سلايدمقالاتموضوعات مختارة
متى وأين توفيت (ليلى يوسف العظمة)؟
شمس الدين العجلاني – صحيفة الوطن
منذ فترة زمنية ابتدأت خطة مبرمجة تطول شخصياتنا الوطنية، ومن هذه الشخصيات، الشهيد البطل يوسف العظمة، فقد تطرق أحدهم كذباً إلى زوجته وجذور عائلتها، وآخر تحدث عن ليلى ابنة الشهيد يوسف العظمة الوحيدة، بأنها عاشت مشردة وعمياء في إستنبول وأنها عاشت طيلة حياتها عزباء من دون زواج، وليس لها ذرية... وآخر قال إن ليلى وأمها لم تحصلا على أي مساعدة مادية أو معنوية من الحكومات السورية المتعاقبة!
وكنا قد تطرقنا في صحيفة «الوطن» للحديث عن ليلى ابنة الشهيد يوسف العظمة يوم الثلاثاء 5-8-2014 تحت عنوان: «في رحاب يوسف العظمة أعيدوا ليلى لحضن الوطن» وذكرنا في تلك المقالة: «المعلومات حول ليلى قليلة أو نادرة، بل ربما تكون متضاربة»، لكن ذلك لم يمنعنا من البحث وتقصي الحقائق حول ليلى وأمها زوجة يوسف العظمة إلى أن اجتمعت بشاهد عيان زار حفيد يوسف العظمة «ابن ليلى» في استنبول في عام 2013، وبمساعدة بعض الأصدقاء استطعت الحصول على وثائق ومعلومات مهمة عن ليلى. سنورد كل ما لدينا من معلومات معتمدين على الوثائق والصور التي تنشر للمرة الأولى، للرد على كل من يتطاول على قامة عملاقة وطنية وشهيد من شهداء وطننا الغالي الذي أبى أن يدخل المحتل الفرنسي إلى دمشق من دون مقاومة ومن دون أن يكون دمه الطاهر فداءً لسورية.
قالوا عن ليلى العظمة
ليلى العظمة ابنة الشهيد يوسف العظمة، والدتها تركية الأصل اسمها منيرة، وليست كما يشيع المغرضون أنها ابنة جمال باشا السفاح.
رويت قصص وحكايا عن ليلى من أقربائها وعدد من المهتمين، منهم من أصاب كبد الحقيقة ومنهم غير ذلك، يقول د. موفق أبو طوق في زاوية آفاق في صحيفة تشرين يوم الأربعاء 13 تموز 2005 والحديث عن ليلى: « وتذكرت الفنان ياسر العظمة، وتذكرت أنه قد سبق أن ألقى مرة كلمة «آل الفقيد» في احتفال أقيم بمناسبة ذكرى ميسلون.. وعلى الرغم من وجود بعض المعرفة بيني وبينه، إلا أنني آثرت اللجوء إلى زميلي الأديب نور الدين الهاشمي، على اعتبار أنه شريك له في كثير من فقرات مسلسله التلفزيوني «مرايا»، ، وبالفعل، لم يرفض الأستاذ الهاشمي طلبي، إذ اتصل بي من حمص بعد أيام من توجيه سؤالي ليخبرني بأن ياسر العظمة قد أعلمه بأن ليلى يوسف العظمة قد توفيت قبل عشر سنوات تقريباً، وأنها عاشت طيلة حياتها عزباء من دون زواج، وليس لها ذرية! » والعماد أول مصطفى طلاس يقول في صحيفة تشرين يوم الإثنين19 تموز 2005 إنه رفع قيمة التعويض الذي كانت تتقاضاه ليلى: « رفعت التعويض الشهري إلى 2000 ليرة صوناً للأمانة التي وضعها الشهيد في أعناقنا، وإيماناً بالشهادة الرائعة التي قدمها والدها البطل الشهيد يوسف العظمة الذي نراه مؤسس السياسة الكفاحية في وطننا… »، ولكن لم يشرح العماد طلاس كيف تم رفع التعويض وهل هو راتب أم تعويض، وفي أي عام، وكم كان مبلغ التعويض قبل الزيادة وهل هو تعويض تتقاضاه من الدولة أم من وزارة الدفاع بشكل شخصي؟ «أي لا يخضع للقوانين والمراسيم، لأنه لو كان كذلك فهو يزيد وفق مراسيم زيادة الرواتب. وحين ذكر ذلك العماد طلاس، كانت ليلى متوفاة منذ سنوات طويلة.
يقول توفيق قربة في تهجم على البرلمان والحكومة من دون مبرر ومن دون أي وثيقة يذكرها: «بعد أن أوقفت الحكومة راتبه» المقصود راتب يوسف العظمة «، وبعد أن توقفت معونات «أهل الخير» أصيبت ابنته بشلل الأطفال والعمى، تشردت زوجته التي استجدت الناس حتى استطاعت أن تؤمن كلفة السفر إلى إسطنبول حيث يعيش أخوها… الفقير أيضاً… أغلقت بيتها المتواضع…وسافرت تاركة وطناً يئن تحت رزح الاحتلال وقسوة قلوب أبنائه…. توفيت تاركة ابنتها تصارع الموت على حين كان مجلس الشعب السوري عام ١٩٥٢ يتشاجر لإعادة راتب زوجها الشهيد، بعد أن قدم السيد شكري العسلي مذكرة بوضع عائلة الشهيد البطل الذي ملأت تماثيله البلاد بعد أن بلغه أمرها!!!» ويتابع توفيق قربة هرتقاته البالية بالقول: «وماتت الفتاة عمياء مشلولة من دون أن يرف جفن الكرامة لدى من يتغنى ببطولات يوسف العظمة من السوريين أو حكوماتهم المتتالية».
من هي ليلى العظمة؟
ليلى جميلة المحيا، أنيقة، طويلة القامة، ذات شعر فاتح وعينين جميلتين من مواليد دمشق عام 1912م، ليلى يوسف العظمة سميت بهذا الاسم تيمناً بوالدة يوسف العظمة ليلى الشربجي. على أغلب الظن غادرت دمشق إلى إستنبول مع والدتها عام 1920 م، وكان عمرها ثماني سنوات، درست في المدرسة الفرنسية في إستنبول وتعلمت عدة لغات إضافة للعربية والتركية، عاشت في إستنبول في كنف أهل والدتها، وتعرفت على أحد التجار الأتراك في إستنبول وتزوجت منه وهو جواد أشار «كما وردت الكنية في المرسوم رقم 43 لعام 1948 م» رزقت ليلى بولد وحيد هو جلال من مواليد عام 1943 م حسبما روى لي شاهد عيان التقى جلال، وجلال لم يزل إلى الآن مقيماً في استنبول وهو متزوج وله ابنتان «سنتحدث عنه لاحقاً»، كانت ليلى دائمة التواصل مع دمشق وفي عام 1946 م وبمناسبة عيد الجلاء أرسلت برقية تهنئة إلى المجلس النيابي السوري، كما كان آل العظمة على تواصل معها وكان عدد من آل العظمة على تواصل مع ليلى ويقومون بزيارتها في إستنبول منهم نبيل وعادل العظمة، مع زوجاتهم.
كانت ليلى تعاني المرض، قيل شلل أطفال، ولكن أعتقد غير ذلك لأن الحكومة السورية «بعكس ما يشيعون تماماً» تكفلت بإعطاء مبالغ كبيرة وكبيرة جداً لعلاجها.
فيصل بن الحسين
يخصص راتباً لليلى
يقال إن الملك فيصل بن الحسين ملك سورية عام 1920 قد خصص لابنة الشهيد يوسف العظمة « ليلى» مرتباً شهرياً قدره 200 ل. س آنذاك أو 20 ديناراً، كان يصلها بانتظام حتى آخر أيامه ويؤكد ساطع الحصري ذلك في كتابه يوم ميسلون فيقول: «شاءت الظروف أن أؤدي الأمانة التي وضعها يوسف العظمة في عنقي بعد مرور ثلاث ليال على تلك الليلة الأليمة. وقد ذهبت إلى بيته برفقة كبير الأمناء إحسان الجابري فواجهنا هناك زوجته الثكلى وابنته ليلى وأبلغنا الأم عزاء الملك فيصل من جهة ووعد جلالته بتخصيص راتب شهري وقدره 20 ديناراً لليلى من جهة أخرى وقلنا لها: إن الملك فيصل سيرسل هذا الراتب مهما تغيرت الأمكنة التي سيذهب إليها…… وقد قدر لي أن أتولى مواصلة الإشراف على تنفيذ هذا الوعد في بغداد أيضاً حتى آخر أيام الملك الراحل».
الحكومة السورية تساعد ليلى
لم تأل الحكومات السورية المتعاقبة جهداً في تقديم يد العون لابنة الشهيد ليلى فقد صدر المرسوم رقم 288 تاريخ 9 آذار عام 1947 م ينص على: «منحت كريمة شهيد ميسلون الكبير المغفور له يوسف العظمة المريضة إعانة مقدارها2000 ل. س…».
وبعد عدة أشهر صدر المرسوم رقم 982 تاريخ 20 أيلول عام 1947 م ينص على: «بموجب المرسوم رقم 982 تاريخ 20-9-1947 م منحت السيدة ليلى كريمة شهيد ميسلون المغفور له السيد يوسف العظمة المريضة إعانة مقدارها2000 ل. س وذلك علاوة على المبلغ الممنوح إليها بموجب المرسوم المؤرخ في 9-3-1947…».
وبناء على اقتراح وزير الداخلية محسن البرازي صدر عن رئيس الجمهورية شكري القوتلي ورئيس مجلس الوزراء جميل مردم بك المرسوم رقم 1073 تاريخ 19-10-1947 يرسم ما يلي: «يخصص للسيدة ليلى بنت شهيد البلاد الكبير المرحوم يوسف العظمة مبلغ مقطوع قدرة ثمانية آلاف ليرة سورية…».
وبعد صدور هذا المرسوم بفترة زمنية قليلة، هنالك احتمالان إما أن تكون ليلى يوسف العظمة قد توفيت، أو أنها كانت تعاني المرض الشديد ما منعها من أن تتقاضى هذا المبلغ الذي نص عليه المرسوم، والاحتمال الأول هو الأرجح لأن ليلى توفيت على أغلب الظن يوم 15 تشرين الثاني 1947، فقامت الحكومة السورية آنذاك بتحويل المبلغ وقدره 8 آلاف ليره سورية إلى ولدها جلال حيث صدر المرسوم رقم 43 تاريخ 15-1-1948م الذي نص على: «يلغى المرسوم رقم 1073 م تاريخ 19-10-1947 م» وفي مادته الثانية نص على: «يخصص للسيد جلال أشار ابن السيدة ليلى العظمة ثمانية آلاف ليره سورية».
وهنالك ملاحظتان حول ذلك الأولى إن كان كما ورد سابقاً أن جلال من مواليد عام 1943 م، فإن عمره حين خصص بمبلغ 8 آلاف ليره سورية بحدود 4 سنوات!؟
والملاحظة الثانية، أن هذه المبالغ التي خصصت لليلى يوسف العظمة مبالغ كبيرة جداً بعرف تلك الأيام..
… كانت آخر كلمات الشهيد يوسف العظمة: «إني أعرف ما يجب عليّ، وسأقوم بواجبي، ولست آسفاً على نفسي، بل أسفي على الأمة التي ستظلّ سنوات كثيرة أو قليلة هدفاً لكل أنواع المحن والمصائب، وإني مطمئنّ إلى مستقبل الأمة، لما رأيته وخبرته بنفسي من قوة الحياة الكامنة فيها، وواثق من عطف أصدقائي على طفلتي (ليلى)، فسأذهب مستريح البال مطمئنّ القلب في طريق الواجب المفروض عليّ».
– شكراً لكل من مد يد المساعدة لتوثيق حياة ليلى يوسف العظمة.
صحيفة الوطن عدد 14 آب 2017، المقالة بعنوان: ( «الوطن» تنفرد بالحديث عن ليلى ابنة الشهيد يوسف العظمة)