فتـح الله ميخائيل صقال
ولد في حلب عام 1893م
أحد محامي وأدباء حلب المشهورين الذي كانت له المساهمة الكبيرة بجلب مياه الفرات إلى مدينة الشهباء “حلب”، إضافة إلى جمعه بين أعمال البر والإحسان والعمل السياسي والشجاعة الوطنية.
تلقى دراسته في مدرسة الحقوق الفرنسية بمصر ثم التحق بكلية (اكس) بفرنسا ونال الشهادة العليا بتفوق فكانت ثقافته عميقة الجذور.
عاد إلى مصر وتعاطى المحاماة أمام المحاكم المختلطة وبقي مدة ثلاث سنوات يحرر القسم القضائي في جريدة الأهرام العربية اليومية وفي جريدة (البورص اجبسيان) التي كانت تصدر باللغة الفرنسية ونالت أبحاثه الإعجاب فذاع صيته واشتهر فضله.
أجاد اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية ويعتبر من أنبغ المحامين العرب وفارس عربي من فرسان الزمن.
مواقفه الوطنية الشهيرة حافلة بجلائل الأعمال وما زال الناس يتحدثون بها وتضرب بها الأمثال وأثبت أنه شريف في مواهبه فريد في مزاياه، فقد وقف أمام المجلس الحربي الفرنسي يرافع ببلاغة فرنسية فذة عن المغفور له الزعيم إبراهيم هنانو وأقنع المحكمة أن هنانو ليس بمجرم ولكنه سياسي حر ثار لقضية بلاده .
شاء القدر أن يلقي الدهر على كاهله عبئاً قومياً في موقف عصيب رهيب تجلى فيه تعصبه لقوميته العربية بشكل يدعو إلى المباهاة والاعتزاز بوطنيته المثلى، فقد دعي إلى حفلة نادي الاتحاد الفرنسي التي أقيمت في الثلث الأخير من شهر أيار سنة 1929م عندما كان الفرنسيون في ذروة مجدهم وأوج عزهم وسيطرتهم، وصدف أن مست رجل شاب سوري راق كرسي الكولونيل الفرنسي (هولتز قائد موقع حلب يومئذ) فقال له بصلف وكبرياء (انتبه أيها السوري القذر) فسمع الأستاذ الصقال الأجل ذلك فانتفض انتفاضة الأسد الهصور وانقض على قائد الموقع وأجابه بلهجة فرنسية قوية بليغة (إنما القذر أنت أيها الضابط، لأنك لم ترع حق الضيافة والوفاء ولم تحترم حرمة قوم تعيش أنت وأمثالك من خيرات بلادهم). ولو لم يعتذر الكولونيل هولتز عن هفوته لتأزم الموقف وساء المصير.
مآثره الإنسانية:
إن مآثر الأستاذ الصقال أجل من أن تعد وتحصى ولا يتسع المجال لبيان شواهدها، فمعاني النبل لمّاحة بين جبينه وانبلاج ثغره وهو في مآثره الإنسانية ذو كرمٍ أصيل، لقد أسبغ عليه الدهر مآثر الخلود، فصهرته المكارم ونبالة القصد فجعلته حصناً منيعاً يلتجىء إليه من قسى عليهم الدهر بالمرض والألم والفقر واليتم ليداوي به آلامهم ويخفف عنهم شقاء الحياة. وإن بلاغة الشعور والعواطف الصادقة أصدق من لغة المعاني والبيان، وإن التاريخ ليعبر عما يختلج في قلوب هؤلاء التعساء الفياضة بعرفان الجميل.
جمعية الكلمة:
لقد تسلم في عام 1929م مقاليد جمعية الكلمة وأوصلها إلى ما كانت تنشده من استقرار وازدهار ووهبها في أجمل بقعة من بقاع السبيل، قطعة أرض مساحتها نحو خمسة آلاف متر مربع تقدر قيمتها بخمسة عشر ألف ليرة عثمانية ذهباً وعلى هذه القطعة شيد دار العجائز التابعة لمشاريع الكلمة الخيرية ومدّها بمبلغ وافر من ماله.
مستشفى الكلمة:
عام 1944م بدأ بتشييد مستشفى الكلمة على قطعة أرض واسعة تبرع بنصف قيمتها، كما تبرع بمبالغ أخرى وافرة.
مجلة الكلمة:
وفي عام 1929م أصدر مجلة (الكلمة) الزاهرة وراح يفتتح أعدادها بمقالات اجتماعية رائعة دلت على سمو مكانته في الإنشاء والأدب، وقد أوجدت لمشاريع الكلمة جيشاً من المحسنين والنصراء والمؤيدين في الوطن والمهجر وكان أمين سره وأقرب الناس مودة إليه الشاعر العبقري الأستاذ عبد الله يوركي حلاق صاحب مجلة الضاد الغراء فكان موضع ثقته وإعجابه لما اتصف به من وفاء وإخلاص.
سمي وزيراً للاقتصاد في حكومة حسني الزعيم التي تشكلت في الثامن عشر من نيسان 1949م.
سمي وزيراً للأشغال العامة والمواصلات في حكومة محسن البرازي التي تشكلت في شهر حزيران عام 1949م.
مؤلفاته :
– عمد إلى التصنيف والتأليف فطبع الكتب التالية:
– قضايا وقف العثمانية.
– تقرير جمعية الهلال الأحمر السوري بحلب.
– تقرير عن (أعماله في وزارة الأشغال العامة والمواصلات) .
– من ذكريات حكومة الزعيم حسني الزعيم.
– خطرات ونظرات .
– من ذكرياتي في المحاماة: اجتمع في سطورها روائع الكلام من قوة البيان والأدب.
التكريم:
أطلقت بلدية حلب اسمه على أحد أهم شوارع المدينة.
وفاته:
أصيب بالشلل النصفي في أواخر عام 1966 وتوفي صباح الجمعة العظيمة 27 آذار 1970، وشيّع جثمانه يوم الاثنين 30 آذار بموكب رسمي وشعبي مهيب.
المراجع والهوامش:
المراجع والهوامش: