You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة علاء الدين الدروبي في الوليمة التي أقيمت على شرف الجنرال غورو بدمشق في 7 آب 1920

 بعيد معركة ميسلون ودخول القوات الفرنسية إلى سورية في تموز 1920م، زار الجنرال غورو دمشق في السابع من آب عام 1920م.
ودعت الحكومة إلى وليمة على شرف الجنرال غورو في دمشق.
وألقى علاء الدين الدروبي  في بداية المأدبة كلمة أمام الجنرال غورو هذا نصها:

 يا صاحب الفخامة:

أرحب بفخامتكم باسم الحكومة السورية وأهنئكم بسلامة الوصول وأتمنى لكم وللحكومة التي تمثلونها كل غبطة وحبور.

وإنني عملاَ بما يوحيه إليّ الشعور الوطني الذي يختلج في جوانح أبناء سوريا وأشكر لكم كل شكري على تصريحكم الأخير بأن الحكومة الإفرنسية التي عهد إليها مؤتمر السلم بمهمة الانتداب في سورية لا ترمي من ورائه إلا إلى رعاية مصلحة البلاد وفلاحها، وأن استقلال السوريين الذي سبق الاعتراف به بصورة علنية غير مهدد بخطر. ومما يزكي هذا التصريح الرسمي الذي يبث الطمأنينة في النفوس، أن تقاليد فرنسا الباهرة وماضيها المجيد وما صرح به زعماؤها منذ خاضت غمار الحرب ذوداَ عن حوزة العدل ونصرة للحق على القوة، لا يترك مجالاَ للشك بأن حكومتكم المبجلة لا ترغب كما ذكرتم في استعمار سورية ولا تحاول استعبادها، وإنما تريد أن تعمل بمبادئها القويمة المأثورة عن أبطال ثورتها الكبرى الذين كتبوا حقوق الإنسان بدمائهم في تاريخ العالم.

وإن مؤتمر السلم الذي اختاركم للانتداب في هذه البلاد السورية وإنما زاد في ضمانة تأييد حقوق الشعب السوري وصيانة حريته واحترام استقلاله، ولذلك فانتداب حكومتكم المعظمة لبلادنا ليس فيه ما نخشاه لأن كرامتنا أصبحت مضمونة بصورة علنية، ونؤمل أن ننال منكم ما نالته أمريكا وإيطاليا والبلجيك واليونان، وغيرها من الشعوب المهضومة الحق من قبل. ولقد كان رجال البلاد المتنورون على ثقة وطيدة بما لفرنسا من سلامة القصد، إلا أن أقلية صغيرة- أكثرها غريب الدار- كانت توسوس في صدر الجمهور كما لا يخفى عليكم بأن فرنسا دولة مستعمرة وأنها تعمل على بسطة ملكها من نفقة غيرها، على أن الذين انخدعوا بزخرف القول لا يلبثون أن يعرفوا الحقيقة التي ما خفيت علينا البتة.

وإيضاحاَ للحقيقة التي ما زالت مكتنفة بالغموض أريد أن أصرح لفخامتكم بأن الشريف فيصلاَ كان يشاطرنا هذا الرأي وكان في مذكراته الخصوصية يجهر بإخلاص واستقامة الأفرنسيين، إلا أن ذوي الريب المحيطين به أثاروا الحوادث الأخيرة المؤلمة وأن البحث العميق في هذه القضية سيظهر صدق هذا البيان. وإنما يرجع إلى عدل فرنسا تقدير هذه الأحوال وأن تحكم فيها بما تراه موافقاَ للعدل.

إن شعورنا لا يمكن أن يرتاب فيه. لأننا قاتلنا في صفوفكم وفي سبيل تلك القضية العادلة وإننا كنا نؤلف جزءاَ لا ينفصل عن جموعكم وقد كان مصيرنا مرتبط بمصيركم ولذلك يحق لنا بعد الذي أظهرناه من الإخلاص والولاء أن نتوقع تحقيق أمانينا القومية كافة في الساعة التي تقرر فيها النصر العام، وإني لعلى ثقة أن كلماتي ستكون كل أثر لسوء التفاهم ولا سيما ونحن نخشى خطراَ يهدد استقلال سورية بل يزيدنا اطمئناناَ عليه مبادؤكم النبيلة وتصريحات أكابر رجالكم الرسمية والاتفاقات المبرمة بين فخامة رئيس وزارتكم المسيو كليمنصو ومندوب سورية في مؤتمر السلم، وهي الاتفاقات التي تثبت أن فرنسا لا تأتي لسورية إلا كصديق لا كمستعمر. ولقد تفضلتم أنتم فخامتكم ووعدتم بأنكم تحترمون استقلال الشعب السوري وحريته وتتكلمون على المودة والصدق المتبادلين ولقد مثلتم فكرة فرنسا السامية نصيرة الحرية والمدنية.

ذلك ما جرأنا يا صاحب الفخامة على قبول مسؤولية الساعة الحاضرة وإننا اعتماداَ على معاونتكم لم نتردد في القيام بالمهمة التي يكون من نتيجتها حرية وطننا المحبوب واستقلاله، وأن الحكومة الوطنية التي استحقت ثقتكم والتفاتكم السامي كما أثبت ذلك منشور الجنرال غوابيه في 26 تموز وقد بادرت بكل إخلاص إلى إجابة ما طلب منها وقبلت الاشتراك في العمل والسعي مع رجالكم الفنيين الذين يعملون لمصلحة سورية. وإنني مقتنع بأن المحبة التي يضمرها السوريون تجاه فرنسا- وهي المحبة التي جبلت بالدماء في ساحتي الجهاد الأدبي والمادي اللذين أديا إلى نيل الحرية- لا تتزعزع، وإن عزم السوريين ونشاطهم المعروفين في كل بلدة نزلوها ومودة فرنسا المأثورة لأكبر ضمانة لفوز قضيتنا الوطنية التي ينتظرها السوريون بفارغ الصبر.

ولذلك أحييكم يا صاحب الفخامة بصفتكم الصديق الرسمي والشخصي لسورية وأتمنى لكم طيب الإقامة في هذه البلدة العظيمة التاريخية ولجيشكم الذي أظهر في خطته أنه موجود في بلاد صديقة.

فلتحيا سورية حرة ومستقلة ولتحيا فرنسا الفخيمة الكريمة.
دمشق في 7 آب 1920م.

المصدر
صحيفة العاصمة عدد  12 آب 1920م.



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى