرات أمين أبو عساف (26): تشكيل أول كوكبة آلية وتعيين قائداً لها عام 1942
من مذكرات أمين أبو عساف (27): نقلي إلى الكتيبة الدرزية
من مذكرات أمين أبو عساف (28): تعييني معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (29): إبعاد الضباط النظاميين إلى بيروت
من مذكرات أمين أبو عساف (30): عودتي معاوناً لآمر المجتمع الرابع
من مذكرات أمين أبو عساف (31): استلامي قيادة الكوكبة الخفيفة الرابعة
من مذكرات أمين أبو عساف (32): وضع المفرزة
من مذكرات أمين أبو عساف (33): الانسحاب عن الفرنسيين
من مذكرات أمين أبو عساف (34): كيف سارت الأمور في دمشق والسويداء عام 1945
من مذكرات أمين أبو عساف (35): تشكيل مديرية العشائر وقيادة قوى البادية عام 1945م