You dont have javascript enabled! Please enable it!
أعلام وشخصيات

رفيق رزق سلوم 

تحرير فارس الأتاسي

ولد رفيق  بن موسى رزق سلوم في مدينة حمص في شهر آذار 1891م.

ينتسب إلى عائلة من الروم الأرثوذكس.

درس المرحلة الابتدائية في المدرسة الروسية الابتدائية بحمص، وهي من مدارس الجمعية الإمبراطورية الفلسطينية الرسوية، بإشراف مطرانية حمص الارثوذوكسية.

توسّم فيه مطران حمص اثناسيوس عطالله النبوغ فرسمه راهبًا مبتدئًا وأرسله إلى المدرسة الاكليركية في دير البلمند بلبنان لدراسة العلوم اللاهوتية في حدود عام 1904م، فدرس أربع سنوات ونال شهادتها متفوقًا على أقرانه.

عاد إلى حمص وأقام في المطرانية الأرثوذوكسية فترةً من الزمن درس فيها اللغة التركية على يد خالد الحكيم، إلا أن حبّه للعلم دفعه إلى خلع الثوب الرهباني والسفر إلى بيروت مطلع عام 1909م للدراسة في الكلية الأميركية، وهناك ألّف روايته “أمراض العصر الجديد”، وكان حينها في الثامنة عشر من عمره.

دراسته العليا ونشاطه في العاصمة:

سافر إلى العاصمة اسطنبول في صيف عام 1909م بناءً على توجيه عبد الحميد الزهراوي، فدرس في مكتب كاباتاش الإعدادي (الثانوي) ثم في كلية الحقوق بدار الفنون (جامعة اسطنبول اليوم)، ولمّا أنهى دراسته العليا عام 1914م كان قد أتقن من اللغات التركية والإنكليزية والروسية واليونانية والفرنسية إلى جانب العربية.

في اسطنبول أخذ ينشر مقالاته في صحف المقتطف والمهذب والمقتبس وجريدة حمص وجريدة دليل حمص، ومجلة لسان العرب التي أصدرها النادي الأدبي في اسطنبول، كما ساعد الزهرواي في تحرير جريدته “الحضارة” الصادة في اسطنبول.

كان من أركان المنتدى الأدبي العربي حين تأسيسه في العاصمة اسطنبول، وشغل وظيفة نائب الرئيس عبد الكريم الخليل، وكان يدرّس فيه اللغة الإنكليزية.

كما كان له كذلك ولع بالموسيقى، فأتقن العزف على القانون والعود والكمان والبيان، وكانت له أناشيد حماسية ملحّنة، ولعلّه اشترك في كتابة وتلحين أناشيد المنتدى الأدبي والجمعية القحطانية والعهد.

السجن والتعذيب:

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى انتظم متطوعًا في صفوف الجيش العثماني كضابط احتياط. وبحسب أسعد داغر فإنه كان عثمانيّ الفكر كالزهراوي، غيورًا على مصلحة الدولة.

وقد وردت برقية من إستخبارات نظارة الداخلية إلى قيادة الجيش الرابع بتاريخ 17 آب تنبئ عن جملة اعترافات قدّمها عفيف الصلح منها أن ضابط الاحتياط رفيق سلوم هو أقرب معتمدي عبد الكريم الخليل وهو مشترك في كتابة وتحضير أناشيد وطنية تحرّض على عصيان العرب.

وبناءً على تلك البرقية قبض على رفيق رزق سلوم في بيت عمّه أنيس سلّوم بدمشق في السابع والعشرين من أيلول 1915م، وسيق إلى عالية حيث أقيم الديوان العرفي، فقاسى هناك صنوف التعذيب والظلم حيث اتّهم بأنه أمين سرّ عبد الكريم الخليل والكاتب الخاص لعبد الحميد الزهراوي، وحكم عليه بالإعدام بتهمة الانتماء لحزب اللامركزية وكتابته لأشعار تحرّض على الاستقلال العربي.

إعدامه:

أُعدم في ساحة المرجة بدمشق في السادس من أيار عام 1916م وكان آخر من يُعدم بين قافلة دمشق، وعمره حينها 25 سنة فقط.

وقيل أنه تقدّم إلى منصّة الأعدام بابتسامة، فلمّا رأى مكانه قال بسخرية: “غالبًا هذا هو مكاني”.

ثم حينما رأى جثة عبد الحميد الزهراوي، وكانت قباله، قال: “السلام عليك يا أبا الحرية!” فكانت تلك آخر كلماته.

وقيل أنه لما بلّغوه حكم الإعدام نظم أبياته الأخيرة:
لا العُرب أهلي ولا سوريةُ داري   …    إن لم تهبّوا لنيل الحق والثارِ
إن نمتمُ عن دمي لا كنتمُ أبدًا  …      وكان خصمكمُ في المحشر الباري
أنا الذي دمه في الأرض منتشرٌ  …     كأنما هو نهر في الفلا جارِ
قتلت ظلمًا وغدرًا بل وتضحيةً  …        عنكم بأيدي وحوشٍ كلّها ضارِ

وخاتمتها:

صبّوا الدماء على قبري بلا أسفٍ … كلّا ولا جزعٍ هطلًا كمدرارِ

وكان قد أوصى أن تكتب أبيات الكندي على قبره:

وإنّ الذي بيني وبين بني أبي …    وبين بني عمّي لمختلفٌ جدّا

فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم …     وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا

وإن ضيّعوا غيبي حفظتُ غيوبهم…    وإن هم هَوَوا غيّي هويت لهم رشدا

وإن زجروا طيرًا بنحسٍ تمرّ بي …      زجرت لهم  طيرًا تمرّ بهم سعدا

عُرف عن السيد رفيق نزعته المثاليّة، ومواجهته للسجن بصدر رحب وللإعدام بوجهٍ باسم، وقد كتب قبل إعدامه بشهر تقريبًا رسالةً لأهله يشرح فيها ظروف السجن والمحاكمة، وكانت أهمّ كلمات تلك الرسالة: “المستقبل سيعرف حقيقتي، وحينئذٍ ترفعون رؤوسكم افتخارًا”.

كما بعث قبيل تنفيذ حكم الإعدام برسالة مؤثرة إلى والدته وأخويه وأخواته وفيها، وصف ماذاقه من تعذيب خلال مدة توقيفه في السجن واستجوابه، ونوه عن أسماء الأشخاص الذين وشوا به وسامحهم ونعتهم بأن الطبيعة أوجدتهم ضعفاء، وأوصى ان يكتب على قبره الأبيات التالية:

آثاره وإرثه:

عقب إعدامه دفن في المقبرة الأورثوذوكسية بدمشق، وسمّيت باسمه مدرسة ثانوية في حيّ الميدان وشارع في سوق الناعورة بحمص، وشارع ببيروت.

في السابع من آذار 1919م كرّمته الحكومة الفرنسية بوسام رسمي من رتبة فارس (Chevalier) مع مجموعة من شهداء 1916م.

من مؤلفاته:

1-أمراض العصر الجديد، رواية كتبها عام 1909م أثناء دراسته في الجامعة الأميركية ببيروت.

2- “حياة البلاد في علم الاقتصاد”، وهو أول كتاب في علم الاقتصاد الحديث يكتب باللغة العربية. طبع عام 1912م في مطبعة السيد قسطنطين يني صاحب جريدة دليل حمص.

3- كتاب “حقوق الدول”، يقع في نحو 800 صفحة، ظلّ مخطوطًا ولم يطبع.

4- ديوان شعر كبير.

بالإضافة إلى العديد من المقالات في المجال الحقوقي والاقتصادي، جُمع أغلبها في كتاب “الأعمال الكاملة: رفيق رزق سلوم”، الصادر عن وزارة الثقافة السورية عام 2006م.


بطاقة عمل رفيق رزق سلوم الطالب في كلية الحقوق في استنبول

 

قبر رفيق رزق سلوم – من أرشيف اليان خباز

المصادر والمراجع:

– الأرشيف العثماني: COA, TS.MA.e.379/ 773 COA, DH.ŞDR.55/ 45

– داغر، (أسعد خليل)، ثورة العرب، 180 (طبعة مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2012).

– إيضاحات عن المسائل السياسية التي جرت تدقيقها بديوان الحرب العرفي المتشكل بعالية، القائد العام للجيش الرابع جمال باشا، (مطبعة طنين، اسطنبول، 1916)، 115

– ترجمة عن الأصل: Atay, Falih Rıfkı, Zeytindağı, 53 (Remzi Kitabevi, 3.Baskı) İstanbul,1943

– من مكتوب رفيق رزق سلوم إلى أهله وذويه، 22 آذار 1916م

– صحيفة لسان الحال – بيروت، العدد الصادر في التاسع والعشرين من نيسان 1919م

المصدر
الجندي (إبراهيم)، أعلام الأدب والفن، صـ 15-16



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى