You dont have javascript enabled! Please enable it!
قراءة في كتاب

(غرب كنيس دمشق)… محاولات صهيونية لاختراق المجتمع السوري

 محاولات اخترق إسرائيل وقبلها الوكالة اليهودية للمجتمع السوري من الموضوعات الشائكة في التاريخ السوري، والتي رغم أهميتها السياسية والتاريخية، إلا أن تفسيراتها وتطور أحداثها خضعت لتفسيرات مدرسة اليسار السوري التي كرست حالة نمطية للتاريخ السوري كان أبطالها دائماً الزعامات العسكرية اليسارية، وسط تجاهل كامل أو إغفال لأي دور للزعامات الوطنية إلا في حالات خاصة لإبراز تأمرها وخلافاتها.

تناول الدكتور سامي مبيض هذا الموضوع الشائك في كتاب علمي بعنوان :(غرب كنيس دمشق)، والذي بدأ كرسالة علمية لشهادة الدكتوراه، قبل أن يتغير موضوع البحث يومها من (مفاوضات الصهاينة مع دمشق) ليصبح (السنوات الثلاث الأولى زمن الاستقلال). فبقيت أوراق البحث الأساسية مطوية لسنوات قبل أن يتم إخراجها مؤخراً وتحويلها إلى صفحات كتاب صدر أواخر العام الماضي في كانون الأول 2017.

يبرز الكتاب الجهود الاسرائيلية لاختراق المجتمع السوري، وكذلك محاولات “الوكالة اليهودية” قبل اغتصاب فلسطين، إما لتدميره من الداخل وبثِّ الفوضى والخراب بين أركانه، أو للتوصل إلى اتفاق مع زعمائه وزعاماته العسكرية لدعم إقامة الدولة العبرية. 

يعد الكتاب محاولة علمية لكشف المحاولات الصهيونية لاختراق المجتمع السوري التي بدأت في مصر عام 1913 مع الوجيه الدمشقي حقي العظم وآخرها مع أعضاء لجنة الهدنة التي تشكلت في عهد الزعيم حسني الزعيم واستمرت طوال فترة الشيشكلي، ويتحدث أيضاً عن سلسلة المفاوضات التقنية واللقاءات التي بدأت منذ بداية الحرب العالمية الأولى وتوقفت بقرار من الرئيس هاشم الأتاسي الذي رفض التفاوض مادام موجوداً على رأس السلطة في سورية، معتبراً أن أي تفاوض مع إسرائيل ولو كان تقنياً هو عبارة عن تطبيع مقنّع معها، وأنه لا يخدم إلا مصلحة إسرائيل والحركة الصهيونية.

تناول مبيض في كتابه بدايات اتصالات الصهاينة بالزعامات السياسية في المشرق العربي، وأبرز الاتصالات التي جرت بين هرتزل والخديوي، وهو موضوع يعتريه الإهمال في الحوليات التاريخية العربية التي أشبعت موضوع اتصالات هرتزل بالسلطان عبدالحميد تحليلا ًونقداً،. مع الإشارة إلى أن الخديوي كان يسعى في تلك الأوقات لطرح نفسه بديلاً للسلطان عبدالحميد وهذا ما يفسر لنا استقطابه لمعارضي النهض العثماني في تلك الفترة.

حاول المؤلف أن يسلط الضوء على حقيقة مهمة تتعلق بالزعامات الوطنية والتي وصفت لاحقاً بالاقطاعية، وهي أنهم  كانوا فترات عديدة منظمين جيداً ومدركين لحجم المسؤولية المقاة على كواهلهم في تحقيق وحدتهم وتنظيم صفوفهم، وأنهم فعلاً ليسوا في حاجة إلى اي دعم صهيوني مالي أو سياسي، تماماً كما أكد حقي العظم في أول لقاء لشخصية سورية مع شخصية صهيونية منذ العام 1913. وهذا يعارض المفهوم السائد في تاريخنا المدرسي الذي يتهم تلك الزعامات بالتأمر والعمالة وبيع الأراضي لليهود، بل على العكس من ذلك يؤكد الكتاب أن تلك الطبقة الوطنية من السوريين والزعامات العسكرية حينها حمل راية العروبة قبل المد القومي في الخمسينيات، وهو الجيل نفسه الذي أنهى حرب فلسطين الأولى وفي حوزته أرض عربية كان من المفترض أن تكون من حصة إسرائيل بموجب مخطط التقسيم عام 1947، وأنهم لم يفرطوا بشبر واحد من أرض فلسطين باعتبارها جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية.

الكتاب تضمن أمثلة وشواهد عديدة جداً حول الموقف الإيجابي لتلك الزعامات الوطنية، منها على سبيل المثال مساعي الدمشقيين في العهد الفرنسي للوقوف في وجه المحاولات الصهيونية دمشق من خلال إصدر قرار يمنع استخدام اللغة العبرية في المدارس العبرية إلا بصفة لغة أجنبية، وكذلك إعلان حقي العظم أن أي تواصل بين مواطني دولة دمشق وأي شخصية صهيونية هو جريمة يعاقب عليها القانون السوري وقد تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات، وأيضا المساعي الوطنية في الفترة نفسها للوقوف في وجه محاولات الوكالة الصهيونية شراء الأراضي السورية من خلال إصدار الرئيس العابد مرسومين جمهوريين، منع بموجب الأول أي سوري من بيع أرض لمن لا يحمل الجنسية السورية، وأسس بموجب المرسوم الثاني شركة مساهمة اسمها :(الشركة الزراعية السورية)، هدفها (الحفاظ على ممتلكات السوريين وأراضيهم) وتطويرها عقارياً وزراعياً، وبالفعل حينها استطاعوا من إجهاض مشروع شراء الوكالة لمساحات شائعة من أراضي البطيحة في القنيطرة.

رغم كل تلك المحاولات إلا ان الحركة الصهيونية استطاعت اختراق المجتمع في حالات استثنائية في أيام الملك فيصل الأول الذي أبدى استعداداً لتقبل المشروع الصهيوني عام 1919م، والذي عزز دور اليهود سياسيا واجتماعياً، وفرض بعضهم على مؤسسات الدولة والبلديات. وكذلك في أيام حكم حسني الزعيم الذي دخل في مفاوضات سلام شاملة مع إسرائيل عام 1949م.

وثق الكتاب العديد من الأحداث التي ينشر بعضها لأول مرة مثل امتلاك وزارة الدفاع لسيارة هتلر، أو تواصل بعض القيادات مع الأخير وحكومته، أو تفاصيل جديدة حول تشكيل فرقة القمصان الحديدية التي اسسها فخري البارودي تأثراً بقوات الشبيبة الالمانية.

صدر الكتاب في أواخر العام الماضي في كانون الأول 2017م، عن دار رياض الريس للكتب والنشر، وضم 356 صفحة من القطع المتوسط. أما المحتويات فكانت مقدمة و 23 محوراً وخاتمة وقائمة غنية بالمصادر والمراجع العربية والأجنبية والصحف والمجلات فضلاً عن الوثائق الفريدة التي استطاع المؤلف الحصول عليها، ولاسيما وثائق الهدنة السورية الإسرائيلية في دمشق  ووثائق الأرشيف الوطني الأميركي في واشنطن.

المؤلف الدكتور سامي مروان مبيض تولد دمشق عام 1978 ، كاتب ومؤرخ ورئيس مجلس أمناء مؤسسة تاريخ دمشق. من مؤلفاته “تاريخ دمشق المنسي” (بيروت 2015) و”شرق الجامع الأموي: الماسونية الدمشقية 1868-1965″ (بيروت 2016).

 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى