مختارات من الكتب
نوري السعيد وإغتيال عبد القادر الجزائري في دمشق 1918
من القضايا المهمة التي تلازمت مع بدايات عهد الأمير فيصل في سورية، والتي توجه فيه أصابع الاتهام إلى نوري السعيد أيضاً، حادثة اغتيال الأمير عبد القادر الجزائري التي غدت تصفيته ضرورية من وجهة نظر بريطانيا وأنصار فيصل المقربين، وذلك يرجع إلى اتهام كلُ من الأمير عبد القادر وشقيقه سعيد بميولهما العثمانية، وباتصالاتهما مع الفرنسيين، وبمناوأتهما للبريطانيين الذين لم يرتضوا بالحكومة التي ألفها الأمير سعيد باسم فيصل إثر انسحاب الأتراك من دمشق، وسرعان ما أبعدوه وعينوا شكري الأيوبي مكانه.
يقول لورنس أنه هو الذي أبعد الأمير سعيد من مركزه. كما أن الأميرين عبد القادر وسعيد كانا على خلاف مع رضا باشا الركابي الذي تسلم زمام الحكم في دمشق بعد الأيوبي، فكان يخشى أن يؤثرا على وضع حكومة فيصل هناك. لذا طلبت حكومة الركابي من الجنرال اللنبي السماح بإلقاء القبض عليهما، وإبعادهما من البلاد ضماناً للأمن.
وفي ضوء ما سبق بلا يستبعد أن يكون لورنس قد خطط مع نوري السعيد للتخلص من الأميرين عبد القادر وسعيد. ومما يعزز هذا الرأي أكثر أن صبحي العمري الذي كان مسؤولاً عن أمن المنطقة الوسطى من دمشق، يقول إن نوري دعاه إلى مقر القيادة، وأوضح له، بحضور لورنس، أن الأمير عبد القادر يعمل ضد حكومة فيصل لحساب الفرنسيين، ويسعى للإخلال بالأمن، فأوصاه باستخدام عدد من الجند لإغتياله، إلا أن العمري يؤكد أن نوري سرعان ما أمره بصرف النظر عن الموضوع.
ومع ذلك فقد اغتيل الأمير عبد القادر في دمشق في السابع من تشرين الثاني 1918 على أيدي رجال الشرطة، كما ورد في تقرير المعتمد الأميركي لشؤون لشرق الأدنى المؤرخ في الثامن عشر من كانون الأول من العام نفسه، كما ألقي القبض على شقيقه سعيد، وأبعد من دمشق إلى حيفا حيث أودع معتقل المعسكر البريطاني هناك. ولا شك في أن نوري كان طرفاً وقع بالنسبة للاميرين الجزائريين، وشأنه في ذلك شأن كبار المسؤولين في حكومة دمشق، ولا يستبعد قطعاً أن يكون شخص الأمير فيصل بضمنهم[1].
[1] التولي العربي (محسن محمد)، نوري باشا السعيد من البداية إلى النهاية، الدار العربية للموسوعات، 2005، الطبعة الأولى، صـ 97.