شهادات ومذكرات
عودتي إلى دمشق والانقلاب على الشيشكلي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (30)
عودتي إلى دمشق والانقلاب على الشيشكلي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (30)
الانقلاب ضد أديب الشيشكلي :
فى 25/2/1954 وأثناء سفري من حماه الى دمشق سمعت بالراديو عن حدوث انقلاب في سوريا ضد أديب الشيشكلى وكنت قد وصلت الى محطة التقوية بالنبك فنزلت على الفور ، ودخلت مبنى الاتصالات وتسمعت على الخط الذى كان يتكلم فيه أديب الشيشكلى مع آمر المنطقة الوسطى العقيد / محمود شوكت.
وسأله : اسـمعت بما حدث؟
فقال : نعم فقال له : ما رأيك؟
فقال له : أنت حبيبنا وأخونا ومن الأفضل أن تسـافر .
وبعد عدة ساعات سمعنا بخبر تركه السلطة و سفره الى لبنان.
سافر بعدها الى البرازيل واغتيل هنالك عام 1964م على يد شاب درزي / نواف غزاله انتقاما من ممارسات الشيشكلي العسكرية ضد الدروز في جبل العرب .
عودتي الى دمشق :
في 5/2/1955 تم نقلي الى دمشق كرئيس لقسم المواصلات الخارجية بناءً على طلبي وبوعد مسبق من المدير العام بأنه سينقلني الى دمشق قريباً . وبعدها اجريت دورة لمدة ستة أشهر حصلت فيها على الشهادة المهنية من وزراة المواصلات تؤهلني لمنصب أعلى .
اسـتأجر لي والدي قبل وفاته داراً صغير المساحة بطابق أرضي في منطقة الشريبشات بدمشق لمدة ستة أشهر ، ولم تكن مستوفية الشروط قضيت فيها سنة تقريبا وأنا مستاءً منها ومن جيرتها حيث كان يسكن بالطابق الأول ضابط بالجيش سيء الخلق جداً هو وزوجته وأولاده فكان كل يوم مشاكل ومشاجرات فيما بيننا نغصت حياتي وكدرت عيشتي حتى فرج الله تعالى علي بمسكن حسن مريح .
الهدية الثانية :
أثناء عملي بحماه حملت زوجتي بطفلها الثاني وقررت عندها أن لا تلد إلا بدمشق وبجانب أهلها مما عانيتُ من ولادة طفلي الأول حسان ، وكنت قد نُقلت بعدها الى دمشق وفعلاً قبل موعد الولادة الذي حدده الدكتور بيوم ارسـلت زوجتي مع ابني حسان الى بيت أهلها بالحلبوني القريب من مستشفى دار التوليد حيث كنت بعشاء عمل يومها وعدتُ متأخراً ، ونمت عند حميَّ بالبيت .
ومع بزوغ الفجر بدأ الطلق لزوجتي فلم توقظني إلا الساعة السابعة صباحاً فاستيقظت مسرعاً الى بيتي في الشربيشات القريب من الحلبوني وأخذت شنطة ملابس الطفل المُعدة مسبقاً وبعد نصف ساعة نقلتنا سيارة إجرة مع حماتي الى المستشفى وفي تمام الثامنة من صباح يوم الثلاثاء 19/4/1955 رزقنا الله عز وجل المولودة بكامل الخلقة والتمام ، واسـميناها على الفور حسناء تيمنا ببنت مديرالبريد بالبنك واسمها حسناء التي كانت جميلة مثل القمر .
بقيت زوجتي بالمستشفى خمسة أيام تحت الرعاية ثم خرجت الى بيتنا بالشربيشات برفقة حماتي والشغالة نايفة الأبرش التى كانت تساعدنا من أيام عملي بالنبك وهي من أهل النبك ومتزوجة من أحد عمال الهاتف بالنبك / قاسم المعراوي .
وبعد فترة خمسة أشهر وأثناء ذهاب زوجتي خارج البيت تركت حسناء برفقة حماتي والشغالة نايفة ولمّا طال الوقت أخذت ابنتي بالبكاء فهرعت الشغالة نايفة على الفور بارضاعها دون استئذان خوفاً عليها وأصبحت أماً لها بالرضاعة .
يد القدر :
كان والدي قد خطب ابنة بنت عمي عزيزة أحمد ( أبو فياض )/ هيفاء علايا لأخى عبد الكريم . وفي أثناء عودته ظهراً من شراء لوازم الفرح وقع على الأرض في سوق الحميدية مصاباً بذبحة صدرية نقل على أثرها الى مستشفى الوطني لاسعافه ولكن دون جدوى وتوفي على الفور ، فمشيئة الله عز وجل أسرع مما يرتضيه البشر .
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من عليل عاش حينا من الدهر
وكم من فتى يمسي ويصـبح آمـنا وقـد نسـجت أكـفـانه وهو لا يدري
كانت بداية فصل الشتاء ودارنا التى أعددناها بالشادر لفرح أخي عبدالكريم كانت لها موعداً مع القدر بأن تكون دار عزاء في وفاة الوالد رحمه الله بدلاً من أن تكون داراً للفرح . وذلك في يوم الأثنين الموافق 28/11/1955 .
شهدت له جنازة لا قبل لها من أهالي الحيّ والأصحاب والأقارب والمعارف حيث أن موكب الجنازة كان حافلتين كبيرتين وعدداً من السيارات الى أن توارى جثمانه الطاهر في مقبرة الدحداح في شارع بغداد .
وحمدت الله عز وجل على أن الهمني الخير في إعادة والدي الى داره وبين أولاده وأحبابه وجيرانه وأن يتوفاه الله تعالى بيننا بعزة وكرامة .
سيطر التشاؤم على العائلة من زواج أخي عبد الكريم من هيفاء علايا بوفاة والدي في ذلك الحين لكني بادرت أنا وبعض أخوتي في اقناع أخي عبد الكريم من سرعة تزويجه بعد أربعين يوماً من وفاة الوالد وهذا قضاء وقدر لا دخل له بموت أحد أو احياء أحد .
وبقيت خالتي وداد مقيمة معنا في البيت مع أخوتي الباقين طيلة فترة العدة ، وبعد انقضائها انتقلت الى دار والدها وحّـل مكانها أخي محمد علي وأسرته لنقله من ضاحية جوبر الى دار والده في حارة العبيد حرصاً على نشأة أولاده في جو العائلة وفي حيّ ساروجة بدمشق وليرعى شؤون أخوتي الباقيين .
أمضينا أوقات جميلة في دار العائلة نجتمع يومياً في المساء ونتعشى ونلعب الورق ونسهر معاً ، وأصبحت علاقتنا مع أخي عزت عادية نتزاور وكل شيء على ما يرام .
بعد وفاة الوالد رحمه الله اجتمعنا لتصفية الميراث وفوضنا أخي الأكبر محمد عزت بتوزيع الحصص وفق ما يراه ويقدره دون أي اعتراض أو نقاش وأخذت خالتي حصتها من التركة بإشرافي وبقي لها حصتها من الدار الذى نسكنه فلم يوزع ميراثه على الجميع وبقي لفترة خمسين سنة كما هو .
انظر:
تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)
مرحلة الطفولة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (2)
التاجر الصغير .. من مذكرات محمد حسن بوكا (3)
مجيد الفوال .. من مذكرات محمد حسن بوكا (4)
المرحلة الابتدائية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (5)
مرحلة الشباب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (6)
العرفان بالجميل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (7)
التلميذ المدلل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (8)
مقابلة الشيخ تاج الدين الحسني .. من مذكرات محمد حسن بوكا (9)
مرضي بذات الجنب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (10)
الحياة العائلية ما بين 1940- 1950 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (11)
رهان مقبوضة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (12)
البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)
النضال الوطني .. فترة المطالبة بالجلاء.. من مذكرات محمد حسن بوكا (14)
إلقاء القنبلة على هيئة الأركان الفرنسية.. من مذكرات محمد حسن بوكا (15)
مقابلة فارس الخوري .. من مذكرات محمد حسن بوكا (16)
هجوم الفرنسيين على المجلس النيابي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (17)
وقف الاعتداء الفرنسي 1945 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (18)
دراستي في مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (19)
عيد الجلاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (20)
مستشفى بحنس .. من مذكرات محمد حسن بوكا (21)
بداية حياتي العملية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (22)
إيفادي الى مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (23)
افتتاح الهاتف الآلي بدمشق .. من مذكرات محمد حسن بوكا (24)
شريكة حياتي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (25)
مقاطعة الاستفتاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (26)
منعطف الموت .. من مذكرات محمد حسن بوكا (27)
عزة وشجاعة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (28)
نقل عملي الى حماة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (29)