شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – خروج الحكم السوري من الأزمة 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (13 /119)
من مذكرات أكرم الحوراني – خروج الحكم السوري من الأزمة:
تجاهل رئيس المجلس كلمتي بعد أن أعياه السبيل للرد عليها. وبأسلوبه البارع، وبتأييد الأكثرية المجلسية، لف على ما اقترحته من تشكيل الجيش الوطني لممارسة حقنا بالسيادة والاستقلال، وقصر النتيجة على حلف اليمين الدستورية، فأوعز للجنة الشؤون الخارجية بالإنعقاد أثناء الجلسة، فأقرت اقتراحاً تقدم به أحمد الشرباتي يقضي بأن “يقرر المجلس عقد جلسة خاصة يعينها رئيس المجلس في اقرب وقت، ويدعى إليها رئيس الجمهورية يتفضل والنواب بحلف يمين الإخلاص وفقاً للمادة 46 من الدستور المكون من 115”.
وعلى الأثر طلب جميل مردم بك رفع الجلسة ربع ساعة تذاكر خلالها مع رئيس المجلس فارس الخوري، ورأوا أنه لم يعد أمامهم مجال للتهرب. فقال وزير الخارجية عند استئناف الجلسة: “إنني أغتنم هذه الفرصة لأرسل تحية إلى الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني الكريم على ما ناله من تأييد حقه وعودة الأمور إلى مجاريها. ولقد كان ذلك بفضل الموقف الحازم الذي وقفه الشعب اللبناني والتأييد المطلق الذي أيدت به الشعوب العربية وبفضل الموقف الرائع الذي وقفته سوريا. فإن سوريا عندما دعيت للقيام بواجبها لبث الدعوة وأضربت المدن السورية من أقصاها إلى أقصاها، ولم يفت هذا الواجب القرى النائية. وقامت المظاهرات في مختلف الأماكن حتى أنها في بعض الأحيان اتخذت شكلاً من العنف. وعندما أدركت الأمة بأنها قد أعربت عن رأيها وأدت واجبها عادت إلى الهدوء، فأعطت بذلك درساً بليغاً في النضج السياسي. وهي لم تعد إلى هدوئها وسكونها بدافع الخوف أو الرهبة. وأظن أن الأمة السورية عندما دعوناها إلى الهدوء والسكينة كانت عالمة أن الحق إذا لم يعد إلى نصابه فإنها تثور ثورتها الكبرى. وعندما تثور سوريا يعرف كل واحد إلى أي حد تصل”.
وهكذا حاول وزير الخارجية جميل مردم أن يتستر على موقف الحكومة، ولكنه على الرغم من براعة أسلوبه لم يتمكن من ستر الحقيقة التي كانت ماثلة في ضمير الناس.
ثم تبعه رئيس المجلس قائلاً:
“لم يبق ثمة حاجة للتأجيل، ويجب حلف اليمين على الأمانة لمواد الدستور التي قبلتها الجمعية التأسيسية. ولم يعد موجوداً ذلك المحذور السابق أو الحذر الذي كان يمكن أن يقع من جراء إسقاط المادة 116 من موجبات اليمين. ونحن كما قلت لم نعترف بها بل بالمواد التي وضعتها الجمعية التأسيسية وهي 115 مادة. وصوتت على هذه المواد بجملتها بهيئتها العامة بتاريخ 7 آب 1928، وقد كانت السلطة الفرنسية قد طلبت من الجمعية التأسيسية إسقاط ست مواد من الدستور وهي المواد: 2 و 73 و 74و 75 و 110 و 112 التي تؤيد السلطة والسيادة القومية، كإعلان الحرب وتأليف الجيش والتمثيل الخارجي وقبول القناصل والسفراء وإعلان الإدارة العرفية والعفو ما أشبه ذلك. ولكن الجمعية التأسيسية رفضت رفضاً تاماً أن تحذف هذه المواد التي هي وحدها عنوان الاستقلال والسيادة، ثم جاء المفوض السامي وأوقف أعمال الجمعية التأسيسية مدة ثلاثة أشهر، ثم ألحقها بتوقيف إلى أجل غير مسمى. وفي شهر أيار 1930 أعلن المفوض السامي الدستور السوري تاركاً فيه المواد الست كما هي، إلا أنه أدخلت على النص الأصلي بعض إصلاحات لفظية لا علاق لها بجوهر الدستور. وعندما يئس المفوض السامي الفرنسي من إدخال نصوص في صلب الدستور كما فعل بالدستور اللبناني أضاف للدستور السوري مادة تحفظية وأسماها مادة مؤقتة تزول مع زوال الانتداب.. وإنني مستعد أن أعين جلسة خاصة في موعد قريب ندعو إليها رئيس الجمهورية والنواب لحلف اليمين”.
وقد وافق المجلس على تكليف رئيسه بتعيين هذه الجلسة الخاصة وقد عمز رياض الصلح مرة أخرى من موقف الحكومة السورية عندما جاء في برقية الشكر التي أرسلها للمجلس النيابي قوله: “ولئن كان لإيمان اللبنانيين الراسخ بعدل قضيتهم وبصمودهم المكين في وجه القوة الجامحة فضل في استرداد الحق المغصوب والاستقلال المسلوب، فلإخوانهم السوريين، ولاسيما نوابهم الأباة، نصيبهم الوافر وأثرهم المباشر في بلوغ هذه النهاية السعيدة، وتقرير هذه الانتصار الباهر. وإذا أسعد لبنان أن يفوز هذا الفوز فإنه يزيده ابتهاجاً أن يكون لسوريا العزيزة نصيبها من ثماره الطيبة تجنيها سريعاً.
انظر :
من مذكرات أكرم الحوراني – حث نظام القوتلي على ممارسة الإستقلال (118)
من مذكرات أكرم الحوراني – انتصار حركة استقلال لبنان وموقف حكومة عهد القوتلي (117)
من مذكرات أكرم الحوراني – قضية لبنان في مجلس النواب السوري (116)
من مذكرات أكرم الحوراني – فرنسا تلغي حقوق لبنان الاستقلالية (115)
من مذكرات أكرم الحوراني – دمشق تحتفي بتحرريي لبنان (114)
من مذكرات أكرم الحوراني – موازنة الدولة (113)
من مذكرات أكرم الحوراني – قضية فلسطين محور الوحدة العربية (112)
من مذكرات أكرم الحوراني (111) – على ضفاف بردى
من مذكرات أكرم الحوراني(110) – كيف بدأ تشكل المعارضة ضد عهد القوتلي؟
من مذكرات أكرم الحوراني (109) – عملاء المخابرات البريطانية المحليون
من مذكرات أكرم الحوراني (108) – المعركة التي لم تخضها سوريا يخوضها لبنان
من مذكرات أكرم الحوراني (107) – العائلة القوتلية
من مذكرات أكرم الحوراني (106) – احتفال تجار دمشق بانتخاب القوتلي رئيساً
من مذكرات أكرم الحوراني (105) – أداء رئيس الجمهورية والنواب يمين الإخلاص
من مذكرات أكرم الحوراني (104) – افتتاح البرلمان وانتخاب القوتلي رئيساً عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (103) – في مجلس النواب.. متاعب .. إلى حدود الإغماء
من مذكرات أكرم الحوراني (102) – كيف كانت بنية المجتمع وشكل الاقتصاد في حماه عام 1943؟
من مذكرات أكرم الحوراني (101) – منعطف حاسم في مسيرة حياتي
من مذكرات أكرم الحوراني (100) – على هامش معركة الانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (99) – شكري القوتلي يوافق ويبارك
من مذكرات أكرم الحوراني (98) – لجنة الإصلاح في حماة 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (97) – موقف الكتلة الوطنية من انتخابات حماة عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (96) – طبول فتنة دامية
من مذكرات أكرم الحوراني (95) – انفجار الشعار الحاسم
من مذكرات أكرم الحوراني (94) – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (93) – ترشيح عثمان الحوراني لانتخابات عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (92) – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (91) – بدء النفوذ البريطاني في سوريا
من مذكرات أكرم الحوراني (90) – القوتلي ينطلق من سياسة التعاقد مع فرنسا
من مذكرات أكرم الحوراني (89) – عودة الحياة الدستورية للبلاد
من مذكرات أكرم الحوراني (88) – انهيار الكتلة الوطنية في عهد الشيخ تاج
انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني: