وثائق سوريا
مذكرة ضباط في الجيش السوري إلى جمال عبد الناصر بشأن الوحدة عام 1958
مذكرة ضباط في الجيش السوري بشأن الوحدة مع مصر والتي سلمت إلى جمال عبد الناصر في القاهرة في الخامس عشر من كانون الثاني عام 1958
نص المذكرة:
الأسباب الموجبة:
منذ أن عرف التاريخ شعباً باسم “العرب” في “الجزيرة العربية” كان “للعرب” في التاريخ القديم خصائص طبعت مختلف الدول التي تكلمت العربية بطابع واحد هو النضال والتحرر والاستقلال عن نفوذ الامبراطوريات القديمة.
وكانت الدفعة التي خرجت من الجزيرة بعد توحدها بدولة واحدة وعقيدة انسانية واحدة والتي امتدت خلال قرون طويلة عبر الجزيرة العربية واستقرت ما بين الخليج العربي وجبال فارس شرقاً والأطلسي غرباً وما بين طوروس شمالاً والمحيط الهندي جنوباً قد رسخت أصول هذه الأمة ترسيخاً أبدياً وخطت في تاريخ البشرية صحائف بارزة عن حضارة انسانية ابدعتها هذه الأمة وقدمتها دانية القطوف لمختلف الشعوب.
وتعاقبت موجات همجية وتكالبت لتحطيم هذه الحضارة الإنسانية وإزالة كيانها خلال عشرة قرون. وكان بفعل ذلك أن تمزقت هذه الأمة إلى دويلات كثيرة مختلفة ولكن بقيت حضارتها في نفس كل فرد من أبنائها على اختلاف سويتهم الفكرية والاجتماعية وبقيت في وجدان كل منهم فكرة ثابتة لا تمحى عن ذاتيتها الماضية وأمانيها المقبلة.
وقد كان للنضال والتحرر في تاريخ العرب الحديث أثر فعال في تحقيق هذه الفكرة في نفوس الملايين من العرب. وكان استقلال وتحرر بعض الشعوب العربية تحرراً كاملاً حافز الانتفاضات عربية في أماكن أخرى من الوطن العربي وباعثاً على النضال لشعوب أخرى تنشد الاستقلال والتحرر تحقيقاً لتلك الفكرة المستقرة في وجدان كل عربي.
مما سبق تبين أن الوحدة بين مصر وسورية ان هي إلا ضرورة قومية مستمدة من ماضي وحاضر ومستقبل يشترك ما بين أفراد أمة واحدة وأرض واحدة وحضارة عربية تحقيقاً لوحدة شاملة في العصر الحديث ومساهمة في القضاء على الاستعمار في العالم لبناء الإنسانية وترسيخاً لرسالتها. وقد عبر عن ارادتهما في الوحدة الكاملة في شتى المناسبات القومية وخاضا في سبيل ذلك معارك ضارية ضد الرجعية الداخلية والاستعمار الخارجي حتى توصلا إلى هذه المرحلة التي تمكنا فيها من إعلان إرادتهما رسمياً على لسان ممثليهما في كلا القطرين في الجلسة التاريخية المنعقدة في دمشق (18 تشرين الثاني – نوفمبر 1957).
وكان هذا النصر للقومية العربية بعد صراع رهيب دام مع الاستعمار وخاصة الشعب العربي أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وخلال الخطة الاستعمارية الأميركية التركية الصهيونية على سورية عام 1957.
وقد زلزل هذا القرار التاريخي كيان الاستعمار فأخذ يجمع شمله في مؤتمرات متتابعة عقدها مع أحلافه في أنقرة وباريس وبغداد وطهران ويجند عملاءه وأعوانه ويكتلهم ويضع الخطط لهم للحيلولة دون تنفيذ هذا القرار.
ولما كانت الظروف الحالية التي نشأت من جراء انتصار شعبنا العربي في مصر وسورية قد ربطت بين قضيتنا العربية وبين السلم العالمي إلى حد بعيد وأفسحت المجال أمامنا لكي نخطو خطوات إيجابية سريعة تتناسب وأهمية انتصاراتنا، ونظراً لاحتمال تغير هذه الظروف والمناسبات وخاصة اذا تمكن الاستعمار من انهاء استعدادته للمجازفة بخوض حرب شاملة أو محلية بسبب تعرض مصالحه التي يعتمد عليها في حياته الاساسية في وطننا العربي إلى الزوال، فإننا ندعو إلى ضرورة الإسراع بإقرار البناء الأساسي للوحدة الشاملة مع مصر والمباشرة بتنفيذه فوراً وتخطي جميع العقبات المصطنعة من دستورية أو سياسية أو اقتصادية ونحن نعتبر ان كل استمرار للأوضاع المحلية أصبح امراً غير طبيعي لا يعتمد في بقائه إلا على المبررات الاستعمارية الموروثة والامتيازات الرجعية والانتهازية التي لا يمكن الاعتراف بها بعد أن أقر الشعب بأجمعه الوحدة غير المنقوصة.
شكل الوحدة:
من أجل ذلك نرى أن تكون الدولة الموحدة بالخطوط الكبرى التالية:
1- دستور واحد يعلن إنشاء الجمهورية العربية الجديدة ويرسم نظام الحكم فيها ويفسح المجال لانضمام بقية الشعوب العربي التي ستحرر .
2- رئيس دولة واحد.
3- سلطة تشريعية واحدة.
4- سلطة تنفيذية واحدة.
5- سلطة قضائية واحدة.
6- علم واحد وعاصمة واحدة للدولة العربية.
7- تسن القوانين المنظمة لحقوق المواطنين وواجباتهم في الدولة الجديدة استناداً إلى هذا الدستور الواحد.
الوحدة الدفاعية:
أما فيما يتعلق بالوحدة العسكرية فنرى ان تقوم على الأسس التالية:
– قائد أعلى للقوات المسلحة للدولة العربية الجديدة (رئيس الجمهورية الاتحادية).
– مجلس دفاع أعلى.
– قيادة عامة للقوات المسلحة.
– قوات مسلحة (برية – بحرية- جوية) موحدة التنظيم والتسليح والتدريب والتجهيز توزع حسب متطلبات الدفاع والخطط الدفاعية المقررة إلى مسارح العمليات في أراضي الدولة الاتحادية.
– موازنة واحدة.
والقيادة العامة للجيش والقوى المسلحة السورية شعوراً منها بمسؤولية الدفاع عن بقائه وسلامته لتعلن ان كل وحدة لا تبنى على هذه الأسس المارة الذكر ليست إلا تحالفاً بين جيشين تابعين لدولتين منفصلتين ذلك لأن متطلبات الدفاع وسلامة الأمة وحفظ كيانها في عصرنا الحاضر تقتضي دمج الشعوب العربية المتحررة في كيان واحد لتساهم في تحرير بقية الوطن العربي وتقوم بواجباتها لصون السلم العالمي. كما تعلن القيادة العامة باسم جميع القوات المسلحة أنها على أتم استعداد لتحمل جميع الواجبات الدفاعية التي تقتضيها الوحدة الفورية وتعتبر نفسها منذ الآن ملزمة بتنفيذ كل ما تتلقاه من أوامر وتوجيهات تعطى إليها من القيادة العامة الموحدة مهما ترتب على هذا التنفيذ.
دمشق في 11 / 1/ 1958
التوقيع:
عفيف البزري، أمين النفوري، عبد الحميد السراج، أحمد عبد الكريم، طعمة العودة الله، أكرم الديري، أحمد حنيدي، مصطفى حمدون، عبد الغني قنوت، مصطفى رام حمداني، ياسين فرجاني، عبد الله جسومة، محمد النسر، لؤي الشطي، أمين الحافظ، إبراهيم فرهود، حسين حدة، غالب الشقفة، جمال الصوفي، بشير صادق.
انظر:
قرارات السلطات الفرنسية في سورية 1920 – 1946
قرارات كامل القدسي في دولة حلب
قرارات مرعي الملاح في دولة حلب
مراسيم وقرارات محمد علي العابد
مراسيم وقرارات تاج الدين الحسني
مراسيم وقرارات نور الدين الأتاسي
مراسيم وقرارات عبد الحليم خدام
انظر ايضاً:
وثائق وبيانات سورية 1900 – 2000