You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

عمرو الملاّح : الحلبيون ودورهم في المؤتمر السوري العام (3-3)

1919 - 1920

عمرو الملاّح – التاريخ السّوري المعاصر

إعلان دولة الاستقلال الأول ومبايعة فيصل الأول ملكاً عليها:

كان الأمير فيصل قد أبرم في مطلع عام 1920 اتفاقية سرية مع رئيس الوزراء الفرنسي جورج كليمنصو، قضت بتعهد الحكومة الفرنسية أن تمنح معونتها وخبراتها الفنية والاستشارية لسوريا، وتضمن استقلال سوريا ضمن حدود يحددها لاحقاً مؤتمر الصلح في سان ريمو، وباستقلال لبنان، وبإحداث إدارة مستقلة لجبل حوران، وبجعل بيروت والإسكندرونة مينائين حرين.  وقبل أن يضع الأمير توقيعه مرغماً على بنود الاتفاقية، وصل طبيب الشريف حسين ومعه أمر إلى الأمير بعدم توقيع أي اتفاق يتنافى مع العهود المعطاة له من الحكومة البريطانية، فاكتفى بوضع الأحرف الأولى من اسميهما وتأجيل التوقيع لاستشارة الشعب السوري به، وعاد إلى دمشق.

وفي 7 آذار من عام 1920 اتخذ المؤتمر رداً على ما يسمى في الحوليات التاريخية بـ”اتفاق فيصل – كليمنصو”، وقد سبقت الإشارة إليه عدة قرارات تاريخية تنص على إعلان استقلال سوريا بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً بما فيها فلسطين، ورفض ادعاء الصهيونية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وإنشاء حكومة مسؤولة أمام المؤتمر الذي هو بمثابة مجلس نيابي، ومبايعة فيصل الأول ملكاً دستورياً على البلاد. وقد شارك مرعي باشا الملاّح نائب حلب في صياغة هذه المقررات، وكان في مقدمة الموقعين عليها بصفته النائب الأول للرئيس (1).

وقرر في اليوم ذاته أن يكون علم الاستقلال هو راية الثورة العربية الكبرى مضافاً إليها النجمة السباعية في وسط المثلث الأحمر، على اعتبار أن سوريا هي الدولة العربية المستقلة الأولى التي تنبثق عن مشروع النهضة العربية، وأما النجمة السباعية فهي تمثل مناطق سوريا السبع، وهي ولاية دمشق، ولاية بيروت، شرق الأردن، فلسطين، ولاية جبل لبنان، ولاية حلب، سنجق القدس.

استقبلت الجماهير المحتشدة في ساحة الشهداء هذه القرارات بحماس بالغ وفرحة طاغية باعتبارها محققة لآمالهم ونضالهم من أجل التحرر والاستقلال. و تشكل بلاط ملكي للملك فيصل الأول ترأسه الحلبي إحسان الجابري، الذي كان يعمل سابقا أمين سر في قصر السلطان العثماني محمد الخامس رشاد في استانبول، وأعلن الملك العفو العام. كما تشكلت الحكومة برئاسة الفريق علي رضا باشا الركابي، وضمت سبعة من الوزراء ومن بينهم الحلبيان القاضي جلال الدين زهدي (وزير العدل) والمفكر ساطع الحصري (وزير المعارف). وهكذا، لم يعد فيصل في هذا العهد الجديد المسؤول الأول عن السياسة، بل أصبح ذلك منوطًا بوزارة مسئولة أمام المؤتمر السوري.

انقلاب المؤتمر السوري مجلساً تأسيسياً:

بعدما أعلن المؤتمر السوري العام دولة الاستقلال الأول وبايع فيصل ملكاً عليها انقلب مجلساً تأسيسياً، وفي 10 آذار من عام 1920 انعقدت جلسة علنية لانتخابات رئاسة المجلس التأسيسي وأمانة السر والهيئة الإدارية لتقرير دستور البلاد؛ فانتخب من جديد كل من:

– هاشم الأتاسي للرئاسة الأولى؛

– مرعي باشا الملاّح للرئاسة الثانية؛

– يوسف الحكيم للرئاسة الثالثة(2).

وانتخب سعدالله الجابري نائب حلب عضواً في الهيئة الإدارية التي ضمت أشخاصاً ستة من أعضاء المؤتمر السوري(3). كما تشكلت لجنة وضع الدستور برئاسة هاشم الأتاسي، وضمت في عضويتها اثنين من مندوبي حلب هما سعد الله الجابري وتيودور أنطاكي، بينما كان بقية الأعضاء هم الشيخ عبد القادر الكيلاني، ووصفي الأتاسي، وإبراهيم القاسم عبد الهادي، وسعيد حيدر، وعثمان سلطان، والشيخ عبد العظيم الطرابلسي، وعزة دروزة.

وقد نص الدستور السوري للعام 1920 نص على أن سوريا ملكية مدنية نيابيّة، عاصمتها دمشق ودين ملكها الإسلام، وتضمنت بنوده المساواة بين جميع السوريين، وحرية إنشاء الجمعيات والأحزاب والمشاركة في النشاط السياسي والاقتصادي، وسلامة الأفراد، وتجريم التعذيب والاعتقال التعسفي، والحريّة الدينيّة، ونشر المطبوعات، ومنع النفي، والعقاب دون محاكمة، والمصادرة. وترك الدستور للملك تشكيل الوزارة من غير أشخاص الأسرة المالكة، وجعلها مسؤولة أمام المؤتمر- البرلمان الذي يحقّ له استجوابها وسحب الثقة منها، وحدّ من صلاحيات الملك بإلزام أي قرار يتخذه بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص، وبيّن أن المؤتمر العام يتكون من غرفتين هما مجلس النواب المنتخب من جانب الشعب على درجتين، ومجلس الشيوخ المنتخب من مجلس النواب بمعدل ربع عدد أعضاء نواب المقاطعة الواحدة في مجلس النواب على أن يعين الملك نصف العدد المنتخب عن كل مقاطعة أيضًا. ونص على إحداث المحكمة الدستورية العليا من 16 عضوًا نصفهم منتخبون من جانب مجلس الشيوخ والنصف الآخر من رؤساء محاكم التمييز. كما نص على أن البلاد تدار على القاعدة اللامركزيّة، وأن لكل مقاطعة مجلسها النيابي المصغر، وحكومتها الخاصة، وحاكمها المعيّن من الملك ولا يتدخل أحد في إداراتها وشؤونها الداخليّة إلا في الأمور العامة التي هي من اختصاص الحكومة المركزية.

وهكذا بدأت الأمور تجري في اتجاه يدعو إلى التفاؤل ويزيد من الثقة، وباشر الأعضاء بمناقشة مواد مشروع الدستور الجديد بإشراف رئاسة المجلس، فأنجزوا وضع مواده الـ(148) ومن ثم أتموا قراءته الأولى ليقروا المواد السبع الأولى منه في القراءة الثانية قبل أن تعلق جلساته في 20 تموز من عام 1920 التي ترافقت مع أزمة إنذار غورو(4) .

الإحالات المرجعية:

1) طلاس، مصطفى، الثورة العربية الكبرى، دمشق، منشورات مجلة الفكر السياسي، 1979، ص 568؛ عبيدات، محمود، أحمد مريود 1886-1926، بيروت، دار رياض الريس، 1997، ص 173.

2) العاصمة (دمشق)، ع 108، 11/3/1920؛ Russell, Malcolm B., The First Modern Arab; State, Syria Under Faysal 1918-1920, Minneapolis, Bibliotheca Islamica, 1985, p 148; David, Philippe, Un gouvernement arabe à Damas: le congrès syrien, Paris, M. Giard, 1923, p. 99.

3) الماظ شهرستان، ص 93-94.

4) Russell,  p 148-152؛ الماظ شهرستان، ص 179-206.

اقرأ:

عمرو الملاّح: الحلبيون ودورهم في المؤتمر السوري العام (3/1)
عمرو الملاّح: الحلبيون ودورهم في المؤتمر السوري العام (3/2)

وايضاً:

عمرو الملاّح : نواب مناطق بلاد الشام في مجلس النواب العثماني
 عمرو الملاّح : مائة عام على إنقاذ فندق بارون من الدمار
عمرو الملاّح : الوزير وأمير الأمراء.. باشوات حلب في عصر التنظيمات العثمانية
عمرو الملاَح : مجموعة الطوابع التذكارية المهداة إلى مرعي باشا الملاح
عمرو الملاّح : حديقة مرعي باشا الملاح بحلب
عمرو الملاّح : الآباء الدستوريون المؤسسون للدولة السورية الأولى
عمرو الملاّح : حلب في العام 1926.. المتحف القديم أو قصر الناعورة
عمرو الملاَح: الصورة الرسمية لنائب حلب مرعي باشا الملاح في مجلس المبعوثان



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

عمرو الملاح

كاتب ومترجم وباحث في التاريخ السوري المعاصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى