ولد محمد كامل القدسي من أب سوري وأم جزائرية (حفيدة مباشرة للأمير عبد القادر) في دمشق عام 1922م.
يعد من رواد النهضة الموسيقية في كل من سورية والجزائر في النصف الثاني من القرن العشرين.
نشأ في جو أسرة تحب الإنشاد الديني كما تحب الموسيقى العربية التقليدية، وتمارسهما هواية إنشاداً وعزفاً، فأحب هذا الفن ومارسه مع أسرته على آلة العود منذ صغره، وحينما لمس والداه موهبته الموسيقية المبكرة شجعاه على تعلم العزف على آلة الكمان على يد أستاذ تركي يدعى شوقي بك زوربا، ثم على يد أستاذ روسي يدعى البارون إراست بللينغ.
في عام 1938 التحق بالفرقة الموسيقية لجمعية المعهد الموسيقي الفني بدمشق، وكانت تعنى بالموسيقى العربية التقليدية.
انتسب عام 1940 إلى معهد أصدقاء الفنون، وتولى قيادة فرقته الموسيقية.
في عام 1942 وبعد أن أنهى دراسته الثانوية في المعهد الفرنسي العربي بدمشق، وبعد أن لمست وزارة الدعاية والشباب موهبته وظّفته؛ ليعمل بجانب خبيريها الموسيقيين: الشيخ علي الدرويش[ر] (السوري) والبارون إراست بللينغ.
في عام 1943 التحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية بالقاهرة، وتخرج فيه عام 1948، وكان ترتيبه الأول في الدبلوم.
تابع دراسته في المعهد العالي للموسيقى المسرحية بالقاهرة.
بعد عودته إلى سورية امتد نشاطه الموسيقي؛ ليشمل ثلاث مراحل زمنية على التوالي في كل من سورية والسعودية والجزائر، وليبلغ نحو نصف قرن من العطاء الفني.
شغل القدسي العديد من المناصب الموسيقية بدءاً من عام 1950 على التوالي: أستاذ الموسيقى في التعليم الثانوي، ومدير المعهد الموسيقي الشرقي التابع لوزارة المعارف، ومفتش أول للموسيقى في وزارة التربية والتعليم. وقد نشط خلال هذه الفترة في تأليف العديد من الكتب الموسيقية التعليمية وتنظيم المسابقات والمهرجانات الموسيقية.
وفي عام 1962 شغل منصب مدير الموسيقى والمسارح بوزارة الثقافة والإرشاد القومي، وشمل عمله الإشراف على معهدي الموسيقى بدمشق وحلب التابعين للوزارة، والإشراف العام على الفرق الفنية والمسرحية الرسمية، ورئاسة فرقة أمية القومية للفنون الشعبية.
ترأس فرقة أمية للفنون الشعبية عام 1964 في جولتها الفنية إلى الجزائر حيث قدمت مدة شهر أوبريت[ر. الأوبرا] operette «الأم والوطن» في مختلف الولايات الجزائرية بعد أن شاركت في مهرجان معرض الجزائر الدولي الأول تحت الرعاية السامية للرئيس بن بيلا.
في عام 1966 ترأس فرقة أمية التي شاركت في مهرجان الموسيقى الأندلسية الذي أقيم في الجزائر، ونالت فرقته الجائزة الأولى، وسجلت موشحاتها شركة الأسطوانات الجزائرية.
تولى رئاسة لجنة الموسيقى في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية منذ تأسيسه عام 1959، وهي اللجنة المعنية بالتخطيط للحركة الموسيقية في سورية.
وفي عام 1968 شغل منصب مدير إدارة المسرح المدرسي بوزارة التربية وركز جهوده على اكتشاف الموهوبين ورعايتهم وتنظيم العديد من المسابقات والمهرجانات التي شارك فيها بألحان موزعة للكورال، ومنحه وزير التربية جائزة الفارابي الذهبية للتأليف الموسيقي عام 1971، كما نال وسام مهرجان الأغنية العربية الأول بدمشق عام 1977.
مثّل سورية في العديد من المؤتمرات الموسيقية منها مؤتمر بيروت عام 1955، ومؤتمر براغ عام 1956 في ذكرى مئتي عام على ولادة موتسارت، ومؤتمر فاس عام 1969 الذي أوصى بضرورة إنشاء مجمع عربي للموسيقى يتولى البحث العلمي في قضايا الموسيقى العربية.
حضر القدسي إلى الجزائر عام 1980 في نطاق التعاون الثقافي بين الجزائر وسورية، واكتسب الجنسية الجزائرية.
عمل خبيراً للموسيقى في وزارة التربية الوطنية والمعهد التربوي الوطني ثم نصب عضواً في اللجنة الوطنية الدائمة للتربية الموسيقية برئاسة المربي الكبير الأستاذ الأمين بشيشي وكانت ثمرة جهوده في هذه اللجنة أن ألف كتاباً للأساتذة بعنوان «دليل المعلم في التربية الموسيقية» (قدم له رئيس اللجنة)، كان خير عون لأساتذة الموسيقى بما احتواه من طرق التدريس الحديثة والأناشيد الوطنية والتربوية من تلحينه وتلحين رئيس اللجنة.
في عام 1982 شارك في أعمال المؤتمر السابع للمجمع العربي للموسيقى الذي استضافته الجزائر، وقدم بحثاً موسيقياً لاقى صدىً طيباً لدى المؤتمرين، ونشر مع غيره من أبحاث المؤتمر في كتاب تحت عنوان: «التربية والثقافة الموسيقية»؛ كان خير بداية لمادة التربية الموسيقية في الجزائر.
تولى تدريس منهجية التربية الموسيقية في المعاهد العليا الجزائرية بدءاً من عام 1982 على التوالي: معهد تكوين أساتذة الموسيقى ـ المركز الوطني لتكوين مفتشي الموسيقى ـ المعهد الوطني للموسيقى ـ المعهد العالي لتكوين إطارات الشباب ـ المعهد الوطني العالي للموسيقى المدرسية العليا للأساتذة بجامعة الجزائر.
قام في فترة عمله في الجزائر بأبحاث موسيقية جادة أسفرت عن وضع نظريات وقواعد جديدة في علم التلحين والانتقالات المقامية مبنية على العرض الموسيقي المدون وعلى مراكز التجاذب والطاقات الحركية الصاعدة والهابطة للأصوات الموسيقية.
في عام 1990 شارك في الملتقى الدولي الذي أقامته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتقديم بحث مستفيض حول: التربية الموسيقية والطفل وعملية الإبداع الموسيقي ضمّنه لمحة عن الحركة الموسيقية المتنامية في الجزائر، وسلّط الأضواء على التراث الغنائي الجزائري الضخم.
ونشر عام 1993 سلسلة من الأبحاث الموسيقية (بلغت نحو الثلاثين بحثاً) في المجلة الثقافية الأسبوعية التي تصدرها المؤسسة الوطنية للإذاعة تعدّ مرجعاً مهماً لأساتذة الموسيقى وطلبتها.
وفي عام 1995 شارك في المؤتمر الثالث عشر للمجمع العربي للموسيقى الذي عقد في دمشق؛ وذلك بصفته عضواً في الوفد الجزائري المشارك، وقدم بحثا مهماً حول: «علم النفس الموسيقي وعلم الاجتماع الموسيقي في خدمة تعليم الموسيقى العربية وتطويرها». نشر في أربعة أعداد متتالية في مجلة الحياة الموسيقية التي تصدرها وزارة الثقافة السورية.
منحته نقابة الفنانين السوريين براءة تقدير في عام 1997، وكرمته فناناً رائداً في عيد الفنانين.
توفي في الجزائر عام 1999(1).
(1) الشريف (صميم)، الموسيقى في سورية: أعلام وتاريخ (وزارة الثقافة، دمشق 1990).
الشريف (صميم)، الموسوعة العربية، المجلد الخامس عشر، صـ 258.
انظر:
سلمان البدعيش: السويداء وأكبر فرقة موسيقية مدرسية في الوطن العربي