شهدت الدولة العثمانية في الحقبة الأخيرة من عمرها نتيجة الحروب والاضطرابات بشكل رئيسي، حركات هجرة كبيرة ومتنوّعة، فيما عرف بحقبة الإنحلال والتفكّك، واستهدفت تلك الهجرات المناطق الأكثر استقرارًا من الناحية الأمنية والاقتصادية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى عوامل أخرى كالدين واللغة، وقد نالت سورية الطبيعية، بولايتيها الكبرى سوريه وحلب، حصة كبيرة من تلك الهجرات.

ويمكن تقسيم حركات الهجرة إلى سورية ضمن تصنيفات متعدّدة حسب النطاق، المدة، الطابع:

هجرة داخلية-عثمانية: وهي حركة الهجرة التي حدثت ضمن أراضي الدولة العثمانية، كالهجرة الكبرى من بلاد روميلي في بدايات القرن العشرين، واستقرار جزء من المهاجرين جنوب غرب حمص مثالًا.

هجرة داخلية- سورية: حركات الهجرة/النزوح بعد أحداث 1860

هجرة خارجية: كهجرة الجزائريين إلى بلاد الشام في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

وهناك حركات الهجرة ذات الطابع العرقي-الديني، كهجرة الشركس والداغستان، وهجرة الأرمن.

وهذه الهجرات يمكن تصنيفها ضمن هجرات مؤقتة، كهجرة أهالي جزيرة غريت إلى حمص، ومن ثم إلى طرابلس الشام، وهجرة دائمة، كهجرة الشركس الذين استقرّوا شمال شرق حمص.

و سعت الإدارة المركزية للدولة العثمانية إلى تهدئة تلك الحركات قدر الإمكان من خلال العمل على توطين المهاجرين، وقدّمت لهم الدعم المادي والمعنوي والتسهيلات القانونية، وتضمّنت هذه التسهيلات الحصول على المواطنة العثمانية، في حال كانوا مواطنين لدولة أخرى.

ومثالًا على ذلك، وثيقة رقم 45-40/1 من أوراق نظارة الداخلية – قلم تحريرات سجلّ النفوس؛
تذكرة والي سورية المرفوعة إلى نظارة الداخلية بخصوص إتمام المعاملات القانونية الخاصة بالمدعوّة يمنى بنت قدور بن صالح المغربي، من أهالي مدينة وهران الجزائرية ومن “التبعة” الفرنسية، التي طلبت الحصول على المواطنة والدخول في “التابعية” العثمانية، وشملت تلك المعاملات القانونية المراجعة والاستدعاء والقيام بالتحقيقات وفق الأصول حول إتمام معاملة “ترك التابعية”، أي التخلّي عن المواطنة الفرنسية، والتقييد اللازم في سجل النفوس.

التذكرة ممهورة بختم والي سورية محمد عارف بك، ومؤرخة بتاريخ 29 جمادى الآخرة 1331هـ و 22 مايس 1329 رومية، الموافق لتاريخ 5 حزيران 1913م.