أحداثمحافظة دمشق
تتويج فيصل بن الحسين ملكاً وإعلان استقلال سورية 1920
في مطلع على 1920م تضافرت عوامل داخلية وخارجية جعلت الاتجاه العام يسير نحو إعلان استقلال سورية كأمر واقع، فتصاعد واستمرار عمليات الاحتجاج والثورات ضد السياسة والوجود الفرنسي والبريطاني في سورية.
من جانب آخر باءت بالفشل محاولات التفاهم مع فرنسا وبريطانيا داخل وخارج مؤتمر الصلح، وأوصلت الأمير فيصل إلى طريق مسدود، وخلقت حالة من اليأس لدى الوطنيين دفعت إلى خيار وضع مؤتمر الصلح أمام الأمر الواقع وإعلان استقلال سورية والمناداة بفيصل ملكاً دستورياً عليها(1).
ألح الوطنيون على فيصل لدعوة المؤتمر السوري العام أو ما كان يسمى مجلس الأمة للانعقاد، وقام الأمير زيد بصفته نائباً لرئيس مجلس المديرين بدعوة أعضاء المؤتمر.
عقد المؤتمر أولى إجتماعاته في الخامس من آذار في مبنى النادي العربي في دمشق برئاسة عبد الرحمن اليوسف نائب رئيس المؤتمر لأن الرئيس محمد فوزي العظم كان قد توفي، واقترح البعض انتخاب رئيساً وسكرتيراً للمؤتمر تحسباً من موقف اليوسف الذي كاني تعاطف مع تمرير اتفاق فيصل – كليمنصو(2).
جرى الانتخاب في الجلسة الأولى وفاز هاشم الأتاسي برئاسة المؤتمر، بينما فاز عزة دروزة بالسكرتارية مجدداً.
جلسة المؤتمر السوري في السادس من آذار 1920
التأم المؤتمر السوري في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم السبت السادس من آذار 1920 في بهو النادي العربي، وبعد ربع ساعة حضر الأمير فيصل والأمير زيد، وبصحبتهما الشريف جميل.
وألقى عوني عبد الهادي الكاتب الخاص خطاب الأمير فيصل في الإفتتاح.
شرح فيصل في خطابه مسألة الاستقلال والمبررات والأسباب التي يقدم عليها، وطبيعة الدولة السورية المستقلة، وعلاقتها مع بقية الدول والأمم، وعهد فيصل في كلمته إلى مجلس الأمة لتقرير مصير البلاد حسب رغبة الأهالي.
وبينما كانت الجلسة منعقدة كانت أصوات المتظاهرين خارج المؤتمر تنادي بالإستقلال، ووجوب الدفاع، وتأليف حكومة ديمقراطية، وتتويج فيصل ملكاً على سورية، على أن يكون ملكاً دستورياً ديمقراطياً عادلاً(3).
إعلان الاستقلال
عقد المؤتمر جلسة في السابع من آذار، خصصت لمناقشة خطاب فيصل وإقرار إعلان استقلال سورية. ناقش المؤتمر في هذه الجلسة مشروع الرد على خطاب الأمير فيصل الذي تقدمت به لجنة مؤلفة من تسعة أعضاء تم انتخابها مسبقاً، وكان فيها عزة دروزة الذي يذكر أن اللجنة عهدت إليه وليوسف الحكيم “وضع مشروع القرار”.
عرض مشروع القرار على المجلس ونوقش وأدخلت بعض التعديلات عليه، وتم التوصيت على صيغته النهائية بما يشبه الإجماع أيضاً.
وبعد مقدمة تضمنت الموجبات التاريخية والسياسية انتهى المؤتمر إلى قرار إعلان استقلال سورية بحدودها الطبيعية استقلالاً تاماً، وحفظ حقوق الأقليات، ورفض مزاعم الصهيوني في جعل فلسطين وطناً قومياً، وتتويج فيصل ملكاً دستورياً على سورية(4).
كما حدد القرار الساعة الثالثة بعد الظهر من يوم الاثنين الثامن من آذار للمبايعة رسمياً، وأعلن عن حل الحكومات في المناطق السورية، على أن تقوم مقامها حكومة ملكية مدنية مسؤولة تجاه مجلس الأمة، وأن تراعى أماني اللبنانيين في إدارة مقاطعتهم “لبنان” ضمن حدوده المعروفة قبل الحرب بشرط أن يكون بمعزل عن كل تأثير أجنبي.
قام بالتوقيع على القرار هاشم الأتاسي بصفته رئيساً للمؤتمر وعزة دروزة بصفته سكرتيراً للمؤتمر ثم وقع عليه أعضاء المؤتمر، بعدها ترأس الأتاسي وفداً من أعضاء المؤتمر لتقديم القرار إلى الأمير فيصل وتقديم التهنئة له باسم المؤتمر.
وجرى الاتفاق على أن يبقى المؤتمر قائماً في حال انعقاد دائم، وأن يصبح بمثابة مجلس تأسيسي لمناقشة مشروع دستور الدولة.
وجاء قرار الاستقلال مطابقاً بنسبة كبيرة لمضون قرار المؤتمر الذي تم تقديمه إلى لجنة الاستفتاء الأميركية في تموز عام 1919م.
التتويج والمبايعة
جرى إعلان الاستقلال في الثامن من آذار، وذلك من على شرفة البلدية في ساحة المرجة التي امتلأت بجمهور كبير.
وقام عزة دروزة بصفته سكرتيراً للمؤتمر بتلاوة القرار، وأطلقت المدفعية مائة طلقة وطلقة، ورفع العلم الجديد الذي هو علم الثورة مع إضافة نجمة بيضاء في المثلت الأحمر.
وألقى فيصل على الأثر الكلمة التالية: “أشكر للأمة نياتها الحسنة نحوي، وعلى ما أبدته من حسن الإعتماد، وأشهد الله أني ما قمت إلأ بما يجب علي، وأتمنى أن أوفق لأقوم بكل ما يكفل استقلال البلاد وجريتها، ولأعتني بشؤون الشعب السوري ورقيه، وأشهدكم على قولى هذا والله خير الشاهدين”.
ثم تقدم رجال الدولة للمبايعة فكان الأمير في المقدمة.
وتلا بطريرك الروم الأرثوذكس عهداً موقعاً عليه من جميع رؤوساء الطوائف المسيحية الروحيين قالوا فيه: “إنه نظراً لإتفاق الأمة السورية على مبايعة سمو الأمير فيصل ملكاً على سورية فرؤساء الطوائف الروحيون يبايعون جلالته على الشروط السبعة التي اتفقوا عليها معه في جلس يوم الاثنين 7 / 10 / 1920 وهي: “إطاعة الله واحترام الأديان، والحكم بالعدل، وإجراء المساواة، وتوطيد الأمن، وتعميم المعارف، وإسناد الوظائف لمستحقيها متعهدين بالطاعة والإخلاص لجلالته”(5) .
شارك في في حفل المبايعة وفود المناطق الثلاثة الشرقية والغربية والجنوبية، ووصل إلى دمشق وفد فلسطيني وبايع فيصل باسم فلسطين جزء من سورية. وقال الوفد :” إننا نفخر بأن تكون البلاد التي أنابت هؤلاء الكرام منها جزءاً لا يتجزأ من الدولة السورية العربية تحت ملك جلالتكم، ونرجو الله أن نرى إخواننا وأبنائنا جنوداً في الجيش السوري”(6).
غاب عن الحفل كلاً من القنصل البريطاني والقنصل الأميركي، فيما حضر ممثلي فرنسا وإيطاليا.
بعد التوويج قدمت الحكومة برئاسة زيد استقالتها، وفطلب فيصل من رضا الركابي تشكيل الحكومة الجديدة، كما تشكل بلاط ملكي لفيصل برئاسة إحسان الجابري.
الموقف من تتويج فيصل ملكاً وإعلان الاستقلال عام 1920م:
الموقف البريطاني من تتويج فيصل ملكاً على سورية وإعلان إستقلالها عام 1920
الموقف الفرنسي من تتويج فيصل ملكاً على سورية وإعلان إستقلالها عام 1920
موقف الشريف حسين من تتويج فيصل ملكاً على سورية وإعلان إستقلالها عام 1920
(1) قدري (تحسين)، مذكرات، صـ 176.
(2) كان عبد الرحمن اليوسف في مقدمة من كانوا يؤيدون إتفاقية فيصل – كليمنصو، وينتقدون رفضها، لذلك وجدت هيئة الجمعي العربية الفتاة أن يجدد انتخاب الرئاسة والسكرتارية.
(3) سلطان (علي)، تاريخ سورية، صـ 276، نقلاً عن مجلة المنار، المجلد 21، الجزء 8، صـ 438- حزيران عام 1920م.
(4) قاسمية (خيرية)،الحكومة العربية في دمشق،صـ 166
(5) سعيد (أمين)، الثورة العربية الكبرى، مكتبة مدبولي، الجزء الثاني، صـ 137.
(6) ألماظ شهرستان (ماري)، المؤتمر السوري العام، دار أمواج، الطبعة الأولى عام 2000م، صـ 105- 107 .
صحيفة العاصمة، العدد 109 الصادر في 15 آذار عام 1920م.
انظر:
بيان استقلال سورية الذي أعلنه المؤتمر السوري
تتويج فيصل بن الحسين ملكاً على سورية
مبايعة الرؤساء الروحيين في سورية للملك فيصل
رسالة هاشم الأتاسي إلى الملك حسين بعيد إعلان استقلال سورية