You dont have javascript enabled! Please enable it!
مختارات من الكتب

مروان حبش: حركة 23 شباط .. رؤية القيادة القطرية المؤقتة عام 1966 (8)

من كتاب البعث وثورة آذار

أثناء فترة الحوار مع الأمين العام،كانت القيادة القطرية المؤقته تسرع في إعداد التقارير اللازمة التي توحد رؤيتها للأزمة ونظرتها إلى المستقبل على كل الأصعدة، ولقد تم انجاز هذه التقارير قبل 23 شباط 1966.

1- حول الأزمة الحالية:

ـ ظهور منطق الوصاية على الحكم والسلطة إلى جانب منطق الوصاية على الحزب، (إحلال فرد محل القيادة الجماعية).

ـ الصراع الداخلي بين مختلف مؤسسات الحزب والحكم، وانعكاس آثاره على الحياة العامة واليومية للمواطنين.

ـ استغلال شعار (وحدة الحزب) في محاولة منع الأكثرية من ممارسة مهامها وصلاحياتها الممنوحة لها في النظام الداخلي ومقررات المؤتمرات، وأن وحدة الحزب لا يمكن أن تتحقق في المفاوضات والاتفاقات بين الأطراف، ولا بالحلول الفوقية والتوفيقية التكتيكية.

ـ محاولة تفتيت وحدة الجيش و إدخال التناقضات على بنيته العقائدية والشعبية الطبقية.

ـ زج القواعد العسكرية الحزبية في معترك الصراع في الأزمات التي كانت تنشأ بين القيادات الحزبية.

ـ انعدام الرقابة والمحاسبة الحزبية سَهّل نمو الشعور باللامبالاة وأضاع المسؤولية.

ـ محاولة الفئات السياسية المعادية والطابور الخامس خلق التناقضات وتعميق الجوانب السلبية في الجيش.

ـ تحرك مجموعة من غير الحزبيين في الجيش بشكل واضح، عندما شعرت أن بين الحزبيين من يُدغدغها ويغازلها ويطريها، وهذا ما جعلها تشعر بأهميتها في مجال الصراع الدائر بين الحزبيين.

وأوصى التقرير لتجاوز الظواهر السلبية، وخاصة في الجيش بالآتي:

ـ ربط الجيش بالحزب ربطاً عضوياً.

ـ إعادة النظر بالتنظيم الحزبي في الجيش على ضوء التجربة.

ـ التأكيد على أن سلوك الحزبي هو ملك الحزب وليس ملك نفسه.

ـ تطبيق الصيغ التي أقرتها المؤتمرات الحزبية في تحديد ميدان وظيفة الجيش، وفي فصل السلطات العسكرية عن المدنية، على أن يُستثنى منصبا وزير الدفاع ورئيس الأركان في حال نجاحهما بعضوية القيادة القطرية أو القيادة القومية.

2– في المجال السياسي للحزب كحزب عربي قومي اشتراكي:

أولاً، في مجال السياسة الداخلية:

   للوصول إلى تقييم علمي لتجربة الثورة في القطر السوري خلال المرحلة الماضية، لا بد من معرفة حقيقية للعوامل الذاتية التي عاشت تحت وطأتها قيادة الحزب والحكم من ناحية، ولا بد أيضاً من إحاطة تامة بالظروف الواقعية للقطر السوري من ناحية ثانية.

أخذت الثورة طابع الانقلاب العسكري، وأدركت أنها بحاجة إلى مزيد من الوضوح النظري ووضع استراتيجية علمية لها في شتى المجالات، فكان عليها إخلاصاً منها لحقيقتها ولمهمتها التاريخية، أن تكون ثورة شعبية اشتراكية، بل ومنطلقاً للثورة العربية الشاملة، وأن تطور واقعها على ضوء معطيات التجربة والممارسة العملية.

لقد عالجت مقررات مؤتمرات الحزب والمنهاج المرحلي، مشكلات البناء الثوري في كل القطاعات، غير أن تلك المناهج والخطط كانت تلقى تردداً في التطبيق أو تجاوزاً وتنكراً لها وذلك نتيجة للتناقضات الأساسية التي سيطرت على قيادات الحزب العليا وأدت بدورها إلى فقدان القيادة السياسية الواحدة للثورة التي يفترض فيها توفر الحد الأدنى من وحدة النظر ووحدة الأسلوب، وقد تبين وجود ثلاثة اتجاهات في قيادة الحزب والثورة.

آ ـ تيار إصلاحي غير مؤمن باستمرار الخط الثوري.

ب ـ تيار يعمل على تعطيل دور الحزب وتجاوز مؤسساته تمهيدا لقيام حكم فردي.

ج ـ تيار انتهازي يحاول استغلال مواقعه لضرب الثورة وتنفيذ مخططاته.

هذا التناقض أدى إلى شل قدرة الحزب القيادية لقيادة الجماهير، كما أدى إلى الانسياب في التنظيم الحزبي، وضعف الشعور بالمسؤولية وظهور روح التكتل والانتهازية.

أما على صعيد الحكم،لم يكن للثورة هوية واضحة على جميع المستويات، فكانت نتيجة ذلك مترددة المواقف ومتناقضتها، وغير مقدامة لتباين العقلية في القيادة ونقص التجربة وعدم الوضوح.

وعلى صعيد الوضع الاقتصادي، لابد من وضع خطة محكمة علمية ومركزية للقطاع الاقتصادي، ووضع حلول عاجلة لقضايا عديدة يأتي في طليعتها معالجة الجهاز الإداري في مؤسسات القطاع الاقتصادي ومكافحة الغلاء والبطالة وتهريب الرساميل وأزمة السكن وتسويق الإنتاج وغيرها .

أما على صعيد أجهزة الأمن، فإن تضخيم صلاحياتها وحرفها عن مدلولاتها ومهمتها الأساسية التي تفترض أن تقوم في دولة اشتراكية، وأن استغلالها لصلاحياتها بالحد من الحريات العامة للمواطنين وتماديها أكثر من ذلك إلى حد التدخل في منظمات الحزب ومؤسساته،كل ذلك أدى إلى تشويه صورة الحزب والثورة لدى الجماهير، ويجب محو الآثار السيئة الناجمة عن ذلك ومحاسبة المسؤولين عنها والوقوف بوجهها بكل حزم لمنع تجاوز هذه الأجهزة لمهماتها في المستقبل، ومن الضروري تنظيم جهاز الأمن والمخابرات، وذلك بأن تكون هناك ثلاث مؤسسات لكل منها مهمتها الخاصة المحددة وهي:

1ـ الشعبة السياسية وترتبط بوزارة الداخلية.

2ـ المخابرات العسكرية ومهمتها الحفاظ على أمن الجيش وترتبط بالمؤسسات المسؤولة في الجيش.

3ـ المخابرات العامة وترتبط بالقيادة القطرية ومهمتها تقديم دراسات ومعلومات عامة، دون التدخل في شؤون المواطنين بصورة مباشرة.

وفي مجال الحريات العامة والتعبير عن الرأي، فإن الديمقراطية الشعبية هي النظام الأمثل الذي يتيح للشعب قيادة الثورة نحو تحقيق أهدافها، وأن الصيغة العملية لتنفيذ ذلك النظام تتجسد في قيادة الحزب الطلائعي الثوري للمنظمات الجماهيرية الشعبية.

إن ثورة آذار يجب أن تتيح لكل المواطنين التقدميين واليساريين الشرفاء من خلال منظماتهم الشعبية والنقابية الحرية التامة في نقد الثورة والحزب نقداً إيجابياً بناءً وإلى أقصى الحدود.

إن ثورة آذار يجب أن تفتح صدرها لكل القوى التقدمية واليسارية في القطر السوري، إذْ ليس من الطبيعي أن يظل هناك اشتراكي حقيقي خارج نطاق المعركة الاشتراكية، وليس من المعقول أن يقف مناضل وحدوي تقدمي بعيداً عن المشاركة الإيجابية في ثورة الوحدة والحرية والاشتراكية.

إن الخلافات التي تقوم بين الحزب وبين أي من القوى التقدمية هي أمور ومشكلات جانبية يجب أن لا تحول دون لقاء القوى التقدمية في معركتها المصيرية مع الاستعمار وعملائه من الرجعيين والرأسماليين.

إن ثورة آذار يجب أن تؤكد على الانفتاح واللقاء مع هذه القوى، وأن عليها اتخاذ خطوات جدية لتحويل تلك النوايا والإرادة الصادقة إلى واقع عملي ملموس.

على قيادة الحزب أن تستكمل تأسيس منظمات شعبية لقطاعات الحرفيين والشبيبة، وتوفير الحريات الكاملة في العمل النقابي وتنمية الوعي الطبقي وإشاعة روح الديمقراطية في المنظمات الشعبية.

كما ناقشت القيادة القطرية المؤقتة واقع التأميم والتحولات الاشتراكية، وواقع جهاز الحكم، وضرورة وضع دستور دائم للقطر، وتطبيق المنهاج المرحلي، وناقشت واقع التعليم والإعلام والخدمات وتجربة الجيش العقائدي.

ورأت القيادة القطرية المؤقتة، بعد تحليلها لأوضاع الطبقات الاجتماعية في القطر، ضرورة اتباع سياسة حازمة لا مهادنة فيها ولا تراجع تجاه القوى المستَغِلة، لأن كل موقف غير هذا هو تمييع للخط الثوري وتنكر لالتزام الحزب بمصلحة الجماهير الشعبية الكادحة، أما الطبقة البرجوازية الصغيرة، فيجب توعيتها لتدرك أن مصلحتها تتحقق بانتصار قضية الثورة.

 ثانياً، في مجال السياسة العربية:

كانت تصورات القيادة القطرية المؤقتة، حول الوضع العربي، تتلخص في:

– إن العرب اليوم وهم جزء من هذا العالم المتصارع يتطلعون إلى واقعهم يتلمسون فيه امكانياتهم الحقيقية ويفتشون عن الطريق الذي يوصلهم لبلوغ أهدافهم والانتصار على القوى التي تعوق تقدمهم وتقف حائلاً بينهم وبين القيام بدورهم الكامل في تأكيد المثل الإنسانية.

– إن الاستعمار الجديد يتشبث الآن بكل قواه لإبقاء سيطرته الاقتصادية والسياسية والثقافية على هذه البقعة من العالم (أي الوطن العربي).

– إن العرب يخوضون معركة جدية وحاسمة ضد الاستعمار الجديد وأساليبه المتطورة في السيطرة والتشبث بمقدرات وطننا وثرواته وطرق مواصلاته ومعابره الدولية.

– إن المعركة كانت فيما مضى سافرة واضحة، وهي اليوم أشد ضراوة وأكثر حسماً وفائدة، إنها اليوم معركة مصيرية، معركة بين القوى الثورية المؤمنة بالشعب وأهدافه الكاملة من جهة، وبين الاستعمار و الطبقات التي انشدّت إليه بحكم ارتباطها المصيري بمصارفه ورساميله من جهة أخرى.

– إن أساليب الاستعمار الجديد في الوطن العربي أخذت طبيعة اتحاد مصيري بين الاستعمار وبين الطبقة الرأسمالية العربية وأنظمة الحكم العميلة المتحالفة معها.

– إن الاستعمار والدول العربية المرتبطة به يقومان بمحاربة ذكية متئدة لأنظمة الحكم التقدمية والإيقاع بينها، ويحاولان باستماتة لجم اندفاعها في الطريق الثوري الكامل سواء عن طريق الضغط والتلويح بالحصار الاقتصادي أم عن طريق الوعود بالقروض والرشاوى، أو الدعوة إلى وحدة الصف العربي أو التضامن العربي.

– إن الدعوة لقيام حلف إسلامي لا يجوز اعتبارها إحياء لحلف بغداد فقط، بل هي في الحقيقة أشد خطراً وأكثر تأثيراً، نظراً لامتداد هذا الحلف إلى بقاع أخرى لم يشملها حلف بغداد، ومحاولة هذا الحلف استغلال الشعور الديني في تهديم الوحدة الوطنية، إن هذا الحلف هو تحريض للرجعية العربية لاتخاذ مواقع الهجوم والانقضاض على الجماهير العربية ومكتسباتها باستغلال الشعور الديني لديها لصرف أنظارها نهائياً عن معركة التحرر وبناء الاشتراكية.

– إن القوى التقدمية في الأيام الأولى لوحدة مصر وسورية كانت في أوج قوتها، وقد رافق هذه الوحدة نمواً كاسحاً في القوى التقدمية على نطاق الوطن العربي، وقد تجلى هذا النمو في الاندفاعات الشعبية الوطنية في أكثر بقاع الوطن العربي.

