دراسات وترجماتسلايد
أحمد المفتي: القيصر غليوم الثاني/فيلهلم والتصوير
القيصر غليوم الثاني والتصوير
خلال زيارة الإمبراطور الألماني غليوم الثاني/ فيلهلم إلى سورية سنة 1898 توافد المصورون ليغطّوا هذه الزيارة، فبالإضافة إلى المصورين الألمان الذين رافقوا الإمبراطور، كلّف السلطان عبد الحميد الثاني بعض المصورين العسكريين ومصوري البلاط أمثال عبد الله إخوان، وسباح، وجوالييه بتغطية الرحلة بالكامل.
كما سعى المصورون المحليون للاستفادة من الزيارة أيضاً. وقد تم توثيق زيارة القيصر بالصور الفوتوغرافية من قبل: غرابيد كريكوريان 1847 – 1920 وهو أرمني كان يقيم في القدس. والتقط كريكوريان صوراً للإمبراطور في دمشق ظهرت منها ثلاث عشرة صورة في ألبوم خاص أصدره في تلك المناسبة.
وكان كريكوريان قد تلقى دروساً في التصوير الفوتوغرافي في مطلع الستينات على يد البطريرك الأرمني ياي غرابيديان 1825 – 1885
الذي كان يعطي دروساً في التصوير في الكنيسة الأرمنية بالقدس، وفي العام 1882 تخلّى غرابيد كريكوريان عن ثوبه الكهنوتي وافتتح استديو للتصوير في شارع يافا في القدس، وفي العام 1885 أصبح شريكاً لكل من جورج صابونجي في بيروت وداوود صابونجي الذي كان يمتلك استديو في طلعة العجمي في يافا. وفي العام 1913 صار كريكوريان شريكاً لخليل رعد، وكان هذا من أبرز
المصورين العاملين في القدس.
وتضمنت نشاطات خليل رعد 1874 – 1956 التصويرية منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى العام 1948 أعمالاً التقطت في فلسطين ولبنان والأردن ودمشق.
وكان يمتلك استديو في شارع يافا في القدس، وتحتفظ مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت بأرشيفه الفوتوغرافي.
وكذلك التقط المصور التركي علي سامي “اكوزير” 1866 – 1936 صوراً لزيارة القيصر بما فيها صور دمشق، وكان علي سامي تخرّج ضابطاً في سلاح المدفعية سنة 1886. ثم تلقى دروساً في الفن والتصوير الفوتوغرافي في المعهد السلطاني بإستنبول.
القدس والمستوطنة الأمريكية
سجلت زيارة القيصر بداية النشاط التصويري لما عرف لاحقاً باسم دائرة التصوير في (المستوطنة الأمريكية)American Colony في القدس، وقد تأسست هذه المستوطنة عندما وصلت مجموعة من المستوطنين الأمريكيين القادمين من شيكاغو إلى فلسطين بقيادة المحامي هورانتيو سبافورد Horantio Spafford للاستيطان والعمل في الزراعة وتأصيل الحيوانات على حد زعمهم. وانضمت لهذه المجموعة المريبة الأصولية الغربية في العام 1896 أعداد من السويديين بتشجيع جماعة سويدية كانت مقيمة في شيكاغو. وكان منهم غاتسجيفار أريك ماتسون 1888 – 1977 ولارس لارسنLars Larson اللذان أصبحا من أشهر المصورين في المستوطنة.
وتروي بيرتا سبافورد فيستر Bertha Spafford Vester ابنة مؤسس المستوطنة في مذكراتها بعنوان “قدسنا” Our Jerusalem – النوايا الاستعمارية ظاهرة من العنوان – قصة نشوء دائرة التصوير في تشرين الأول 1898 قائلة: “اشترت المستوطَنة الأمريكية كاميرا قديمة عندما وصل الإمبراطور الألماني إلى فلسطين. وبهذه الطريقة تأسست دائرة التصوير التي اشتهرت فيما بعد بمجموعتها الكبيرة من الصور الفوتوغرافية والسلايدات المجسّمة”.
كانت بداية النشاطات الفوتوغرافية في المستوطَنة سنة 1898 على يد فريدريك فيسترFrederick Vester وإيليا مايرز Eligah Meyezr المصورين الفوتوغرافيين الناشطين، وانضمّ إليهما في وقت لاحق مصوران آخران هما: فورمان بالدوين Furman Baldwin ولارس لارسن. وفي العام 1924 تزوّج ماتسون من اديت يانيتس Edith Yanitssالتي جاءت عائلتها إلى فلسطين من إحدى مزارع كنسان الأمريكية في العام 1896، ونشط الزوجان في إنتاج صور فوتوغرافية ملوّنة باليد، وصور مكبّرة ملوّنة، وسلايدات زجاجية، وبطاقات بريدية. كما كانت دائرة التصوير في المستوطنة تنتج ألبومات صور بعضها مزيّن بنباتات وأزهار مجففة من الأرض المقدّسة وتبيعها إلى السيّاح والحجاج. وفي سنة 1934، استلم ماتسون ويانيتس إدارة دائرة التصوير وغيّرا اسمها إلى “خدمات ماتسون الفوتوغرافية” Matson Photo Services
وقد تجولا معاً في سورية ومصر والعراق وشرق إفريقية، وعاد الاثنان إلى أمريكا سنة 1946 تاركين خلفهما ألوف الأفلام والصور. وبعد الاحتلال الصهيوني للقدس 1967 انتقلت المجموعة وعددها 20 ألف نيغاتيف إلى مكتبة الكونغرس في واشنطن. وتعتبر الصور وثائق فوتوغرافية تسجل التغييرات الدراماتيكية التي شهدتها سورية ومنطقة الشرق الأدنى قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها.
يتضمن دليل الصور التي أصدرته مكتبة الكونغرس بأربعة مجلدات مشاهد منتقاة من المجموعة،
من بينها 33 صورة لدمشق بين أواخر العقد التاسع من القرن التاسع عشر وسنة 1930، كذلك التقطت الإمبراطورة أوغوسطا فيكتوريا Augusta Victoriaعدة صور فوتوغرافية خلال هذه الزيارة. وهناك ألبوم خاص من صورها محفوظ ضمن مجموعة خاصة في باريس.