وُلُدت بادية الأتاسي ابنة “محمد سري الأتاسي” الابن البكر للرئيس الأسبق “هاشم الأتاسي” في حمص في الرابع والعشرين من آذار عام 1934م.
قضت السنوات الأولى من طفولتها في كنف والديها في دمشق، حيث كان والدها الذي درس الحقوق في فرنسا ثم حصل على الدكتوراه من جامعة “سويسرا” يعمل أميناً للسر في المجلس النيابي.
نشأت “بادية الأتاسي” في بيت جدها هاشم الأتاسي بعد وفاة أبيها عام عام 1937م، وكانت تناديه بـ”جدي البيك”.
التحقت في مراحل تعليمها الأولى بمدرسة الراهبات في حمص التي كانت تديرها راهبات القلبين الأقدسين التابعة للمدارس اليسوعية، وكانت تعشق المواد الأدبية والاجتماعيات واللغة الفرنسية، وكتبت المقالات الأدبية والتاريخية لصحيفة المدرسة، كما كانت تعمل على ترجمة بعض المقالات الثقافية والأدبية، وكذلك الشعر من اللغة الفرنسية إلى العربية وتنشرها في تلك الصحيفة بخط يدها ليقرؤها الطلبة، وكانت تلك المرحلة هي بداية تشكل وعيها الثقافي وحبها للبحث والكتابة.
في المرحلة الثانوية مع جدها الرئيس إلى دمشق في ولايته الثانية ودرست في مدرسة “دوحة الأدب” التي أسستها السيدة “عادلة بيهم الجزائري” ومن تلك المدرسة نالت الشهادة الثانوية، وكانت فترة أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي -حسب ما تروي في إحدى مقالاتها- مليئة بالحياة الديموقراطية وانفتاح المرأة السورية عموماً على طلب العلم والالتحاق بالعمل، مضيفة أنها تأثرت جداً بمديرتها السيدة “عادلة”، وكانت معجبة جداً بنشاطاتها الثقافية من ندوات وعمل في الجمعيات النسوية والخيرية التي كانت تشركها وغيرها من الطالبات بها دائماً.
بعد ذلك التحقت “بادية الأتاسي” بكلية الآداب وعلم النفس في جامعة دمشق ودرست الفلسفة لتتخرج منها في العام 1957.
وفي الجامعة نشطت في العمل السياسي وكان لأخيها المرحوم المحامي “الفضل الأتاسي” وبعض الأقارب وأصدقاء العائلة تأثير كبير في توجيه أفكارها إلى الشيوعية، ولم يمانع جدها البيك متابعتها لهذا النشاط، بل كان كثيراً ما يدخل معها في نقاشات حول الأفكار الشيوعية التي كانت جديدة نوعاً ما على المجتمع العربي الشرقي، ومما ساعدها في هذا التوجه اقترانها نهاية العام 1957 بالمحامي “بشار الموصلي”، وهو المثقف الذي كان يحمل –حسب قولها- مبادئ تقدمية وحضارية.
وأسست “بادية الأتاسي” مع زوجها ومجموعة من الأصدقاء فيما بعد ما سُمي بـ”الندوة الثقافية” في حمص و”النادي السينمائي” وكانت الندوة الثقافية التي تُقام بشكل شهري تستضيف مثقفين وأدباء وشعراء وكتاباً.
واستمرت في هذا النشاط حتى أواخر السبعينيات، حيث بدأت الحركة الثقافية في سوريا عموماً تنكفئ على نفسها نتيجة للظروف السياسية إلا القليل من الندوات الفنية والسينمائية البعيدة كلياً عن مناقشة الشؤون العامة والأحوال السياسية.
كتبت الكثير من المقالات التاريخية والثقافية الفكرية التي نشر بعضها في صحف محلية، وعند دخول الإنترنت إلى سوريا نشرت بعضها في مواقع فكرية وثقافية عديدة، وأخرى ما زالت طي الورق.
اعتزلت الحياة العامة مع بداية العام 2002 ميلادية، وعكفت على تأليف كتابها “قصة الحضارة البيزنطية” الذي أخذ منها سنوات طويلة من الدراسة والبحث في مراجع غربية وعربية.
انتقلت بعد عام 2011م، إلى الإمارات العربية المتحدة حاملة كتابها الذي تمت طباعته ونشره من قبل دائرة الثقافة في الشارقة في العام 2014.
واستمرت في الكتابة والبحث وكتبت العديد من المقالات الثقافية السياسية التي نُشر بعضها نشرت على مواقع التواصل، كما كتبت مذكرات لها عن جدها الرئيس “هاشم الأتاسي”، وأغمضت عينيها في مشفى “nmc” رويال بمدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة عصر الخامس من شهر شباط 2019م عن عمر ناهز الـ85 عاما، بعد سنوات من معاناتها من مرض القلب.