– إن الصراع بين القوى التقدمية العربية، ترك عُقداً، جعل شعار لقاء القوى التقدمية ووحدتها يبقى شعاراً مجرداً، فنظام الحكم في الجمهورية العربية المتحدة، وحكم الحزب في سورية، والحكم الثوري في الجزائر،لم يجدوا حتى الآن صيغة عملية توحد نضالهم ضد الاستعمار.

– إن الصراع القائم بين القوى التقدمية العربية يتمثل بصورة رئيسية بالصراع القائم بين حزب البعث العربي الاشتراكي وأنصاره والمتفهمين لمواقفه ودولته في سورية، وبين عبد الناصر ونظامه والقوى الدائرة في فلكه، وهذا الصراع شغلها عن متابعة المهمة الأساسية في محاربة الاستعمار والأنظمة الرجعية، وأقعد جميع القوى والحكومات التقدمية عن المبادرة إلى طرح اللقاء الثوري بينها وتحقيقه عمليا.

– إن وطننا العربي يمر بمرحلة حاسمة، وهذا يتطلب التحرك بسرعة وبصورة جدية للالتقاء مع القوى التقدمية التي تقف موقف الحياد لدفعها إلى الموقف الإيجابي الذي يستطيع المساهمة في حل العُقد القائمة بين القوى التقدمية الأخرى ضمن أسس موضوعية واعية لظروف المعركة العالمية، إن مثل هذا اللقاء سيكون له أثر حاسم ومباشر في مختلف القضايا القومية المطروحة، وعلى رأسها توفير جو من الثقة التامة للتفاعل المتبادل، ويخلق بالنتيجة الشروط الموضوعية لإقامة الوحدة العربية على أسس شعبية اشتراكية.

– إن الحزب يشعر بمسؤوليته للمبادرة بصورة جدية إلى طرح هذا اللقاء وخلق الظروف الموضوعية لتحقيقه، وذلك بتعبئة الشعور الشعبي وتحريك المنظمات الشعبية والجماهيرية لتقوم بدورها في جعل هذا اللقاء أمرا محتوماً، وأن ما يحتم هذا اللقاء والدخول في المعركة، هي المعركة الرئيسية المصيرية في تحرير فلسطين.

– إن القوى التقدمية أصبحت على بيّنة من بطلان شعار وحدة الصف، أو وحدة العمل العربي الذي كانت مؤتمرات القمة هي الصيغة العملية لتحقيق ذلك، وكانت هي المهرب الذي لجأت إليه القوى التقدمية لتغطية انقسامها والتنصل من مسؤولياتها في التحرير، وأن محاولات الحزب المتعددة لنقد هذه المؤتمرات ونتائجها لم تبرئ ساحته في نظر الشعب العربي، والنتيجة التي يحسها الشعب أن هذه المؤتمرات عودة مفضوحة إلى العمل التقليدي الفاشل.

– إن سياسة التضامن العربي وسياسة وحدة الصف العربي سياسة تجاوزها الزمن كما تجاوزها منطق النضال العربي، ففي مثل هذه الظروف، يساعد التضامن العربي في تكريس الأنظمة الرجعية القائمة ويقدم لها سلاحاً تضرب به الحركات التقدمية وتجهض نضال الجماهير العربية.

– إن الطرح التقليدي لمعركة تحرير فلسطين، ومقررات مؤتمرات القمة التي التزمت منطقه، ستؤدي في النهاية إلى تكديس الأسلحة في مختلف البلاد العربية، يقابله إبقاء الأوضاع المتخلفة وعدم القدرة على تجاوزها وتعطيل كل مشاريع التنمية وما يخلفه ذلك من عجز عن تطوير المستوى المعيشي للفرد العربي.

– إن الزمن ليس في صالح العرب على الإطلاق، وأن كل يوم يمر تزداد فيه قوة “إسرائيل” العسكرية والاقتصادية، بل إن استفادتها من الزمن يسير بشكل متصاعد بعد أن أخذت تفكر بالاستفادة من الذرة سواء في السلم أم في الحرب. لذا كان لابد من التفكير بعمل ثوري حاسم يشلّ استفادة “إسرائيل” من الزمن ويضرب كل مخططاتها المبنية على ذلك، إذاً، لابد من طرح البدء بالمعركة، وبالطبع فإن مثل هذا الطرح يتطلب تحديداً لطبيعة المعركة وأسلوبها وأداتها، إن الطريق الوحيد للوقوف في وجه القوة العاتية هو حرب التحرير الشعبية، ولابد لهذه الحرب أن تتخذ شكلاً معيناً ينسجم مع الواقع العربي ومقوماته ومعطياته، على أن يحلل ذلك بنظرة ثورية تكشف الإمكانيات الحقيقية وتتصور مستقبل تطورها ونموها، إن معركة من هذا النوع يجب أن يُخطط لها لتكون نقطة الانطلاق لا لتحرير فلسطين فقط بل لتحرير وتوحيد الوطن العربي بأسره، وفي الحقيقة لم يبق أمام العرب إلا معركة من هذا النوع.

– إن العمل الذي يجب أن تقوده طلائع البعث العربي الاشتراكي بصورة رئيسية في النطاق القومي هو العمل من أجل الوحدة، إن القوى الثورية الجماهيرية المنظمة هي الأداة الموضوعية التي تصنع الوحدة وتحميها وترسخها، لذا فإن أفضل أشكال الوحدة وأرسخها هي التي تأتي حصيلة لنضال ثوري جماهيري.

– إن الوحدة العربية سوف تتم على مراحل، وهذه المرحلية في تحقيق الوحدة لا تشكل خطراً على الوحدة الشاملة مادامت ناجمة عن بعض الظروف الموضوعية للنضال العربي، وهي ليست تعبيراً عن نظريات شبه انفصالية وشبه إقليمية.

– إن العمل من أجل الوحدة هو منطلق نضالنا وسياستنا، وعلينا تقع المسؤولية المباشرة في خلق المبادرات الدائمة التي تهيئ الشروط الموضوعية لإقامتها على أسس شعبية.

– إن السير في التحويل الاشتراكي للمجتمع هو خطوة وحدوية وثورية في الوقت نفسه لأنه يؤدي إلى إزالة المرتكزات القطرية لقوى الرأسمالية الانفصالية، ويفتح الطريق أمام الجماهير العربية الكادحة لصب طاقاتها في مجرى النضال الوحدوي.

– إن الوحدة في مفهومها الديمقراطي يجب أن تأتي تتويجاً للنضال العربي الثوري الموحد، وعلى سلطة الحزب في القطر السوري أن تعمل دوماً على توفير الشروط للقاء وحشد جهود القوى التقدمية في الوطن العربي.

– إن الوحدة العربية كبقية الوحدات القومية، تهيئ لهذه البلاد فرصاً كبرى للنماء الاقتصادي والتصنيع والتقدم الاجتماعي.

– إن النضال من أجل الوحدة، هو في الوقت نفسه نضال من أجل البناء الاقتصادي المتطور والمتقدم، وهو في الوقت نفسه، نضال من أجل تحرير جزء كبير من العالم من وطأة السيطرة الإمبريالية.

– إن العمل الوحدوي الحقيقي في أي صقع من أصقاع الأرض يأتي في طليعة الأعمال الثورية التي تؤدي إلى قبر الإمبريالية وإنقاذ الإنسانية من وطأتها.

– إن لقاء القوى التقدمية ضرورة لابد منها لانتصار قضية الثورة العربية، وعلى المنظمات الشعبية أن تقوم بدور رئيس في تحقيق هذا اللقاء.

– إن الجهود المبذولة لتحقيق لقاء القوى التقدمية وتوحيد نضالها، يجب أن ترتبط بالاستعداد الجدي لمعركة تحرير فلسطين وغيرها من المعارك القومية والتحررية ومن ثم خوضها، ذلك أن جو المعركة وحده كفيل بالقضاء على الجوانب السلبية في واقع تلك الحركات وجعل هذا اللقاء أكثر تماسكاً وصدقاً.

– إن مؤتمرات القمة العربية هي عودة إلى العمل التقليدي إزاء تحرير فلسطين وتضليل الشعب العربي وامتصاص نقمته، وهي تمييع للقضية الفلسطينية ومحاولة لإجهاض ظهور أية حركة ثورية لتحرير فلسطين، ولقد عمل ميثاق التضامن على تكريس الأنظمة الرجعية البالية من غضبة الجماهير العربية.

– إن سلطة الحزب في القطر السوري عليها أن تبادر إلى وضع خطة للحرب الشعبية لتحرير فلسطين، وأن تحدد موقفها من منظمة التحرير الفلسطينية التي هي نتيجة من نتائج مؤتمرات القمة، وبالتالي فهي غير قادرة على حمل أعباء مهمة معركة التحرير.

– إن إذكاء الشعور العربي في الأجزاء المغتصبة من الوطن العربي مثل اسكندرون وعربستان، ضرورة للبدء بنضالٍ من أجل استعادة هذه الأجزاء إلى الوطن الأم.

– إن إعادة تقييم نكسة الحزب في القطر العراقي وكشف الحقائق ضرورة لوضع استراتيجية شاملة بشأن هذا القطر.

 ثالثاً، في مجال السياسة الدولية:

يمكن تحديد الملامح العامة للسياسة الدولية بـ:

– انقسام العالم إلى معسكرات تبعاً للظروف الدولية والحاجات الاقتصادية والروحية لدى الشعوب، وهذا الانقسام قلق غير مستقر يتبدل ويتغير في أزمنة السلم والحرب.

– انحسار الاستعمار العسكري بسبب تعاظم قوة الشعوب على مجابهة التحديات الإمبريالية بشكل قوي وفعال، وانعدام الحاجة غير المشروعة لهذه  المناطق المستعمرة بسبب وسائل الدمار.

– من مصلحة الشعوب المستضعفة أن تظل الصين على تحديها للإمبريالية العالمية، لأن هذا التحدي يضعف الإمبريالية عسكرياً ويفقدها هيبتها الاستعمارية.
– من مصلحة الشعوب المستضعفة أن تستفيد من فتح الاتحاد السوفييتي أبوابه عليها، ولظروف الاتحاد السوفييتي ووجهة نظره في اتباع سياسة التعايش السلمي، اكتفى في تحديه للإمبريالية بتقديم العون المادي أو المعنوي في الحدود التي لا تتطور إلى حرب عالمية.

– إن التناقض بين الصين والاتحاد السوفييتي، أضعف من قدرة المعسكر الاشتراكي على التحدي.

– إن مصلحة الشعوب المستضعفة أن تُكتل نفسها في أطر سياسية تساعد على كسر طوق الاستعمار وبناء بلدانها.

كما يمكن تحديد الأساليب التي يتبعها الاستعمار بـ:

1- إن الدول الرأسمالية بزعامة الولايات المتحدة وانكلترا اتبعت أساليب متعددة لعرقلة التطور العالمي وإطالة أمد تحرر البلدان المتخلفة، فهي:

أ- أعطت فلسطين لمجموعات من شذاذ الآفاق، وأمدتها بما هو فوق طاقتها من عتاد وسلاح لتهدد الوجود العربي، ولتجبر العرب إلى البحث عن السلاح دفاعاً عن النفس وفي سبيل استرداد الأرض المغتصبة، مفضلين ذلك على النماء والتطور الاقتصادي والاهتمام بالمشاريع الحيوية.

ب – قسمت ألمانيا، وشبه الجزيرة الهندية.

ج – أقامت دولة جنوب أفريقيا، ودولة روديسيا العنصريتين في القارة الأفريقية.

2- تسلُل الاستعمار إلى كتلة الحياد الإيجابي ومحاولته الإفادة من هذه الكتلة في تنفيذ مخططاته، ولجم النضال التي تخوضه شعوب العالم الثالث حفاظاً على استقلالها، وبعيداً عن الصراعات الدولية، وحرصاً على عدم تصنيفها في صف أحد المعسكرين.

3- الدأب المستمر للدول الامبريالية من أجل السيطرة على خيرات الدول النامية وإعاقة تطورها، وحرصها على إبقاء الشعوب المستضعفة مجزأة ومقسمة إلى دويلات صغيرة.

4- عندما أدرك الاستعمار أن عروشاً وجمهوريات غالية على قلبه انتهى دورها المرسوم، وجدت الإمبريالية الدولية صمام الأمان في (الثورة الأكذوبة) و (الثائرين المشعوذين) حتى لا تحل الكوارث بمصالحها، وهذا ما حصل في أميركا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، ظناً منه أنه بذلك يقطع الطريق على الحركات الشعبية الثورية التي تكافح لتضع شعوبها في طريق الحرية وفي دروب التقدم والقوة.

كما اتبعت الإمبريالية الدولية أسلوب ترويض الأحلام القومية والثورية للشعوب المستضعفة بمنام البطولات الفردية التي يمارسها الحكام الفرديون لإبقائها متخلفة.

إن الشعوب المتخلفة التي يستطيع حكامها أن ينقذوها من (خرافة المعجزة القيادية) ليفتحوا أعينها على إمكانات الواقع، هي الشعوب التي تقوى على مقارعة واقعها المتخلف بكل ما تملك من قوة وصبر وعطاء.

وعلى الحكام أن لا ينساقوا بأساليب الاكتفاء بضبط الأمن, وإظهار أبهة الدولة التي يحكمونها وعظمتها الفارغة، متجاهلين الهوة الفاصلة بين مجتمعاتهم والمجتمعات الإمبريالية والمسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقهم لتقليص الهوة ومحوها.

5- اتبعت الإمبريالية العالمية أسلوب زعزعة ثقة العالم المستضعف بنفسه وتشكيكه بالأساليب الثورية التي ينتهجها لبناء نفسه ومستقبله, وذلك عن طريق تركيز جهوده وأمواله في نقاط واهنة من العالم المستضعف، قابلة لإقامة السفاح الدولي فوق أراضيها ومنصرفة إلى مفاسد الحياة الإنسانية بدل التطلع إلى المستقبل القومي والإنساني الكريمين.

6- اتبعت الإمبريالية العالمية الأسلوب الثقافي الموجه الهجين لعرقلة التطور في البلدان المستضعفة،  وتشويه مثقفي شعوب هذه البلدان واقتلاع جذورهم من التربة التي نشأوا عليها وإبعادهم عن القضايا التي تعيشها شعوبهم، وخلق ما يسمى بطبقة مثقفين، تصبح عالة على شعبها وتنقطع عن التطلعات الثورية، تحت ستار كثيف من الانهزامية.

7- إن طبيعة النظام الرأسمالي وجشعه يحمل بين طياته بذور التناقض والانقسام الحتمي، وإن بدت قدرته في كثير من الأحيان على تجاوز تلك التناقضات والحفاظ في فترات كثيرة على وحدته في صراعه مع القوى الاشتراكية النامية المعبرة عن تطور التاريخ نحو التقدم.

 رابعاً، انعكاسات السياسة الدولية على الوطن العربي:

أ – انعكاسات المعسكر الامبريالي على المنطقة:

– الحفاظ على المصالح البترولية قبل كل شئ .

– دعم “إسرائيل” لتكون القاعدة الأساسية والأخيرة للولايات المتحدة والحارسة للاحتكارات الاستعمارية في المنطقة.

– دعم الأنظمة العسكرية والفردية في المنطقة، واصطناع بعض الصفات التقدمية الكاذبة لإلهاء الجماهير وامتصاص نقمتها من جهة، ولعزلها عن النضال اليومي في سبيل قضاياها مما ينقص المناعة الثورية لدى الجماهير.

– التعاون المشترك بين الرجعية العربية والإمبريالية الأميركية -الانكليزية.

– إطلاق السعودية في الجزيرة العربية وتسليحها لحماية المصالح البترولية في المنطقة.

-تحويل الأردن إلى قاعدة رجعية وتغذية مطامح الملك حسين في السيطرة على سورية والعراق.

ب – انعكاسات السياسة السوفيتية على المنطقة:

– تنطلق السياسة السوفييتية من خلال فكرة استبعاد الحرب العالمية ومن العقيدة الشيوعية.

– دعم الأنظمة المعادية للاستعمار ودعم الدول التي تسير في التطور اللا رأسمالي, وتعتمد الاتجاه الاشتراكي، على أن لا يصل المد الثوري إلى مرحلة خطيرة تهدد بخوض معركة مباشرة مع الاستعمار قد تؤدي لحرب عالمية لا يريدها الاتحاد السوفييتي.

– إبعاد السيطرة الإمبريالية عن المنطقة، ويظهر هذا خاصة في الوطن العربي نظراً لقربه من حدود الاتحاد السوفييتي، ولكونه مركزاً استراتيجياً أساسياً في تطويق الاتحاد السوفييتي، بالإضافة لموارده البترولية الضخمة.

– تأييد الحركات الشيوعية في المنطقة، ودعم الحركات الوطنية، اعتقاداً منها بأن التحويل الاشتراكي ومكافحة الاستعمار يمكن أن يتم عن غير طريق الأحزاب الشيوعية.

– تغيير الموقف من قضية فلسطين من خلال وضوح الحركة الثورية العربية كحركة اشتراكية مناهضة للاستعمار في المنطقة وقادرة على الصمود في وجهه.

– محاولة منع الحركات الثورية في الوطن العربي من التشدد والتزمت والأخذ بمنطق الصين.

ج – انعكاس سياسة الصين الشعبية:

– تميل الصين إلى الالتزام المبدئي في سياستها الخارجية وتتجه إلى التشدد الكامل في المواقف ضد الاستعمار وضد الانتهازية السياسية، ويتجلى هذا في موقفها الواضح الصريح من قضية فلسطين.

– تدرك الصين أنها لا تستطيع أن تحل في مجال التسليح والمساعدة الاقتصادية للدول العربية محل الاتحاد السوفييتي، ولهذا فهي لا تطمح إلى دفع الدول العربية التقدمية لمعاداة الاتحاد السوفيتي وانتهاج سياسة التزمت والتشدد دون مقومات واقعية.

د – دول عدم الانحياز:

– محاولة هذه المجموعة، عدم استغلالها من أي من المعسكرين، والحفاظ على الهوية الوطنية لدولها.

خامساً– موقف الحزب وسلطته:

– النضال مع شعوب العالم لإلغاء القواعد العسكرية وجلاء كل الجيوش الأجنبية.

– محاربة الأحلاف الاستعمارية.

-وقف سباق التسلح العالمي.

– العمل ضمن مجموعة دول عم الانحياز، لدفعها في الطريق الواضح للنضال ضد الاستعمار وتحويلها إلى قوة فاعلة تؤثر بشكل جدي في الأحداث الدولية لمصلحة الحرية والتقدم.

– التعاون مع كل الدول الاشتراكية وتعزيز الصلات معها.

– الوقوف في وجه الاحتكارات الرأسمالية والدولية ومحاربتها لمنعها من السيطرة على العالم.

– اللقاء مع كل القوى والحركات التقدمية في العالم.

– العمل الدؤوب على فضح الحركة الصهيونية في العالم وارتباطها مع الاستعمار.

– الاستفادة من مواقف الاتحاد السوفييتي من أجل تشديد الهجمات على الاستعمار.

– الاستفادة من مواقف الصين المبدئية بالنسبة لقضية فلسطين والوحدة العربية في جميع المجالات.

3ـ في مجال التنظيم الحزبي:

– اعتبار مقررات المؤتمرات الحزبية (القومية والقطرية و خاصة مقررات المؤتمر القومي السادس وبعض المنطلقات النظرية الصادرة عنه) بدءاً وأساساً يجب العمل على تعميقها وتطويرها وإغنائها من خلال النضال والعمل الدؤوب، لتتكامل في إطار نظري يستوعب ويجاري تطلعات الجماهير العربية في بناء المجتمع الاشتراكي العربي الموحد.

– الإخلاص الكامل في التطبيق للديمقراطية المركزية ضمن الحزب، والحرص على المؤسسات الحزبية واحترامها ومنع كل تجاوز لها أو محاولة تخطيها، والالتزام الكامل بالمقررات الصادرة عن المؤتمرات الحزبية وتنفيذها بحزم ودون تردد.

– التزام الصراحة التامة والوضوح الكامل مع القواعد الحزبية والجماهير الشعبية ومنظماتها وإطلاعها على كل الظروف والملابسات الداخلية والعربية والدولية، وشرح المصاعب والعقبات التي تعرقل السير الحثيث نحو الأهداف القومية والاشتراكية للمساهمة في إيجاد الحلول والنضال لتحقيقها.

– الوقوف بحزم ضد الوجاهة العقائدية لبعض الحزبيين التي تُستغل كجواز مرور للوصول إلى منصب معين، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بنزع كل المنافع المادية التي لحقت بالرفاق الحزبيين خلال المرحلة الماضية .



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

مروان حبش

وزير وعضو قيادة قطرية سابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى