You dont have javascript enabled! Please enable it!
الأحزاب السورية

حركة التحرير العربي

حركة التحرير العربي

أديب الشيشكلي والأحزاب في سورية

قام أديب الشيشكلي بإنقلابه العسكري الثاني في التاسع والعشرين من تشرين الثاني عام 1951م، وأصدر بلاغاً عسكرياً في ذلك اليوم أعلن بموجبه استلام الجيش زمام الأمور في سورية(1).

وفي الثاني من كانون الأول عام 1951 أصدر العقيد أديب الشيشكلي رئيس الأركان في الثاني من كانون الأول عام 1951 أمراً عسكرياً يقضي باستلامه مهام رئيس الدولة(2).

بعيد ذلك أصدر العقيد الشيشكلي أمراً عسكرياً كلف بموجبه الزعيم فوزي سلو بممارسة صلاحيات واختصاص رئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير الدفاع. مارس فوزي سلو سلطات واختصاصات رئيس الدولة ظاهرياً في حين كان العقيد أديب الشيشكلي رئيس هيئة الاركان الحاكم الفعلي والذي يدير دفة الأمور في البلاد(3).

تصاعد الخلاف بين الشيشكلي والأحزاب في سورية ولاسيما حزب الشعب، فكان الإجراء الذي اتبعه الشيشكلي هو إصدار مرسوم في السادس من نيسان عام 1952 حل بموجبه جميع الأحزاب والمنظمات السياسية في سورية، والتي استعاض عنها لاحقاً بحزب واحد هو حركة التحرير العربي.

إطلاق حركة التحرير في آب 1952:

أطلقت الحركة رسمياً في إحتقال جرى  بحضور العقيد الشيشكلي في دمشق في الخامس والعشرين من آب عام 1952م، وفي ذلك الحفل ألقى الشيشكلي كلمة أوضح فيها عن تشكيل الحركة وإطلاقها قائلاً: “باسم الله والوطن افتتح إجتماعنا التاريخي هذا، لما فيه خير سوريا والعرب، معلناً تأليف “حركة التحرير العربي”.

وأكد في كلمته أن “حركة التحرير العربي”  ليست بالحزب الجديد الذي يضاف إلى الأحزاب القديمة  كما وصفها، وإنما هي محاولة صادقة لجمع العناصر الطيبة من كل حزب”.

 وذكر أن من أهداف الحركة هو “العمل على تبديل أسلوب النضال الوطني إرساء الدولة من جديد، وحشد القوى السليمة في حركة واحدة تغدو القدوة المرشدة لشعبها في أحلك الخطوب، والملهمة لبلادها بالإقدام والعزيمة”.

وأضاف: “هذه هي أيها السادة “حركة التحرير العربي” أسسها الشعب في سورية والأمة العربية، حركة تجدد وتحرر، واتحاد وآلف، وعمل مخلص بناء، ورسالة هادفة تسعى بين المواطنين بالخير والمحبة، حتى تلتقي الأمة بعضها ببعض، ويرتبط كل فرد منها ببقية الأفراد، بالرباط الوثيق المحكم، وتغدو بلادنا كتلة متراصة لا تستطيع أية قوة أجنبية أن تعبث بكيانها وتنالها بسوء”(4).

فروع وهيئات الحركة:

كان دمسق مركز الحركة الرئيسي وسرعان ما تشكلت فروع في مختلف المناطق والمحافظات في سورية، مثل حلب التي أعلن عن تشكيل فرع الحركة فيها بحفل كبير  جرى في نادي اللواء  في حي العزيزية بحلب بحضور  الزعيم فوزي سلو والعقيد أديب الشيشكلي في أيلول عام 1952م. وفي ذلك الحفل ألقى منير غنام وزير العدل كلمة جاء فيها: “إننا نجتهد أن نعمل في صمت فنحن لا نحب الضجيج بل نحب أن  تسبق أفعالنا أقوالنا”.

وأضاف: “نريد أن نكون جميعاً يداً واحدة في سبيل الحق ويداً هي إيصال هذه الأمة إلى أهدافها العليا وتحقيق أمانيها الوطنية وآمالها القومية وإنقاذها مما تشكو منه من ضعف وتفرقة وجهل وقلة استعداد.. إنقاذ الفقير ورفع مستواه والقضاء على التسلط والإقطاعية وإيصال كل ذي حق هضيم إلى حقه، واستكمال الاستقلال وتعزيز الاتحاد القومي المتين بوحدة الصفوف والأهداف والمبادئ لنفرض احترامنا على العدو قبل الصديق”(5).

 منهاج الحركة وأهدافها:

أصدرت الحركة منشورات أوضحت فيها منهاج وأهداف ومبادئ الحركة، ومن مبادئها:

– القومية العربية مبدأ أساسي: منها أن العرب أمة كاملة واحدة ذات تاريخ واحد ولغة واحدة، والعربي هو من كانت لغته العربية وآمن بالقومية العربية وعمل لها.

السياسة التشريعية : الشعب مصدر السلطات ونظام الحكم جمهوري، يرمي إلى تأمين الإخاء بين المواطنين، وتوطيد العدل والمساواة بين الأفراد، واحترام الحقوق والحريات الطبيعية ومنع الظلم والطغيان عن الأفراد والجماعات وتحرير المواطنين من الجهل والفقر وتعزيز روح التضحية في سبيل المجموع وبعث كامل قوى الأمة.

السياسة الثقافية والإجتماعية: الفرد هو الحجر الأساسي في الأمة، وعلى الدولة أن تقوم بكافة الوسائل لرفع مستواه المادي والمعنوي، والدولة تعمل على رفع مستوى المرأة وإعدادها لتأدية واجباتها القومية في نطاق الأسرة والمجتمع، واللغة العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة في الدولة، وتعمل الدولة على تحقيق مبدأ الضمان الإجتماعي لجميع أفراد الشعب.

– السياسة الاقتصادية: تستهدف سايسة الدولة الإقتصادية زيادة الثروات العامة وتنمية الدخل، والدولة تحترم الملكية الخاصة وتشرف على الإنتاج والاستهلاك، وتقدم المساعدات الخدمية لتحسين استثمار الأراضي وتقوم بتوزيع الأراضي الغير مستثمرة على الفلاحين غير المالكين وتملكها لهم، وتعمل على تحقيق مبدأ التعاونيات وتشجع المشاريع الاقتصادية.

السياسة الخارجية : تستوجي الدولة سياستها الخارجية من المصلحة القومية، فتساعد على تحرير الشعوب العربية وتنبذ الاستعمار بجميع أشكاله وتساهم في إسعاد البشرية وتحافظ على السلام.

السياسة العسكرية : الجندية فرض على كل المواطنين، وتعبئ الدولة كامل إمكانياتها في سبيل الدفاع عن البلاد وتحقيق أمانيها، ويجهز الجيش ويعد بما يتناسب ومقتضيات الحرب الحديثة(6).

قيادة الحركة وإدارة البلاد

ومع افتتاح فروع ومراكز للحركة في مختلف المدى والمحافظات صار لقيادات حركة التحرير العربي كلمة في اتخاذ القرارات الحكومية وفي إدارة البلاد وتسيير أمورها، وصار لأعضاء الحركة الأفضلية في تولى المسؤوليات والمناصب الحكومية.

هذه الحالة دعت الكثير من أعضاء الأحزاب المنحلة إلى الأنضواء في حركة التحرير العربي، لدرجة أن بعض مؤسسي أبرز الأحزاب تخلى عن الأفكار والمبادئ التي كان يدعو إليها وتحول إلى صفوف الحركة.

من أعضاء وقيادات الحركة(7):

جادو عز الدين وأحمد عبد الكريم وحسين حدة.

درعا: موفق الشرع

حلب: منير غنام

اللاذقية: توفيق هارون

حركة التحرير العربي والماسونية:

يتناول الكاتب هاشم عثمان في كتابه “الأحزاب السياسية في سورية” العلاقة ما بين حركة التحرير العربي والماسونية، ويعتبر أن أخطر ما في حركة التحرير العربية ارتباطها بالماسونية.

ويستند في حديثه عن العلاقة بينهما إلى ما نشرت صحيفة ” الشاطئ السوري” التي وصفها بأنها صحيفة الحزب الماسوني والتي نشرت عدة مواد وأخبار عن حركة التحرير العربي.

ويذكر هاشم عثمان أن الصحيفة ذكرت في عددها (الصادر بتاريخ 21 تشرين الثاني / نوفمبر 1952 كلمة بتوقيع “ماسوني” عنوانها “الماسونية وحركة التحرير العربي” جاء فيها ما يلي:

“إذا رجعنا إلى التاريخ القريب إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى ورأينا كيف عبث المستعمرون في هذا الوطن العربي ومزقوا وحدته وفرضوا عليه نظام الحكم الطبقي الإقطاعي ووضعوه بأيدي رجال لا يهمهم إلا السيطرة والنفوذ وابتزاز الأموال والإثراء على حساب الطبقات العاملة لوجدنا بكل وضوح وجه الشبه بين التاريخ الغابر الذي انبثقت فيه شعلة الماسونية وبين التاريخ الحاضر الذي انبعثت منه شعلة التحرير العربي ورأينا التقارب الكبير بين هؤلاء الماسونيين القدماء الذين وضعوا أسس الماسونية ومبادئها وبين رجال العهد الحاضر وبرنامج حركة التحرير وأهدافها.

وليس غريباً أن نرى العقيد أديب الشيشكلي يجمع بين عمادة الماسونية وعمادة حركة التحرير العربي. وإذا كانت الماسونية تعمل ضمن إطار واسع لتحقيق الحياة الحرة والإخاء والمساواة لأبناء الإنسانية على اختلاف ألوانهم ونحلهم فإن حركة التحرير العربي هي صورة مصغرة عنها وهي وإن كانت تعمل ضمن إطار ضيق يشمل دنيا العروبة فهي تعمل بلا شك للتعاون مع أحرار العالم لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية الحقة ونشر السلام في جميع أنحاء العالم.

إن الماسونية وحركة التحرير العربي ذات أهداف واحدة وكل منهما متتم للآخر والعقيد الشيشكلي كما هو عميد الماسونية في سوريا فهو عميد حركة التحرير. وكما أن أحرار العالم يلتفون حول هياكل الماسونية لتحقيق غاياتها السامية فإن النخبة الطيبة من أحرار البلاد ومفكريها ومثقفيها يلتفون حول العميد الشيشكلي ويعملون تحت لوائه جاعلين شعارهم إنكار الذات والتضحية في سبيل وحدة البلاد وتحرر الشعوب العربية وتحقيق مثلها العليا لتأخذ مكانها اللائق بها تحت الشمس متمتعة بكامل الحرية والسيادة”).

وينتقل هاشم عثمان إلى  خبر آخر نشر في الصحيفة ( كانت الجريدة نفسها نشرت في عدد سابق الخبر التالي:

“سعادة العقيد الشيشكلي يتزعم الحركة الماسونية.

كان كلي الحكمة الأستاذ أمين حداد عقد عدة اجتماعات مع أقطاب الماسونية في دمشق وحلب وبيروت وحمص لتوحيد الشروق الماسونية المتعددة بشرق واحد تحت زعامة منفذ البلاد الفائق الاحترام العقيد أديب الشيشكلي وقد دعا من دمشق المندوب الأعظم للشرق السوري الفارس العارف الأستاذ فائق حكيم وصرح لنا بأن أقطاب الماسونية في دمشق قد اجتمعوا بسعادة العقيد أديب الشيشكلي رئيس الأركان العامة نائب رئيس مجلس الوزراء واتفقوا مع سعادته على توحيد الشروق الماسونية بشرق واحد ووعدهم بأن يشمل الماسونية بعطفه ورعايته.

فأبناء العشيرة الحرة يقدمون هذا العطف السامي الذي سيعيد إلى الماسونية مركزها السابق في الشرق لتعود لإحياء مشاريعها وخدماتها الإنسانية للمجتمع البشري بمعونة عميدها الفائق الاحترام العقيد الشيشكلي منقذ البلاد وحامي حماها”)(8).

حركة التحرير والعلاقة مع الأحزاب الأخرى:

اعتبرت معظم الأحزاب في سورية أن الحركة هي واجهة للديكتاتورية العسكرية، ووصف تلك الأحزاب أعضاء الحزب بصفات مختلفة، فحزب البعث اعتبر أعضاء الحزب انتهازيين بلا مبادئ بحسب كلام توفيق هارون ممثل حركة التحرير حينها في اللاذقية، وربما يعود ذلك إلى انسحاب أعداد كبيرة من حزب البعث حينها والقفز إلى حركة التحرير.

نهاية حركة التحرير العربي:

 كانت نهاية حركة التحرير العربي مع نهاية عهد الرئيس أديب الشيشكلي والإنقلاب عليه في شباط عام 1954م.

وجرت تصفية مقرات ومكاتب الحركة في دمشق وبقية المحافظات(9).


معاودة النشاط عام 1955:

عاودت حركة التحرير نشاطها في مطلع عام 1955م، ونشرت صحيفة بردى الخير التالي:

عنوان الخبر: حركة التحرير العربي تعاود نشاطها ..المطالبة بإعادة الأثاث المصادر من مكتبها).

نص الخبر (قابل أمس وفد مؤلف من السادة: صالح عقيل، وأحمد جعفر، وعبد الكريم الدندشي، وعبد المجيد مشوح بأسم حركة التحرير رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وطلب الوفد أن يعاد الأساس الذي صودر للحركة لأن الحركة ستعاود نشاطها.

وصرح الأستاذ مشوح أن الحركة ستسأجر داراً في حي الحلبوني. وقد تألفت لجنة تحضيرية لتنظيم المؤتمر العام الذي ستعقده الحركة قريباً. وقال أن شعار الحركة هو العمل للوحدة العربية).


(1) البلاغ الأول لإنقلاب أديب الشيشكلي الثاني 1951 

(2) الأمر العسكري القاضي باستلام العقيد أديب الشيشكلي مهام رئيس الدولة.

(3) الأمر العسكري القاضي بتكليف فوزي سلو برئاسة الدولة في سورية عام 1951م.

(4) كلمة أديب الشيشكلي في حفل إطلاق “حركة التحرير العربي” عام 1952م.

(5) كلمة منير غنام وزير العدل في حلب بمناسبة تأسيس حركة التحرير العربي عام 1952م.

(6) منهاج ومبادئ حركة التحرير العربي.

(7) من أعضاء حركة التحرير العربي.

(8) عثمان (هاشم)، الأحزاب السياسية في سورية- السرية والعلنية، دار رياض الريس، الطبعة الأولى لندن عام 2001م، صـ 366-367.

والذي استند حديثه عن علاقة حركة التحرير والماسونية إلى صحيفة الشاطي السوري العدد 324 الصادر في الحادي والعشرين من تشرين الثاني عام 1952م، و العدد 317 الصادر في الثامن عشر من تشرين الأول 1952م.

(9) صحيفة 1954: أصحاب مكاتب حركة التحرير يطالبون الإسراع بتصفية الحركة


انظر:

صحيفة 1954: أصحاب مكاتب حركة التحرير يطالبون الإسراع بتصفية الحركة

المراجع والهوامش:

(1). صحيفة بردى- دمشق، العدد 1711 الصادر في يوم الخميس 24 شباط 1955



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى