You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

عمرو الملاّح : يوم كاد أن يلحق الدمار بفندق بارون عام 1918

بقلم عمرو الملاّح – التاريخ السّوري المعاصر

عاشت حلب قبل مائة عام من الآن أوقاتاً عصيبة بينما كان الجيش العثماني بقيادة الفريق مصطفى كمال باشا يواصل تقهقره باتجاه الشمال تحت وقع ضربات الجيش العربي، ومن خلفه القوات البريطانية؛ وذلك بمؤازرة من سلاح الجو البريطاني.

وبعد سقوط بلدة المعرة في 19 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1918 وصل مصطفى كمال باشا إلى حلب معيناً قائداً عاماً خلفاً للمارشال فون ساندرز باشا، الذي كان قد غادر المدينة إلى العمق التركي.

وقد اتخذ مصطفى كمال باشا فندق بارون الشهير بحلب مقراً لإقامته وقيادة جيشه، ونصب المدافع الرشاشة على سطحه.

فندق بارون إبان الحرب العالمية الأولى

حاول مصطفى كمال باشا التشبث بحلب، التي كانت ما تزال تحافظ على ولائها للعثمانيين، ووزع المال على الأهالي والبدو، ووعدهم بالسلاح. وتهيأت الفرصة أمامه لترميم صفوف جيشه، إلا أن بدو عنزة بزعامة مجحم بن مهيد نقضوا ما كانوا قد أبرموه معه من مواثيق وتفاهمات، وأعلنوا انضمامهم إلى قوة العشائر المنضوية تحت راية جيش الثورة العربية، وحشدوا فرسانهم لاقتحام المدينة، بذريعة إطلاق سراح مجموعة من أقربائهم كانوا مسجونين فيها.

وما هي إلا أيام حتى وصل القتال إلى أطراف المدينة، ثم امتدت المعارك الضارية بين بدو عنزة والقوات العثمانية المشتتة إلى مداخل الشوارع، فما كان من العثمانيين إلا أن فجروا مستودعاً للبارود في الثكنة العسكرية للحيلولة دون استيلاء البدو عليه، وتعرض مصطفى كمال باشا ذاته لمحاولة اغتيال باءت بالفشل في مقر إقامته بفندق بارون.

إزاء تفاقم الوضع الأمني المتدهور في المدينة تنادى وجهاء حلب وعلماؤها إلى عقد اجتماع في دار الحكومة (السرايا القديمة) في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، تلبية منهم لدعوة وجهها الوالي العثماني مصطفى عبد الخالق بك رندا الذي أخبرهم عزم حكومته الانسحاب من حلب.

وبعد التشاور اتفقوا فيما بينهم على تشكيل مجلس محلي ضم في عضويته عشرة من رجالات المدينة ليكون بمثابة حكومة مؤقتة، وعلى أن يتولى رئاسته رجل الدولة والزعيم السياسي المخضرم مرعي باشا الملاّح الذي سمي والياً على حلب بالوكالة، وعُرف من أعضائه أيضاً الأديب قسطاكي الحمصي.

وقد أنيطت بهذا المجلس الذي أطلقت عليه تسمية “مجلس العشرة” مهمة تصريف الأعمال، والحيلولة دون حصول فراغ سياسي يُدخل المدينة في حالة من الفوضى، وفقدان السلطة، وانعدام الأمن.

الفريق مصطفي كمال باشا في حلب

وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر غادر مصطفى كمال باشا حلب وبرفقته الوالي مصطفى عبد الخالق بك عبر محطة بغداد، بالتزامن مع دخول طلائع الجيش العربي بقيادة الشريف ناصر إليها. كما دخلتها القوات البريطانية بقيادة الجنرال ماك أندرو، وأقر مرعي باشا الملاّح رئيساً للحكومة المحلية التي كانت قائمة في المدينة.

حادثة إنقاذ فندق بارون من الدمار كما روها الدكتور صباح قباني في كتابه “رضا سعيد: مؤسس الجامعة السورية… رجل لكل الأقدار”

ويورد الأديب والفنان والإعلامي والدبلوماسي الدكتور صباح قباني (شقيق الشاعر الكبير نزار قباني) في كتابه الشيق “رضا سعيد: مؤسس الجامعة السورية… رجل لكل الأقدار”، تفاصيل ما حدث في حلب في الفترة التي شهدت انسحاب آخر الجنود الترك (العثمانيين) من المدينة في 26 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1918، بينما كانت طلائع الجيش العربي تستعد لدخولها، وحالة الفوضى التي عمت أرجاءها آنذاك.

وبحسب ما جاء في هذا الكتاب المرجعي فإنه بينما كانت القوات العربية تتابع ملاحقتها للفلول التركية خارج حلب، دبت الفوضى وأعمال السلب والنهب في أرجاء المدينة. ولما علم آرمين مظلوميان صاحب فندق بارون أن جمهرة من الناس كانت متجهة نحو فندقه بقصد إضرام النار فيه وتدميره، ظناً منها أنه ما زال مقراً للقيادة العسكرية التركية، وإقامة قائد الجيش العثماني بحلب مصطفى كمال باشا، استنجد بالوجيه الحلبي المتنفذ مرعي باشا الملاح.

فما كان من مرعي باشا الملاّح إلا أن سارع في الاستجابة له، وجاء مع أعوانه واستطاع أن يفرق المهاجمين لدى وصولهم إلى محيط الفندق بعدما أفهمهم أن الفندق أصبح بعهدة الأمير فيصل وجيشه العربي.

والواقع إنه لولا ذلك لكان فندق بارون قد تحول إلى ركام، وأصبح أثرا بعد عين، وخسرت حلب معلماً معمارياً وسياحياً بارزاً تفاخر به إلى يومنا هذا.

المصدر
صباح قباني، رضا سعيد مؤسس الجامعة السورية: رجل لكل الأقدار، (بيروت: دار جداول، 2011)؛علي سلطان، تاريخ سورية1918 - 1920 : حكم فيصل بن الحسين، (دمشق: دار طلاس، 1987).



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

عمرو الملاح

كاتب ومترجم وباحث في التاريخ السوري المعاصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى