شهادات ومذكرات
بداية حياتي العملية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (22)
بداية حياتي العملية ..من مذكرات محمد حسن بوكا (22)
قدر الله تعالى عند عودتي من مرحلة المرض بنهاية 1947 أن أحصل على فرصة عمل لدى مصلحة الهاتف في دمشق حيث تقرر إنشاء الهاتف الآلى بمساعدة خبراء مصريين وانجليز وبلجيك فاستعانوا بجميع خريج مدرسة الصنائع ليقوموا بتنفيذ المشروع .
وكان صديقي وأخي / عبد الغني العطار يعمل في المصلحة تحت اشرف المهندس المصرى / أحمد الطنوبي الذى رشحني للعمل معه وقدمني على أنني كنت أدرس في مصر .
فوافق على تعينى بالوظيفة دون أن أعلم ، ثم دعاني عبد الغني لزيارته بالهاتف كالمعتاد وعرفني على المهندس أحمد الذى بادرني فوراً بمباشرة العمل في مكتب الرسم الهندسي وأن راتبي سيكون 160 ل س شهريا .
عندما تقاضيت أول راتب ليّ بعد تعيني الذى تأخر عدة أشهر للإجراءات الإدارية ، حملت مرتبي كله عن ثلاثة أو أربعة أشهر وأعطيته للوالدة التي كانت تعاني من المرض وهي على فراش الموت وفرحتها لا تقدر بثمن والدموع تسيل من عينيها واقتطعت منه مائة ليرة وردّت الباقي ليّ .
الصدمة الكبرى :
فرحت والدتي بعودتي سالماً الى أحضانها وخاصة بعد أن اطمأنت عليّ بحصولي على وظيفة حكومية ، ولكن لم تكتمل فرحتها بشفائي من المرض وحصولي على وظيفة ، فبعد شهر أصيبت والدتي بمرض لم يتمكن الأطباء من تشخيصه إلا بعد ثلاثة أشهر وتبين أنها تعاني من ورم سرطاني في أمعائها الغليظة وبمرحلة متأخرة ، صارعت الألام وصبرت على الأوجاع الى أن توفاها الله عز وجل يوم الأحد 2 شوال 1367 الموافق 8/8/1948م عن عمر48 سنة ، دفنت مع أخيها عارف علي اسماعيل الكاشف بمقبرة الدحداح بدمشق.
كانت هذه أكبر صدمة تلقيتها في حياتي ، فقد تركت فراغاً كبيراً في العائلة والمحيط الاجتماعي وقدمت الكثير وأحبت الجميع ولم تكمّل مسيرتها ولم تجنى ثمرة عطائها وتضحيتها فادخرت ثوابها عند ربها واحتسبت أجرها عند باريها .
وبعد وفاة والدتي توقفت عن ممارسة العزف على الموسيقى خزناً على فراقها ، وانشغالي واهتمامي بأخوتي الصغار، كان عمر أختي عنايت أصغرهم سناً خمس سنوات ومراون عشرة سنوات وأخوتي عزت وعلي الأكبر مني سناً متزوجين ولديهم أولاد ، فشعرت بمسوؤليتي وضرورة العناية بهم فكنت ارافقهم بالنزهات وتلبية حاجاتهم اليومية بمساعدة زوجات أخوتي اللواتي لم يقصرن في خدمتهم والاهتمام بهم .
أجواء مشحونة :
بعد وفاة والدتي عاش والدي وحيداً فاخوتي المتزوجون يهتمون بالبيت وبأولادهم وباخوتي الصغار ولم يكن أحد يولي العناية بوالدي ، ولاسيما أن والدتي رحمها الله تعالى كانت تعتنى بمأكله وملبسه وجميع شؤونه فلم يجد بداً من الشروع بالزواج ، فبعد أربعة أشهر ونصف من وفاة والدتي تزوج من سيدة كانت مطلقة وعقيمة واسمها / وداد الكوى وكان في 20/12/1948 ، وعمرها 25 سنة وعمر والدي 58 سنة وهي على صغر سـنها إلا أنها تتمتع بشخصية قوية وذكية ونشيطة واجتماعية وأقام معها في بيت أهلها بالشاغور تجنبا لتعيش معنا ضمن أسرة كبيرة فيها 15 شخصاً .
تأثرنا جداً بزواج الوالد واعتبرناه قد تسرع في هذا الزواج وبدون موافقتنا ، وأصبح الجو مشحوناً وخاصة من أخي وزوجته وخالتي ليلى واستمر هذا التوتر فترة طويلة ، والعلاقة بيننا والوالد محدودة جداً لا تتعدى أن يتناول طعام الغداء معنا وينصرف لأنه أعتاد على طعام زوجة أخي عزت التي كانت قد تعلمت طريقة التحضير من والدتي .
انظر:
تعريف .. من مذكرات محمد حسن بوكا (1)
مرحلة الطفولة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (2)
التاجر الصغير .. من مذكرات محمد حسن بوكا (3)
مجيد الفوال .. من مذكرات محمد حسن بوكا (4)
المرحلة الابتدائية .. من مذكرات محمد حسن بوكا (5)
مرحلة الشباب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (6)
العرفان بالجميل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (7)
التلميذ المدلل .. من مذكرات محمد حسن بوكا (8)
مقابلة الشيخ تاج الدين الحسني .. من مذكرات محمد حسن بوكا (9)
مرضي بذات الجنب .. من مذكرات محمد حسن بوكا (10)
الحياة العائلية ما بين 1940- 1950 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (11)
رهان مقبوضة .. من مذكرات محمد حسن بوكا (12)
البطل الكردي أحمد البارافي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (13)
النضال الوطني .. فترة المطالبة بالجلاء.. من مذكرات محمد حسن بوكا (14)
إلقاء القنبلة على هيئة الأركان الفرنسية.. من مذكرات محمد حسن بوكا (15)
مقابلة فارس الخوري .. من مذكرات محمد حسن بوكا (16)
هجوم الفرنسيين على المجلس النيابي .. من مذكرات محمد حسن بوكا (17)
وقف الاعتداء الفرنسي 1945 .. من مذكرات محمد حسن بوكا (18)
دراستي في مصر .. من مذكرات محمد حسن بوكا (19)
عيد الجلاء .. من مذكرات محمد حسن بوكا (20)
مستشفى بحنس .. من مذكرات محمد حسن بوكا (21)