شهادات ومذكرات
من مذكرات أكرم الحوراني – عملاء المخابرات البريطانية المحليون
من مذكرات أكرم الحوراني (12 /109)
من مذكرات أكرم الحوراني – عملاء المخابرات البريطانية المحليون:
رجعت إلى حماه بعد زيارتي لبحمدون فمكثت فيها بضعة أيام. كان جو المدينة هادئاً، والأهلون بغاية الرضى عن مواقفنا وسياستنا. وقد كلفني أحد الفلاحين أن أرفع عنه ظلامة أصابته من مصلحة الميرة، وكان يرأس هذه المصلحة ويدير شؤونها ضابطان أحدهما يسمى (داردن) والثاني (هارفي)، وقد بدأ نشاط هذين الضابطين ونفوذهما، السياسي يتعاظم منذ دخول القوات البريطانية واستلامهما مصلحة الميرة، فاتصلت بشخص قريب لأحد النواب حيث لم يسبق لي مراجعة هذه المصلحة من قبل، فأظهر استعداده لمساعدتي نظراً لعلاقته الطيبة مع الضابطين.
استقبلنا داردن استقبالاً ودياً. وقد لفت نظري في إحدى زوايا الغرفة المجردة من الاثاث حزمة من نبات أخضر زاه، فقال داردن إنها حشيشة الكيف، وأنه أتي بها للتو من مزرعة لحشيشة الكيف في البادية تخص أحمد زعماء العشائر النائب في المجلس النيابي فأمر بإتلافها.
كانت المرة الأولى التي أرى فيها نبات حشيشة الكيف، فأثنيت على نشاطه الإنساني، ثم عرضت له القضية فوعد بحلها فوراً. فقلت له: إنني كنت في زيارة قصيرة لبحمدون وقد شعرت بجو ديمقراطي جديد يسود لبنان، وأردفت قائلاً: إن لموقف بريطانيا المؤازر للعرب أثراً في هذا الجو الذي تشكرون عليه، وأتمنى أن تستمر العلاقات الطيبة بين بريطانيا والشعبين السوري واللبناني لتحقيق استقلالهما الناجز.
صمت دادن هنيهة ثم التفت إلى رفيقي وحدثه بالانكليزية حديثاً لم أفهمه. ثم قال لي مرافقي: إن داردن يرجوك أن تزوده بالتقارير والأخبار عن الوضع في سوريا، فكانت إهانة مذهلة لي أربكتني كثيراً وبعد هنيهة من الصمت لم يسعني إلا أن أكرر ما قلته سابقاً من أن الشعب السوري يشكر للحكومة البريطانية مساعدتها له في نضاله لنيل استقلاله وحريته. فتراجع داردن فوراً
وتحدث عن أمور أخرى كأن شيئاً لم يكن. ثم ودعته، وانصرفت لا ألوي علي شيئ.
تجاهلت الموضوع ولم أعاتب مرافقي الذي تأكدت أنه يعمل في المخابرات البريطانية، وظلت أصداء هذه المفاجأة تتردد في خاطري طويلاً.
وقد استنتجت من جرأت هذا الضابط البريطاني أن شبكة المخابرات البريطانية في سورية لم تترك أحد ذا شأن إلا وحاولت اصطياده سواء بواسطة مصلحة الميرة أوالأعاشة. وقدرت المخاطر التي ستنجم عن ذلك. وعرفت من تلك اللحظة أن النفوذ البريطاني سيصبح بلا شك أكبر وأعظم خطراً على البلاد بعد تصفية النفوذ الفرنسي.
انظر :
من مذكرات أكرم الحوراني (108) – المعركة التي لم تخضها سوريا يخوضها لبنان
من مذكرات أكرم الحوراني (107) – العائلة القوتلية
من مذكرات أكرم الحوراني (106) – احتفال تجار دمشق بانتخاب القوتلي رئيساً
من مذكرات أكرم الحوراني (105) – أداء رئيس الجمهورية والنواب يمين الإخلاص
من مذكرات أكرم الحوراني (104) – افتتاح البرلمان وانتخاب القوتلي رئيساً عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (103) – في مجلس النواب.. متاعب .. إلى حدود الإغماء
من مذكرات أكرم الحوراني (102) – كيف كانت بنية المجتمع وشكل الاقتصاد في حماه عام 1943؟
من مذكرات أكرم الحوراني (101) – منعطف حاسم في مسيرة حياتي
من مذكرات أكرم الحوراني (100) – على هامش معركة الانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (99) – شكري القوتلي يوافق ويبارك
من مذكرات أكرم الحوراني (98) – لجنة الإصلاح في حماة 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (97) – موقف الكتلة الوطنية من انتخابات حماة عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (96) – طبول فتنة دامية
من مذكرات أكرم الحوراني (95) – انفجار الشعار الحاسم
من مذكرات أكرم الحوراني (94) – ترشيحي للانتخابات النيابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (93) – ترشيح عثمان الحوراني لانتخابات عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (92) – جولة شكري القوتلي الانتخابية عام 1943
من مذكرات أكرم الحوراني (91) – بدء النفوذ البريطاني في سوريا
من مذكرات أكرم الحوراني (90) – القوتلي ينطلق من سياسة التعاقد مع فرنسا
من مذكرات أكرم الحوراني (89) – عودة الحياة الدستورية للبلاد
من مذكرات أكرم الحوراني (88) – انهيار الكتلة الوطنية في عهد الشيخ تاج
انظر ايضاً مذكرات أكرام الحوراني: