You dont have javascript enabled! Please enable it!
مختارات من الكتب

نيقولاس فان دام : الطائفية والفساد وغياب الانضباط الحزبي 1979- 1980

فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995.

الفصل السابع –  التحريض الطائفي والمواجهة

4 – الطائفية والفساد وغياب الانضباط الحزبي 1979- 1980


ان التمثيل  العلوي في مؤسسات السلطة السورية لا يمكن أن يكون في حد ذاته السبب في عدم الاستقرار الذي عاناه النظام السوري في النصف الثاني من السبعينيات، فقد بدأت سيطرة البعثيين العلويين منذ استيلاء البعث على السلطة في عام 1963م، ثم تعززت هذه السيطرة بعد تشرين الثاني 1970 عندما احتكرت جماعة الأسد السلطة، التي سيطر عليها العلويون، مما حقق في البداية فترة طويلة نسبياً من الاستقرار.

لذلك، يجب أن نحدد الأسباب الأكثر عمقاً لعدم الاستقرار الذي ألمّ بالنظام السوري في الخلفية الطائفية للنخبة الحاكمة فقط، وإنما في مزيج من عوامل مختلفة مثل الفساد والصعوبات الاقتصادية والأساليب القمعية وغير الديمقراطية وغياب الانضباط الحزبي والممارسات الطائفية التي طفت إلى السطح، خاصة في الفترة التي تلت التدخل العسكري السوري في الحرب الأهلية اللبنانية. ونتيجة لذلك، أصبح من الممكن توجيه السخط الشعبي والتوترات الاجتماعية الاقتصادية وإثارتها عبر قنوات طائفية، مثلما بدا واضحاً في الاضطرابات المدنية العنيفة والدموية بطول البلاد وعرضها في ربيع 1980.

وفي أيلول 1979 بدأت حملة ثانية ضد الفساد بهدف تحسين المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمتدهور في البلاد، إلا أن العوائق البنيوية التي عرقلت التنفيذ الجذري للحملة الأولى ضد الفساد في 1977 كانت لا تزال قائمة، وبدت احتمالات نجاح إجراءات الإصلاح الشاملة مظلمة طالما بقي التنظيم الحزبي للنظام ضعيفاً.

وفي عام 1980 كان تنظيم حزب البعث لا يزال يعاني من نقاط الضعف العديدة التي تكبدها منذ أن جاء إلى السلطة في 1963، بالرغم من انقضاء 17 عاماً على الجماعات البعثية المختلفة في الحكم، إلا أنها لم تنجح في التخلص من نقاط الضعف هذه. وهذا ما بدا واضحاً في التقرير التنظيمي المقدم للمؤتمر القطري السابع لحزب البعث والمنعقد في دمشق في 22 كانون الأول عام 1979م، إلى السادس من كانون الثاني عام 1980، حيث يلخص هذا التقرير ما أسماه بأكبر الصعوبات التي أعاقت النشاطات التنظيمية للحزب:

1- قلة الخبرة والسوية العلمية عند بعض الرفاق في القيادات الحزبية، وعدم توفر الانسجام فيما بينها أحياناً.

2- ضعف التربية العقائدية في الجهاز الحزبي وبروز ظاهرة العزوف عن التثقيف الذاتي ونمو الميل الاستهلاكي لدى الجيل.

3- عدم توخى الدقة في الاختيار عند تعيين القيادات المتسلسلة وعدم معرفة القيادة بالمرشحين من قيادات الفروع معرفة مباشرة.

4- ضعف سوية الجهاز المتفرغ في مؤسسات الحزب القيادية (أي، الجهاز الذي أعفى أعضائه من أي واجبات أخرى، ويتوقع منهم تكريس أنفسهم بشكل كامل للعمل الحزبي).

5- ظواهر (مهمة أخرى) أبزها: اللامبالاة، وضعف الشعور بالمسؤولية، وضعف الحماس للحزب، والتعصب له، والانتهاز، والفهم الخاطئ لممارسة الديمقراطية، ونمو بعض أمراض المجتمع الموروثة (أي الطائفية والإقليمية والعشائرية).

وفي غضون المؤتمر القطري السابع تم اتخاذ قرار بتشكيل لجنة مركزية من 75 عضواً “تمارس صلاحيات المؤتمر القطري بين فترتي انعقاده.. وتشرف على تنفيذ قرارات القيادة وخططها في مجال الدولة والعمل الحزبي”.

وليس من المدهش بمكان وبتوافق مع التحليل الاحصائي لمؤسسات السلطة السورية الواردة بالفصل السادس أن يتمتع الضباط العلويون بتمثيل قوى ضمن الأعضاء العسكريين المنتخبين في اللجنة المركزية. ومن بين هؤلاء، الرئيس حافظ الأسد وأبرز أنصاره العلويين، بمن فيهم شقيقه رفعت الأسد، والعماد علي أصلان “نائب رئيس هيئة الأركان”، والعماد علي دوبا “مدير المخابرات العسكرية” واللواء إبراهيم صافي “قائد الفرقة الثالثة” واللواء شفيق فياض “قائد الفرقة الأولى ومن أرباء الرئيس” واللواء عدنان بدر الحسن.

وقد اختارت اللجنة المركزية من بين أعضائها قيادة قطرية جديدة تألفت من 21 عضواً، وبالطبع كان الرئيس حافظ الأسد وشقيقه رفعت الأسد من بين الذين أعيد انتخابهم. ومن جهة نظر احصائية نجد أن تشكيل القيادة القطرية يتمشى مع القيادات الثلاث السابقة منذ تشرين الثاني عام 1970 كما ورد بالفصل السادس: حيث أظهرت جميعها تمثلاً قوياً نسبياً لمنطقة اللاذقية وللعلويين.

وفي ختام المؤتمر القطري السابع أعلن الرئيس الأسد بعض الخطوط العريضة للإصلاحات الجذرية التي هدفت لمساعدة النظام والبلاد على تحسين الموقف الحرج الذي وجدوا أنفسهم فيه. بيد أن النظام واجه في المراحل الأولى لمحاولته تنفيذ برنامجه الاصلاحي معارضة وشغباً بطول البلاد وعرضها على نطاق أوسع مما كان عليه منذ عام 1963م.

وأكد فشل النظام في تنفيذ الإصلاحات الضرورية لإعادة الاستقرار السياسي والاجتماعي الاقتصادي بجانب عجزه عن محو سمة الطائفية مرة أخرى  الوضع المتناقض الذي وجد نفسه فيه مراراً وتكراراً منذ استيلائه على السلطة في 1963. لقد أصبح النظام البعثي الذي كان يسيطر عليه العلويون أسير حلقة مفرغة لا مفر منها على ما يبدو.


(1) للإطلاع على تفاصيل التوثيق وتوضيح بعض الأحداث أعلاه راجع:

فان دام (نيقولاس)، الصراع على السلطة في سوريا- الطائفية والإقليمية والعشائرية السياسية 1961- 1995،  صـ 142-147


 اقرأ:

من كتاب الصراع على السلطة في سوريا – الفصل الأول .. المقدمة :

1- العوامل التي ساهمت في الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية في سورية

2- الإقليمية في سوريا خلال فترة الاستقلال

3- الأقليات الدينية المتماسكة .. العلويون

4- الأقليات الدينية المتماسكة .. الدروز والإسماعيليون

 الفصل الثاني: ظهور الإقليات في القوات المسلحة السورية وحزب البعث

1- التداخل الطائفي والإقليمي والعشائري والإجتماعي الإقتصادي

2- التمثيل القوي لأعضاء الأقليات في حزب البعث

3- الحواجز الإجتماعية التقليدية أمام التوسع الطبيعي لحزب البعث

4- الشقاق الحزبي الإنصرافي داخل جهاز حزب البعث المدني

5- انتخابات حزب البعث المحلية عام 1965

6- أعضاء الأقليات في القوات المسلحة السورية قبل عام 1963

7- الاحتكار البعثي للسلطة في سورية 1963

 الفصل الثالث: الإستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية بين السنيين والإقليات الدينية

1- التكتل الطائفي والإقليمي والعشائري في النخبة العسكرية البعثية

2- التمييز الطائفي ضد السنيين في القوات المسلحة السورية

3- فشل سياسة الطائفية العلنية كتكتيك.. إبعاد محمد عمران

4- الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1965

5-  الاستقطاب الطائفي في القوات المسلحة السورية عام 1966

6- التنظيم السري للقيادة القومية المخلوعة عام 1966

 الفصل الرابع: تصفية الضباط الدروز ككل منفصلة داخل القوات المسلحة السورية

1- تنظيم سليم حاطوم السري

2- الاستقطاب الطائفي العلوي – الدرزي وإنقلاب سليم حاطوم

3- الدعاية الطائفية ضد العلويين

4- التصفيات اللاحقة لإنقلاب حاطوم الفاشل

5- تصفية الجماعات الحورانية البارزة

الفصل الخامس – الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية

1-  التنافس بين حافظ الأسد وصلاح جديد

2- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية قبل عام 1970

3- الصراع على السلطة داخل الطائفة العلوية بعد عام 1970

الفصل السادس –  الشقاق الحزبي الطائفي والإقليمي في نخبة السياسيين السوريين: تحليل إحصائي

1-  تحليل إحصائي لمؤسسات السلطة السياسية السورية 1961- 1995

2- ثورة تاريخية في النخبة السياسية السورية 1963

3- الوزارات السورية والقيادة القطرية

4- العسكريون في القيادات القطرية السورية

الفصل السابع –  التحريض الطائفي والمواجهة

1-  التحريض الطائفي – مذبحة حلب

2-  الدعاية الإعلامية المضادة للطائفة العلوية 1979

3 – تهديدات الحرب الأهلية الطائفية في سورية 1979 – 1980



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى