وثائق سوريا

كتاب مكتب البعث العربي الى المعتمد الأميركي في سورية عام 1944

كتاب مكتب البعث العربي الذي أرسله ميشيل عفلق في العاشر من آب عام 1944 الى المعتمد السياسي الأميركي في سوريا حول السياسة الأميركية في فلسطين.


 ان القرار الذي اتخذه الحزب الديمقراطي الأميركي مؤخرا بشان فتح فلسطين للهجرة اليهودية وجعلها وطنا قوميا لليهود، والذي جاء على اثر قرار بنفس المعنى للحزب الجمهوري، يعتبره العرب تعديا فاحشا من قبل الدولة الأميركية على حقوقهم لا يقل في شيء عن التعدي البريطاني في وعد بلفور المشؤوم، ويرون فيه حائلا دون أي تفاهم وصداقة بين تلك الدولة وبينهم.

لقد وقفت الأمة العربية في هذه الحرب، بالرغم من التجارب الأليمة التي عانتها طوال ربع قرن مع ظلم الاستعمار الأوروبي وخداع السياسة الأوربية، من قضية الحلفاء موقف عطف واستبشار، مؤملة ان تكون تلك التجارب نفسها قد أوصلت العالم الغربي الى الاقتناع بفشل مبدأ السياسة الاستعمارية من اساسها. وكان معظم أملها معلقا في هذه المرة على دخول عنصر جديد على السياسة الأوروبية، نعنى المبادئ التي كانت أميركا قد أعلنتها في الماضي، ودخلت الحرب الحاضرة على أساسها وفي سبيل تحقيقها.

ولكن موقف الأحزاب الأمريكية الأخير من قضية فلسطين قد قضى نهائيا على هذه الآمال واظهر للعالم اجمع وللعرب بصورة خاصة ان السياسة القديمة هي التي لا تزال سائدة، وان المبادئ العادلة والمثل العليا لم تزل في نظر الدول الغربية، سواء في القارة الأوروبية أم في أميركا، أداة تسخر لنيل مآرب ومنافع بعيدة عن تلك المبادئ والمثل كل البعد.

واذا كنا نذكّر أميركا بمبادئها ومواثيقها الرسمية، فليس ذلك لأننا نركز حقنا على هذه المبادئ والمواثيق، فحق العرب في فلسطين هو حق طبيعي وتاريخي تؤيده ألوف السنين من الجهاد والعمل المنشئ المتصل. ولكننا نخشى ان تقدم أميركا على الاعتداء على حق العرب الصريح بتأثير دعاية الرأسمالية الصهيونية وتضليلها وهي تحسب انها تناصر الحق وتخدم السلم والعمران وأنها تحقق مبادئها في هذه البقعة المقدسة من الأرض العربية.

فالعالم العربي ومن ورائه العالم الإسلامي لا يعتبر هذا السلم العالمي الذي تسعى اليه الدول المتحالفة سلما حقيقيا اذا كانت حقوقهم منذ الآن تغتصب وتداس. ويعتبر ان السلم لن يتوطد بالنسبة إليهم إلا متى استردوا تلك الحقوق بكاملها.

ان مكتب البعث العربي، الذي ينطق باسم العرب القوميين يحتج على موقف الدولة الأميركية من فلسطين ويرجو منكم ان تبلغوا احتجاجه الى المراجع الرسمية. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

عن مكتب البعث العربي

ميشيل عفلق

دمشق في 10 آب 1944

(1)  كتاب الى المعتمد السياسي الاميركي في سوريا، صدر عن مكتب البعث العربي في 10 آب 1944


انظر مقالات  ووثائق ميشيل عفلق:

في الثلاثينيات:

عهد البطولة 1935
ثروة الحياة 1936

في الأربعينيات:

 القومية حب قبل كل شئ 1940
 القومية قدر محبب 1940
في القومية العربية
1941
نفدي العراق 1941
ذكرى الرسول العربي 1943
التفكير المجرد 1943
واجب العمل القومي
1943
الإيمان
1943
المثالية الموهومة
1943
المثالية الواقعية
1943
المعركة الانتخابية الأولى
1943
حول الاعتداء على استقلال لبنان 1943
الجيل العربي الجديد 1944
الأرض والسماء
1944
موقفنا من النظرية الشيوعية
1944

انظر ايضاً:

ميشيل عفلق: التنظيم الإنقلابي

ميشيل عفلق: البعث العربي هو الانقلاب

ميشيل عفلق: حزب الانقلاب

ميشيل عفلق: الدور التاريخي لحركة البعث

ميشيل عفلق: الحركة الفكرية الشاملة

المصدر
في سبيل البعث
زر الذهاب إلى الأعلى