You dont have javascript enabled! Please enable it!
بطاقات بحث

المغفّلة – من الحكايات الشعبية الشامية

المغفّلة – من الحكايات الشعبية الشامية

دمشق – حي الميدان

توثيق الباحث نزار الأسود.

الراوية: امرأة


كان ياما كان حتى كان، في سالف العصر والأوان، كانت تعيش امرأة مغفلة، حتى إنها لا تعرف من أمور الحياة إلا أن تكنس دارها، ثم تجلس على كرسي وسط الدار وكان هذا دأبها كل يوم.

وذات يوم قال لها زوجها، وقد ضاق به الحال: يا امرأة! هل لديك صنعة تعينيني بها على أمور الحياة؟ قالت: نعم؟ قال: ما هي ؟ قالت: أغزل وأنسج القطن، قال: سأشتري لك القطن لتغزليه وتنتفعي بثمنه، قالت الزوجة: نعم.

أحضر الزوج لزوجته القطن، فأخذت منه كيلو غراماً، فغزلت ربعه، وأحرقت الباقي. وحين سألها زوجها: هل غزلت كل القطن؟ قالت: نعم؟؟ وبعد يومين، قال لها: أأحضر لك ايضاً؟ .. قالت: نعم! فأحضر الزوج القطن، فغزلت قليلاً منه وأحرقت الباقي.

قال الزوج لزوجته: أهلي يذهبون غداً إلى السوق ليبيعوا فتائل القطن، هل تبيعين معهم؟ قالت : نعم، ولكن متى سيذهبون؟ قال: غداً قلت لك ذلك؟

قالت: أخبرهم بأني سأذهب معهم.

قال الزوج لأهله: زوجتي سوف تذهب معكم إلى السوق، فقالوا سوف ندق باب دارها، عندما نذهب، نأخذها معنا، فأخبر الزوج زوجته بذلك فقالت: نعم.

جلست الزوجة في القدر ونامت، فسمعت باب بيت الجيران يدق، فقالت في نفسها سوف أذهب مع أهل زوجي، ولم تكن تدري أن باب الجيران هو الذي يدق، وفي منتصف الليل بيع وشراء!

لبست المرأة ثيابها على عجل، ولكن لم تجد غطاء رأسها، فقلعت باب المنزل وتغطت به وذهبت إلى دكان البائع، والظلام حالك، وقالت لصاحب الدكان، والدكان خالية: يامحمّر عينه خذ هذه الفتائل المصنوعة من القطن. ونظرت إلى الجانب الآخر من الدكان، فشاهدت الذهب، وظنت أن محمّر عينه صاحب الدكان هو الذي أعطاها الذهب ثمناً للفتائل القطنية، فرمت الفتائل، ورمت باب الدار من على رأسها، لتستطيع حمل الذهب، ثم حملت الذهب ومضت إلى دارها.

ولكن محمّر عينه لم يعط المرأة شيئاً إذ لم يكن في الدكان. وما حدث أن اللصوص قد سرقوا خزنة الملك، فلما ألقت المرأة الباب الذي على رأسها. سمع اللصوص ضحة غريبة في هدأة الليل، فظنوا أن عسكر الملك تبحث عن خزنة الملك التي سرقت، فتركوا الذهب في الأرض، وهربوا قبل أن يلحق بهم العسكر.

قالت المرأة لزوجها متباهية: لقد بعت الفتائل، دون مساعدة أهلك، وأعطاني محمّر عينه الذهب، وقشر البصل والثوم!! ثم أظهرت الذهب لزوجها فطار عقله من الفرح، وقال لزوجته: أذهبي وضعي الذهب في المطبخ، إني أشعر بألم شديد في رأسي.

وضعت الزوجة الذهب في المطبخ، وربطت رأس زوجها بمنديل ليزول ألمه.

ثم قال لها: اذهبي ونامي، فذهبت ونامت.

نهض الرجل إلى حديقة الدار، وحفر حفرة، ووضع الذهب فيها. ولكن نسي أن يضع الكأس التي يشرب بها الملك. كما نسي أن يردم الحفرة على الذهب.

سألت  المرأة زوجها: أين الذهب؟؟ فتذكر الزوج بعد أن نسي، ورسم في ذهنه خطة للخلاص من زوجته، ودفن خزنة الملك جيداً. فقال لها: لقد رميت خزنة الملك في قمامة الدار.. قالت: رميت كل الذهب؟؟ قال : لا، لقد تركت الكأس من أجلنا..!!

قال الزوج  لزوجته: يا زوجتي العزيزة، اليوم سوف تمطر السماء كبة محشوة بحب الرمان. قالت الزوجة: إيه..! إني أحب الكبة كثيراً.! وعندما قال لها: سوف تنزل كبة بحب الرمان تقلع عيون النساء. قالت له: أين ستخبئني؟؟ قال: في الفرن. ولكن لا تنظري إليه حتى لا تقلع عينك. فقالت: نعم.

حمل الزوج الطحين إلى جارته، أم محمد، وقال لها: اعملي لي كبة بحب الرمان، وسوف آخذها من عندك بعد قليل. وبعد قليل أخذ الزوج الكبة، وأعطاها لزوجته وهي في الفرن. فأخذت تأكل بنهم، وتقول له: أحضر لي، أحضر لي ايضاً.. أيضاً.. إني أحبها. قال الزوج: لا أستطيع أن أحضر لك. فالناس يتقاتلون على الكبة في كل مكان. ثم ذهب الزوج ودفن الذهب جيداً، وللمرة الثانية نسي الكأس…

بعد ذلك عادت المرأة إلى عادتها القديمة. تغزل القطن، وتحرق الباقي. وكانت تستعمل الدولاب في غزلها. فجاءت عساكر الملك تبحث عن الخزنة المسروقة.. وقالت: يا امرأة، اسقينا كأس ماء. فأحضرت لهم الماء في الكأس الذهبية التي أخذتها من محمر عينه، والتي نسي زوجها أن يدفنها مع الخزنة. قالت المرأة للعسكر: اشربوا. فقالوا لها: من أين لك هذه الكأس يا امرأة؟؟

فقالت: نسجت القطن، وذهبت لعند محمر عينه، فأعطاني البصل والثوم كي أقشره.. فسالت دموعي على خدودي، وشعرت بألم في رأسي فسقاني بهذه الكأس. ثم أخذ البصل والثوم، والغزل، وأعطاني الكأس.

فقالوا: هل لك في مقابلة الملك؟ قالت: نعم، سأذهب معكم. ثم قلعت باب المنزل وتغطت به. ورافقت العسكر إلى قصر الملك.

وقفت المرأة بين يدي الملك، وبدأت تقص قصتها عليه منذ أن كانت تكنس دارها، وتجلس وسط ساحته، إلى أن وصلت إلى حادثة سقوط الكبة بحب الرمان كالمطر من السماء تقلع عيون النساء. ولم تنتبه المرأة إلى أن زوجة الملك التي كانت تجلس بجانبه، عينها مقلوعة منذ الصغر. فقالت للملك مستشهدة بصحة حديثها: انظر إلى عين الملكة كيف قلعت لأنها لم تخبئها؟؟

وبالفعل نظر الملك غاضباً، وأرسل عسكره، فأحضروا الخزنة من الدار. وعادت المرأة من جديد، لتكنس أرض دارها، ولتجلس في ساحة الدار كل يوم وليسألها زوجها: ألديك صنعة تعنني على الحياة يا امرأة..!!

وفي وراية أخرى: أن الملك أمر بسجن المرأة وأخذ الخزنة من دارها.


انظر:

الحكايات الشعبية في دمشق

الحكايات الشعبية في سورية

جرة الزيتون – من الحكايات الشعبية الشامية

من الحكايات الشعبية الشامية – شجاعة حطاب

من الحكايات الشعبية الشامية – الشجرة والطفلة الصغيرة

من الحكايات الشعبية الشامية – ثلاثة عشر “13”

من الحكايات الشعبية الشامية – زهرة الرمان

البنت الصالحة – من الحكايات الشعبية الشامية

 الخضر – من الحكايات الشعبية الشامية

الأب الظالم – من الحكايات الشعبية الشامية

أبو كاترينا – من الحكايات الشعبية الشامية

كل شيء أساسه النساء في هذه الحياة – من الحكايات الشعبية الشامية

الصندوق – من الحكايات الشعبية الشامية

المصدر
الأسود (نزار)، الحكايات الشعبية الشامية، الكتاب الأول



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى