وثائق سوريا
رسالة رئيس تحرير صحيفة الفيحاء إلى خالد العظم رئيس مجلس الوزراء 1950
في كانون الأول عام 1948 طلب الرئيس شكري القوتلي من خالد العظم السفير السوري في باريس الحضور إلى دمشق وكلفه بتشكيل الحكومة في سورية.
شكل خالد العظم الحكومة في السادس عشر من كانون الأول 1948 واستمرت هذه الحكومة حتى انقلاب حسني الزعيم، حيث تم إلقاء القبض على خالد العظم والرئيس شكري القوتلي ووضعهم تحت الإقامة الجبرية، وبعد ذلك غادر الرئيس القوتلي البلاد إلى منفاه في سويسرا.
بعد الإنقلاب على سامي الحناوي الذي جرى في التاسع عشر من كانون الأول عام 1949م تم تكليف خالد العظم بتشكيل الحكومة للمرة الثالثة له.
وفي السابع والعشرين من كانون الأول عام 1949 أصدر الرئيس هاشم الأتاسي مرسوم تشكيل حكومة خالد العظم الثالثة.
لم تستمر إقامة شكري القوتلي طويلاً في سويسرا وانتقل إلى القاهرة التي وصلها في الثاني عشر من نيسان 1950م، وقد تزامن وصول الرئيس القوتلي إلى القاهرة مع وصول وفد سوري إليها برئاسة خالد العظم رئيس مجلس الوزراء الذي شارك في اجتماعات الجامعة العربية وأجرى سلسلة مباحثات اقتصادية مع الحكومة المصرية.
تجاهل خالد العظم رئيس الوزارة وصول القوتلي وتواجده في القاهرة، وعاد العظم إلى دمشق بعد عدة أيام دون أن يتواصل أو يلتقي مع الرئيس المنفي، ما دفع سعيد التلاوي رئيس تحرير صحيفة الفيحاء إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى العظم حول هذا الشأن:
رسالة سعيد التلاوي رئيس تحرير صحيفة الفيحاء إلى خالد العظم رئيس مجلس الوزراء 1950م.
نص الرسالة المفتوحة:
كلمة إلى رئيس مجلس الوزراء
الدنيا دول وتلك الأيام نداولها بين الناس
عهدي بك يا سيدي وزيراً مفوضاً لبلادك في بلاد الفرنسيس، فإذا بك تستدعي على عجل إلى سورية لتؤلف وزارة حيادية ترضى عنها الأحزاب وتقضي على الفوضى الضاربة الأطناب التي أنشأها أصحاب الغايات من النواب.
وعهدي بك تركب الهواء وكنت تكره ركوب الهواء من قبل، لتلبي طلب من استدعاك واصطفاك وفضلك على سواك ثم وفقك الله إلى تأليف الوزارة في 13 كانون الأول 1948م.
وعهدي بك في وزارتك تلك تستمع إلى النواب – نواب أمس واليوم- يسلقون الجيش الباسل بالسنة حداد ويسألون عن نفقاته ومخصصاته وأرزاقه وعطاياه بل عن عدد أفراده في جلسة علنية، فلا تحير جواباً ولا ترد بما كان يفرض عليك واجبك وأنت رئيس الوزراء من جواب، حتى يعاتبك رئيسك على السكوت والأغضاء ويفهمك أن تفهم النواب أن الجيش جيش لا يجوز أن يؤتى على ذكره بملام وأن الجيش السوري ما يستحق من النواب عقوق البلاء وجحود الدماء ونكران الشهداء.
وعهدي بك تستثير رئيس الجيش وتستنفز قادته وضباطه وجنوده، فتكتب كتاباً لرئيسه غير لائق وتتحداه تحدياً لا يقبله انسان، وترفض ان تقابل البعثات العسكرية لتلقى على رجالها تحايا الوداع وأنت وزير الدفاع، ثم تقرب الأدنين من الخلص والأصدقاء وتلقى الضباط أصحاب المصالح العامة أياماً في جحيم الانتظار حتى تعطلت الأعمال وثارت الأقوال وتأهب رئيس الجيش لأخذ الثار وغسل العار.
وعهدي بك تقع في قبضة رئيس الجيش صبيحة 30 آذار سنة 1949 وتلقى في غيابة الجب في معتقلك المظلم الرهيب ويلقى رئيسك في غيابة جب في معتقل مظلم رهيب بسببك ولأجلك ولتصرفاتك واستفزازاتك واستشاراتك حتى اذا نقل رئيسك إلى المستشفى كان أول عمل عمله ان طلب نقلك إلى قربه وهدأ روعك وطمأن بالك وأسبغ عليك من عطفه ما انساك هول المصاب، ثم استجاب لندائك فاستقال من منصبه الذي كان يريده لولا الحاح النواب – نواب أمس واليوم- من معارضين وموالين.
وعهدي بك تغادر السجن إلى بيتك حتى اذا أرغم رئيسك على الهجرة ودعته وقلت له ان فلاناً يحملك على أن تكون وزيراً مفوضاً في فرنسة وأنت تستشيره في القبول أو الرفض، فنصح لك بالرفض ونهاك وقال لك اياك اياك.
وعهدي بك تودع رئيسك في المطار في جملة من ودعه من القوم وتسمع منه كلمته الأخيرة للمودعين ولكبيرهم الأستاذ فارس الخوري:(هذا الوطن واستقلاله وجمهوريته وديعة مقدسة في اعناقكم وأنا ارجو لكم التوفيق في كل ما تعملون لخير الوطن ولسعادة الشعب).
وعهدي بك تسافر إلى مصر حيث يقيم رئيسك النازح عن الوطن الذي رفعت في ايامه ألوية العز والكرامة والمجد في هذه السما، فلا تبعث اليه سلاماً ولا تسأل عنه سؤالاً ولربما شغلتك عن هذا الشواغل وصرفتك الصوارف فما عذرك وقد هبط رئيسك مصر فهبك عليه كل من في مصر مسلماً مرحباً محيياً سواك، اهذا جزاء الاحسان؟ اهذا واجب الشكران؟ اهذا حق الاخوان على الاخوان في هذا الزمان؟ لقد كان ينبغي لمثلك وأنت رئيس الوزراء ان تضرب الأمثال للناس في الوفاء، ولكن لا جرم عليك أفعل ما تشاء فالدنيا دول ورجال وكل حال إلى زوال وتلك الأيام نداولها بين الناس.
سعيد التلاوي
انظر:
مراسيم وقرارات محمد علي العابد
مراسيم وقرارات تاج الدين الحسني
مراسيم وقرارات نور الدين الأتاسي
انظر ايضاً:
وثائق وبيانات سورية 1900 – 2000