You dont have javascript enabled! Please enable it!
قراءة في كتاب

كتاب…سراب الاستقلال .. تقسيم بلاد الشام بعد الحرب العالمية الأولى

طاهر مصطفى

الكتاب: سراب الاستقلال في بلاد الشام 1918 – 1920

المؤلف: حسن الأمين

دار النشر: رياض الريس للكتب والنشر – بيروت – لبنان

> المراحل العصيبة والدقيقة في حياة بلادنا، قلما تناولها المؤرخون بالدقة المتوخاة، والعلامة المؤرخ حسن الأمين، لطالما أصاب في اختيار هذه المراحل، متناولاً إياها بصدق وموضوعية.

وكتابه الجديد “سراب الاستقلال في بلاد الشام” يعرض فيه لفترة وجيزة من تاريخ المشرق العربي، ما بين 1918 و1920.

اتفق الانكليز والفرنسيين خلال الحرب العالمية الأولى على اتفاقات سرية قطعت أوصال وشرايين المشرق العربي الى أقسام وفقاً لمصالحهما الاستعمارية، وتنفيذ وعد بلفور لليهود بانشاء “وطن قومي” في فلسطين. وخدع الانكليز الشريف حسين الذي “حالفهم” في حروبهم فتركوا له “البقايا” متخلين عن وعودهم السابقة بالاستقلال والسيادة لبعض المناطق العربية.

يعرض الأمين في كتابه الجديد، الوقائع حدثاً حدثاً، ويوماً يوماً، فيرسم صورة حية لمجريات تلك الساعات العصيبة التي عاشتها بلاد الشام بعد الحرب العالمية الأولى.

يروي بنفس قصصي يوميات هذه الاحداث، اعتماداً على الوثائق ومذكرات بعض القادة السياسين والعسكريين، وثلة من الشعراء والادباء، والشهود العيان، كيوميات رستم حيدر أبرز القادة غير العسكريين للجيش العربي الزاحف الى دمشق عام 1918، وكان بمثابة ظل الأمير فيصل بن الحسين ولسانه في المؤتمرات الدولية، ويوميات الشيخ رضا في جبل عامل الذي دوّن الاحداث بدقائقها ايضاً، ويوسف الحكيم الذي كان وزيراً في حكومة فيصل، وشاهد طليعة الجيش العربي تدخل دمشق يوم الثلثاء اول تشرين اول اكتوبر 1918، وصبحي العمري الضابط في “الجيش العربي” والقائد في معركة ميسلون في كتابه “اوراق الثورة العربية”، ومرويات رضا الركابي رئيس الوزارة الاستقلالية الأولى، ورؤوف البحراني وزير المال اثناء قيام الحكم الوطني في العراق والضابط في الجيش العثماني عند اعلان الحرب العالمية الأولى، الذي دوّن خلال وجوده مذكرات عن سير القتال على الجبهة الايرانية ضد الجيش الروسي، وكان في عداد “الجيش العربي” الذي دخل دمشق، كما سجل هزيمة الجيش التركي امام الجيش العربي، ويعتبرها المؤلف “من أنفس المصادر في تاريخ تلك الحقبة 1918 – 1920”.

ويحلل المؤلف “سياسات” كل من بريطانيا وفرنسا وتركيا والبولشفيك روسيا اتجاه سورية في هذه المرحلة العصيبة، وتبدل “سياسات” كل من بريطانيا وفرنسا بعد نجاح أتاتورك في تركيا والوقوف ضد الجيش الفرنسي فتخلت فرنسا لتركيا آنذاك عن كيليكيا لتلتفت الى حليفتها سورية وتنتصر عليها في معركة ميسلون عام 1920، وتشهد دمشق دخول القائد الفرنسي دخول الفاتحين.

ويصف المؤلف في صفحات الحياة الاجتماعية في بعض المناطق، لا سيما في دمشق، والتنازع بين العائلات الاقطاعية في صيدا وجنوبي لبنان كعائلتي الصلح والأسعد، ويستعير وصف بعض القادة التاريخيين من مذكرات رستم حيدر.

يستعيد المؤلف في كتابه، اللحظات السعيدة التي عاشتها بلاد الشام بعد انسحاب الجيش التركي الى حدود بلاده، ودخول الجيش العربي الى المدن المحررة في بلاد الشام. ويصف سعادة الشعب باستقبال هذا الجيش الذي سبق غيره من جيوش الحلفاء فرنسا، بريطانيا بدخول دمشق ودرعا وبيروت، واعلان اولى الحكومات الاستقلالية، الى موقف المؤتمر السوري المطالب بالسيادة التامة لسورية ورفض الوصاية الفرنسية واعلان اول دستور عربي، كل ذلك يعيد المؤلف حياكته بحبكة روائية مفعمة بالأحلام الواعدة. كما يصف دقائق سقوط هذا الحلم في ميسلون. وبعده… كرت السبحة وقسمت بلاد الشام وفقاً للأماني الاستعمارية وانقسمت الشقيقة عن الشقيقة، وانشطرت البلاد، ورُسمت الحدود ايضاً وفقاً لمصالح فرنسا وبريطانيا، وأجريت التعديلات تلو التعديلات تبعاً لاهوائهما وغاياتهما… ويسلمان فلسطين “ذبيحة” الى الصهيونية، وتضيع “احلام” السيادة والاستقلال، بعدما طفحت الصحف “بالمقالات الرائعة عن انبثاق الفجر الجديد وتحقيق أملنا السعيد بتشكيل الحكومة العربية المبشرة استعادة العرب لأمجادهم السابقة”. ويتابع عناوين الصحف في هذه الفترة: “التاريخ يعيد نفسه”، و”العرب يسترجعون دمشق”. كما يسجل اول عملية “انبعاث للحكم العربي” والسعادة الطافحة التي غمرت بلاد الشام، والتحاق كل الضباط الذين كانوا في الجيش العثماني في “الجيش العربي”.

في الفصل الأول من كتابه، يمر على كل الحدثيات التي وقعت في بلاد الشام من دخول الجيش العربي الى المدن قبل اي جيش آخر، وتكذيب الانكليز هذه الاحداث ليقطفوا ثمارها، ويعرض المؤلف تفاصيل عمليات الدخول الى كل مدينة والاستقبالات الشعبية التي جرت في كل منها.

ويستعرض في الفصل الثاني، اوضاع ترسيم الحدود بين كيانات “سايكس – بيكو” والخلافات الفرنسية – الانكليزية على هذا الموضوع واتفاقات الانتدابين الفرنسي والانكليزي على عمليات الترسيم واقتطاع اراضي بعض القرى تطبيقاً لها.

ويتحدث في الفصل الثالث، عن القيادة العسكرية للحلفاء بعد انهيار “الحكم الاستقلالي العربي” ونصوص الرسائل المتبادلة بين الحكومتين الانكليزية والفرنسية لتثبيت بنود اتفاقية سايكس – بيكو.

ويأتي على الزيارات المكوكية التي قام بها فيصل الى اوروبا، في الفصل الرابع، ومجمل الحوارات والأخذ والرد في العاصمتين باريس ولندن، وانقلاب أتاتورك على معاهدة سي÷ر وارضائه بالاسكندرون، وعودة فيصل خائباً واعلان استقلال سورية بقيادته في الفصل السادس. واصدار أول دستور عربي “في التاريخ وفيه تتمثل لأول مرة طموحات العرب في الحكم الاستقلالي النيابي…”، كما يقول.

ويعرض في الفصول اللاحقة، اوضاع حكومة فيصل، وانذار غورو له ومن ثم دخوله الى دمشق وفرار فيصل الى العراق والاوضاع المستجدة وفرض الانتداب على كل من سورية ولبنان وشرق الاردن، وعمليات تقسيم بلاد الشام والحدود المرسومة لكل دولة ناشئة والتعديلات الطارئة على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، واتفاقية الحدود بين مصر وفلسطين.

واخيراً يستعرض عمليات الاعتداء على فلسطين من اقامة قنصلية انكليزية في القدس عام 1839 التي يعتبرها “اول تدخل عملي انكليزي لنصرة اليهود”، وأول دفعة من اليهود هاجرت الى فلسطين عام 1882، وأول صدام مسلح عام 1886 “عندما تملك الصهاينة الخضيرة وملبس وطردوا الفلاحين… الذين هاجموهم واشتبكوا معهم…”.

كتاب الأمين شهادة حية على أوضاع بلاد الشام عشية انتصار الحلفاء في الحرب الأولى، و”الطعنة” التي سددوها لجيش “حليف” ساهم مساهمة فعالة وأكيدة في تحرير مدن المشرق العربي وأقام فيها اولى حكوماته ووضع اول الدساتير، وواجه في ميسلون بيديه وبجسده الحي ليحقق هذا الحلم الذي عاش لأيام معدودة.

ويحشد المؤلف في كتابه الوثائق والمذكرات لأيام “مشهودة” ولمؤتمرات تاريخية ولمواقف رجالات بلاد تأبى الذل والهوان.

المصدر
طاهر مصطفى - صحيفة الحياة- نيسان 1998



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى