مروان حبش: قضية الضابط داود عويس (11)
تطرق الأستاذ محمد السيد إلى اتصال الأستاذ ميشيل عفلق بالضباط المصريين أبّان عهد الوحدة وخشية من اعتقاله تمَّ تهريبه إلى لبنان.
بدأت أحداث هذه القصة في ربيع 1959 حيث تعرف الأستاذ عفلق على ضباط من الجيش المصري منهم الضابط داود عويس وأثارها الرئيس ناصر في محادثات الوحدة الثلاثية آذار – نيسان 1963 حيث وجه حديثه إلى الأستاذ ميشيل (إنكم طلبتم من الدكتور بشير العظمة وأحمد عبد الكريم أن يستقيلا، وقد طلبتم عن طريق داود عويس أن يستقيل عباس رضوان وتوفيق عبد الفتاح، وهما وزيران محسوبان على المشير عامر، وإنني أعتبر هذه العمليات انسحاب من الوحدة. وإن داود عويس قد نقل للمشير عن لسانك أن التفاهم مع المشير ممكن، ولكن مع عبد الناصر غير ممكن. وكان الغرض من ذلك خلق شعور معاد في الجيش ضد جمال عبد الناصر وخلق تنظيم في الجيش يرتبط بحزب البعث).
إن داود عويس هو مدير مكتب وزير الحربية المشير عامر، وبعد صدور قرار بتاريخ 22/10/1959 بتعيين المشير حاكماً على سورية قدم عويس معه وزار الأستاذ عفلق في منزله أكثر من مرة، ونقل إليه رغبة المشير الاتفاق مع حزب البعث للقيام بانقلاب ضد الرئيس جمال عبد الناصر، كما نقل إليه رغبة المشير بضرورة اتصال وزراء البعث مع الوزيرين عباس رضوان وتوفيق عبد الفتاح لتقديم الاستقالة مع بعضهم من وزارة الرئيس عبد الناصر.
أرسل الأستاذ عفلق عبد الفتاح زلط إلى القاهرة كي يبلغ الأستاذ أكرم عن هذا للقاء، ويقول الأستاذ الحوراني في مذكراته:
قلت لعبد الفتاح بلغ ميشيل بما يلي: إن فعلته هذه ستمنح عبد الناصر مبرراً ليقضي علينا وعلى سمعتنا وسمعة الحزب في العالم العربي وسيظهرنا بمظهر المتآمرين على الوحدة.
وبلغ الأستاذ ميشيل بأنني سأفاتح عبد الناصر بهذا الموضوع وأتهمه بوجهه بالتآمر علينا… وفي اليوم الثاني اجتمعت بعبد الناصر في منزله وقلت له وأنا في غاية الانفعال: هل بلغ كرهك لنا وحقدك علينا، نحن الذين بذلنا كل ما نستطيع لرفع لواء قيادتك وزعامتك على العالم العربي، حداً تتفق فيه مع المشير على تكليف الضابط عويس لحبك مؤامرة ضدنا ؟
ويتابع الأستاذ أكرم ما مفاده: إنه بعد يومين من المكاشفة سافر إلى دمشق، وقصد منزل الأستاذ ميشيل في شارع أبي رمانة ليستفسر منه عما حدث فأبلغه أن الضابط عويس عنده في الغرفة الثانية وسيأتي إليه بعد مغادرة عويس. وبعد مغادرة المذكور قال الحوراني لعفلق لقد نقل إليك عبد الفتاح رسالتي….، ورغم ذلك لم يتراجع عفلق عن تأكيد صدق عويس وإخلاصه.
وبعد أيام قليلة، وفي اجتماع مجلس الوزراء التنفيذي اتهم كل من عبد الحميد السراج وعامر الأستاذ ميشيل بحياكة مؤامرة لفصل الوحدة.
بعد هذا الاتهام كان لابد من اختفاء الأستاذ ميشيل وتدبير أمر خروجه من سورية إلى لبنان عن طريق حمص – طرابلس، وأقام هناك يمارس نشاطه كأمين عام للحزب سرّاً ومختبئاً خشية اغتياله من مخابرات السراج.
ما زالت حقيقة هذه القضية التي ذهبت أسرارها الحقيقية مع المشير عامر موضع تساؤل: هل هي حيكت بمهارة مخابراتية للإيقاع بالبعثتين؟ أم كان المشير عامر جاداً بالقيام بانقلاب على الرئيس عبد الناصر من سورية، وما دوره في الترتيبات التي قادت إلى الانفصال؟.
اقرأ :
مروان حبش: قضية البعث وحسني الزعيم (10)
مروان حبش: دمج الحزبين وزواج لم يُعمِّر (9)
مروان حبش: الدمج بين حزبي البعث العربي والعربي الاشتراكي (8)
مروان حبش: صدور جريدة البعث والمؤتمر التأسيسي عام 1947 (7)
مروان حبش: معارك حركة البعث 1943- 1947 (6)
مروان حبش: تكون حلقة شباب البعث العربي 1942- 1943 (5)
مروان حبش: زكي الأرسوزي وتأسيس الحزب القومي العرب عام 1939 (4)
مروان حبش: الحزب القومي العربي (3)
مروان حبش: عصبة العمل القومي (2)
مروان حبش: نشأة وتكون حزب البعث العربي (1)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الدواعي والأسباب – المقدمة (1)
مروان حبش: حركة 23 شباط – الحزب في السلطة (2)
مروان حبش: حركة 23 شباط.. سقوط حكم حزب البعث في العراق (3)