You dont have javascript enabled! Please enable it!
أعلام وشخصيات

علاء الدين الدروبي

1870- 1920

ولد علاء الدين الدروبي في حمص عام 1870م.

والده عبد الحميد باشا الدروبي مدير الأراضي السنيّة (السلطانية) في حمص ورئيس بلديتها عدة مرات.

اقترن علاء الدين بك نهاية عام 1896م بالسيدة نسيبة بنت أحمد نجيب بك (قاطاي) مفتّش الريجي بولايات بيروت سورية ومتصرفية القدس. وأنجبت له توأمًا: صبحي وصبحية.

النشأة والدراسة:

درس المرحلة الابتدائية في حمص، وتابع تعليمه الإعدادي في المدرسة الوطنية بطرابلس الشام والمدرسة السليمانية في بيروت.

أكمل تحصيله العلمي في الكلية المُلكية الشاهانية بالعاصمة اسطنبول، وتخرج منها بتاريخ 1890م من الأوائل، بدرجة جيد جدًا.

أتقن إلى جانب العربية لغته الأم، التركية والفرنسية قراءة وكتابة وتحدّثًا.

في السلك الرسمي العثماني:

بدأت حياته المهنية ملازمًا لقلم التحريرات التابع لنظارة الداخلية، ثم عيّن موظفًا متدربًا بالمعية لدى والي سورية عام 1891م، ثم في مستنطقية مجلس إدارة ولاية سورية في 1892م إلى ختام مدة تدريبه في نهاية العام. ثم شغل منصب وكيل مدير تحريرات سنجق معان بولاية سورية عام 1893م، وتم ترفيعه أصالةً إلى منصب مدير التحريرات بعد ستة أشهر، عام 1894م، وبقي في وظيفته إلى أن قدم استقالته نهاية عام 1896م، وكان قد أبدى مدة وظيفته الكفاءة والاقتدار على الكتابة بالعربية والتركية والتحدث بالفرنسية وترجمتها، حسب ملاحظات إدارة سنجق معان وولاية سورية.

وأشاد مجلس إدارة سنجق الكرك بأهليته وكفاءته، ووصف بكونه من أهل التروّي أثناء العمل ومن أهل الغيرة والإقدام، بالإضافة إلى لياقته وفضيلته التي توجب كل الترفيعات لكونه من أرباب الأهلية والاستعداد.

عيّن علاء الدين افندي قائمقام لقضاء “قرق آغاج” في ولاية آيدين على ساحل بحر إيجه في تموز1897م، ويتم نقله بعد شهرين ترفيعًا ليشغل منصب قائمقام لقضاء “قواله” (كافالا) سنة واحدة، ليتم تعيينه بعدها قائمقام لقضاء “زبيد” في اليمن بطلب من الولاية سنة 1898م، كون القضاء المذكور كان يستلزم حاكمًا بأوصاف معينة ارتأت الدولة تواجدها في شخص علاء الدين افندي، حسب ما ورد من مقام ولاية اليمن، ووجّهت إليه إثر ذلك الرتبة الثالثة بموجب الإرادة السنيّة من “جناب مقام الخلافة” في ذات العام:

شغل منصب قائمقام لقضاء زبيد من تشرين الأول 1898م إلى نيسان 1900م، وقائمقام لقضاء “حزار” في اليمن من نيسان 1900م إلى كانون الأول 1901م، وإثر غيرته وكفاءته في عمله باليمن وجّهت إليه الرتبة الثانية – صنف ثاني ترفيعًا في أيلول 1902م.

أبدى علاء الدين افندي حسن الأخلاق والكفاءة والاقتدار في التحريرات العربية والتركية، مما دفع مقام ولاية اليمن لطلب تعيينه محررًا (كاتبًا) لولاية اليمن، وصدرت الإرادة السنيّة لتصديق قرار تعيينه في كانون الأول 1901م، واستمر في تلك الوظيفة لغاية تشرين الأول 1903م، ليتم ترفيعه وتعيينه متصرفًا لسنجق/ لواء “تعز” باليمن حتى نهاية آب 1905م.

أوعزت مفتشية ولايات روميلي الشاهانية في البلقان بضرورة تعيين علاء الدين بك متصرفًا لسنجق “كوريجه” في ولاية مناستر بالبلقان، وصدرت الإرادة السنية بتعيينه متصرفًا للسنجق في آذار 1907م، وتم ترفيع رتبته إثر ذلك إلى رتبة “متمايز” الرفيعة، واستمر في وظيفته إلى نهاية آب 1908م حيث تم تعيينه متصرفًا لسنجق پرشتنه في ولاية كوسوفا حتى كانون الأول 1909م.

ابتدأت مرحلة جديدة في مسيرة علاء الدين بك حين تم تعيينه وكيلًا لوالي سيواس في الأناضول في كانون الثاني 1911م، واستوفى في منصب الوكالة سبعة أشهر ليتمّ ترفيعه إلى منصب والي سيواس أصالةً في أيلول 1911م، إلى أن تم عزله إداريًا في أيلول 1912م، ومع اعتقاد الدولة بضرورة تعيين والي في ولاية البصرة الهامة استراتيجيًا، “يمثّل طموح الترقّي وفكر التطور”، وكون علاء الدين بك من “أهل الكفاءة والاقتدار” حسب وصف الدولة، تقرّر تعيينه واليًا للبصرة في آذار 1913، واستمر في منصبه إلى أن تم عزله في آب من السنة ذاتها(1).

العهد الفيصلي:

 عشية انسحاب الجيش العثماني من حمص في تشرين الأول 1918م، كان عضوًا في الحكومة العربية المؤقتة بحمص، التي تشكّلت من كبار أعيان المدينة المسلمين والمسيحيين ريثما تدخل القوات العربية إلى المدينة بقيادة عمر بك الأتاسي.

عاد إلى دمشق بعد الانسحاب العثماني مبايعًا الملك فيصل الأول، وكان من أعضاء الوفد السوري الذي استقبله عند وصوله إلى بيروت في كانون الثاني 1920، فأحبّه الأخير وأعجب به وبخبرته السياسية فقام بتعيينه والياً على مدينة دمشق وكبير مستشاري حكومة الفريق علي رضا الركابي.

وحيث أنّه كان قد عيّن سابقًا رئيسًا لمجلس الشورى المؤقت في الرابع والعشرين من تشرين الثاني 1919م، عيّن بشكل رسمي رئيسًا للمجلس مرة أخرى خلفًا لمؤسسه ورئيسه الأول عبد القادر المؤيد العظم في التاسع من آذار 1920م.

كان أحد أعضاء الهيئة الاستشارة للحزب الوطني السوري الذي تأسس في التاسع والعشرين من كانون الثاني 1920 لمعاضدة الأمير فيصل حينها.

وفي الثالث من أيار 1920 اشترك في “الحكومة الأتاسيّة” التي شكّلها هاشم الأتاسي لأول مرة، فكان وزير الداخلية فيها(2).

عهد الانتداب الفرنسي:

بعد معركة ميسلون عزم الملك فيصل على الإنسحاب من دمشق إلى الكسوة، وقرّر في 27 تموز تعيين علاء الدين الدروبي رئيساً للحكومة خلفاً لهاشم الأتاسي، مع صلاحيات واسعة للتوصل إلى اتفاق مُرضٍ مع الفرنسيين، يسمح للملك بالعودة إلى عرشه. وقد أرسل فيصل كتاب تسمية الدروبي إلى دمشق دون ذكر أسماء الوزراء، تاركاً له حرية اختيار من يراه مناسباً.
وعلى ذلك شكّل علاء الدين بك “الحكومة الدروبية”،فكان بذلك علاء الدين بك أول رئيس وزراء لسورية في عهد الانتداب الفرنسي(3).
وكان لافتاً إلغاء منصب وزير الخارجية في حكومة الدروبي، لرغبة سلطة الانتداب الفرنسي بتولي شؤون سورية الخارجية بنفسها. وقد اكتفى الدروبي بتعيين الشاعر فؤاد الخطيب مستشاراً للشؤون الخارجية في عهده.

وبعد يومين من احتلال دمشق -الثلاثاء 27 تموز 1920- أذاع قائد الحملة الفرنسية الجنرال غوابيه بلاغًا جرّد بموجبه فيصل الأول من سلطة الحكم وفرض غرامة حربية على سورية قدرها 10 ملايين ليرة ذهبية باسم تعويض لفرنسا عن خسائر الحرب، كما حُل الجيش العربي ونُزع سلاحه، وطالب بتسليم كبار المذنبين ليحاكموا أمام المحكمة العسكرية، وطلب نزع سلاح الأهالي وفرض عليهم تسليم قوات الانتداب الفرنسي 10 آلاف بندقية.

وعلى الأثر نشر علاء الدين الدروبي رئيس الوزراء قرارًا يتضمن توزيع هذا المبلغ على المدن والمحافظات السورية، وشرع في جمع الغرامة، كما أذاع بصفته رئيس الوزراء البيان التالي بتاريخ 31 تموز 1920:
“إن الظروف الحاضرة والمصلحة الوطنية تقضي بالاهتمام بالمحافظة على الأمن العام كل المحافظة، والقبض بيد من جديد على أزمة الأعمال والضرب على أيدي كل من يعيث بالأمن العام، وإعدام المتمرد بالرصاص حالًا. كما أن الواجب الوطني يختم على الموظفين عامةً مزيد الاهتمام بالوظائف المودعة إليهم، وعلى أفراد الأمة بالاخلاد إلى السكينة ومؤازرة الحكومة. والله أرجو أن يوفقنا جميعًا لإنجاح الوطن وتقدمه والسلام عليكم”.

وحينما بلغ إلى مسامعه مدى الحفاوة والترحيب الذين تلقاهما الملك فيصل من أهالي حوران، عند وصوله إلى محطة درعا، أبرق إليه ما مفاده:

“أفادت السلطة الفرنسية أنها وضعت تحت أمر جلالتكم قطاراً خاصاً للسفر إلى حيفا أو عمّان، حسب اختياركم، بدون التوقف في درعا، فأسترحم من جلالتكم، حفظاً لبلاد حوران من المصائب والخراب، تعجيل حركتكم مولاي”.

بعدها قامت الطائرات الحربية الفرنسية بإلقاء مناشير على قرى حوران، تحذر أهلها من عواقب بقاء فيصل في ديارهم، فما كان منه إلا أن غادر الأراضي السورية بشكل نهائي يوم 1 آب 1920، متوجهاً إلى مدينة حيفا، تنفيذاً لمطلب علاء الدين بك. مع ذلك حاول الدروبي الاحتفاظ ببعض الاستقلالية لنفسه في وجه الفرنسيين، وقام بتوجيه اعتراض رسمي إلى حكومتهم بتاريخ 9 آب 1920، احتجاجاً على سلخ أربعة أقضية عن سورية وإلحاقها بدولة لبنان الكبير.

كلمة ترحيبه بالجنرال غورو:

وبعيد دخول الجنرال غورو وقواته إلى دمشق أقام رئيس الوزراء علاء الدين بك وليمة على شرف الجنرال غورو بتاريخ 11 آب 1920، وألقى خطاباً فيها، هذا نصه:

“يا صاحب الفخامة!

أرحب بفخامتكم باسم الحكومة السورية وأهنئكم بسلامة الوصول وأتمنى لكم وللحكومة التي تمثلونها كل غبطة وحبور. وإنني عملاً بما يوحيه إليّ الشعور الوطني الذي يختلج في جوانح أبناء سوريا أشكر لكم كل شكري على تصريحكم الأخير بأن الحكومة الافرنسية التي عهد إليها مؤتمر السلم بمهمة الانتداب في سورية لا ترمي من ورائه إلا إلى رعاية مصلحة البلاد وفلاحها، وأن استقلال السوريين الذي سبق الاعتراف بصورة علنية غير مهدد بخطر. ومما يزكي هذا التصريح الرسمي الذي يبث الطمأنينة في النفوس، وأن تقاليد فرنسا الباهرة وماضيها المجيد وما صرح به زعماؤها منذ خاضت غمار الحرب ذوداً عن حوزة العدل ونصرة للحق على القوة، لا يترك مجالاً للشك بأن حكومتكم المبجلة لا ترغب كما ذكرتم في استعمار سورية ولا تحاول استبعادها، وإنما تريد أن تعمل بمبادئها القوية المأثورة عن أبطال ثورتها الكبرى الذين كتبوا حقوق الإنسان بدمائهم في تاريخ العالم. وأن مؤتمر السلم الذي اختاركم للانتداب في هذه البلاد السورية وإنما زاد في ضمانة تأييد حقوق الشعب السوري وصيانة حريته واحترام استقلاله، ولذلك فانتداب حكومتكم المعظمة لبلادنا ليس فيه ما نخشاه لأن كرامتنا أصبحت مضمونة بصورة علنية، ونؤمل أن ننال منكم ما نالته أمريكا وايطاليا والبلجيك واليونان، وغيرها من الشعوب المهضومة الحق من قبل. ولقد كان رجال البلاد المتنورون على ثقة وطيدة بما لفرنسا من سلامة القصد، إلا أن أقلية صغيرة- أكثرها غريب الدار- كانت توسوس في صدر الجمهور كما لا يخفى عليكم بأن فرنسا دولة مستعمرة وأنها تعمل على بسطة ملكها من نفقة غيرها، على أن الذين انخدعوا بزخرف القول لا يلبثون أن يعرفوا الحقيقة التي خفيت علينا البتة. وإيضاحاً للحقيقة التي مازالت مكتنفة بالغموض أريد أن أصرح لفخامتكم بأن الشريف فيصلاً كان يشاطرنا هذا الرأي وكان في مذكراته الخصوصية يجهر بإخلاص واستقامة الافرنسيين، إلا أن ذوي الريب المحيطين به أثاروا الحوادث الأخيرة المؤلمة وأن البحث العميق في هذه القضية سيظهر صدق هذا البيان. وإنما يرجع إلى عدل فرنسا تقدير هذه الأحوال وأن تحكم فيها بما تراه موافقاً للعدل.

إن شعورنا لا يمكن أن يرتاب فيه. لأننا قاتلنا في صفوفكم وفي سبيل تلك القضية العادلة وإننا كنا نؤلف جزءاً لا ينفصل عن جموعكم وقد كان مصيرنا مرتبط بمصيركم ولذلك يحق لنا بعد الذي أظهرناه من الإخلاص والولاء أن نتوقع تحقيق أمانينا القومية كافة في السلعة التي تقرر فيها النصر العام، وإني لعلى ثقة أن كلماتي ستمحو كل أثر لسوء التفاهم ولاسيما ونحن نخشى خطراً يهدد استقلال سورية بل يزيدنا اطمئناناً عليه مبادؤكم النبيلة وتصريحات أكابر رجالكم الرسمية والاتفاقات المبرمة بين فخامة رئيس وزارتكم المسيو كليمنصو ومندوب سورية في مؤتمر السلم، وهي الاتفاقات التي تثبت أن فرنسا لا تأتي لسورية إلا كصديق لا كمستعمر. ولقد تفضلتم أنتم فخامتكم ووعدتم بأنكم تحترمون استقلال الشعب السوري وحريته وتتكلون على المودة والصدق المتبادلين ولقد مثلتم فكرة فرنسا السامية نصيرة الحرية والمدنية.

وذلك ما جرأنا يا صاحب الفخامة على قبول مسؤولية الساعة الحاضرة وإننا اعتماداً على معاونتكم لم نتردد في القيام بالمهمة التي يكون من نتيجتها حرية وطننا المحبوب واستقلاله، وأن الحكومة الوطنية التي استحقت ثقتكم والتفاتكم السامي كما أثبت ذلك منشور الجنرال غوابه في 26 تموز وقد بادرت بكل إخلاص إلى إجابة ما طلب منها وقبلت الاشتراك في العمل والسعي مع رجالكم الفنيين الذين يعملون لمصلحة سورية. وإنني مقتنع بأن المحبة التي يضمرها السوريون تجاه فرنسا- وهي المحبة التي جبلت بالدماء في ساحتي الجهاد الأدبي المادي اللذين أديا إلى نيل الحرية- لا تتزعزع، وإن عزم السوريين ونشاطهم المعروفين في كل بلدة نزلوها مودة فرنسا المأثورة لأكبر ضمانة لفوز قضيتنا الوطنية التي ينتظرها السوريون بفارغ الصبر.

ولذلك أحييكم يا صاحب الفخامة بصفتكم الصديق الرسمي والشخصي لسورية وأتمنى لكم طيب الإقامة في هذه البلدة العظيمة التاريخية ولجيشكم الذي أظهر في خطته أنه موجود في بلاد صديقة.

فلتحيا سورية حرة ومستقلة ولتحيا فرنسا الفخيمة الكريمة”.

حادثة خربة غزالة:

كانت قد وصلت عدة تقارير إلى السلطات بأن أهالي حوران يحضّرون لعصيان مسلّح بعد زيارة الملك فيصل، وشاع في الصحف أن زعماء حوران “أقسموا اليمين في الهجوم على دمشق بمساعدة حليفهم الأمير محمود الفاعور وقتل الافرنسيين والدمشقيين عن بكرة أبيهم”.

علم أبو الخير الجندي متصرف حوران آنذاك بذلك فأبرق للوزارة في دمشق، فصدر أمر الوزارة باستدعاء بعض مشايخ حوران للتفاهم معهم، إلا أن تلك المساعي فشلت. فقرّرت الوزارة الذهاب إلى حوران للتفاهم مع الأهالي، وأبرقت يوم الخميس 20 آب 1920 لمتصرفية حوران بوجوب جمع المشايخ في قصبة درعا مركز المتصرفية وإعلامهم عن عزمها في الذهاب لمقابلتهم.
ويُذكر أن السلطة الفرنسية كانت قد أرسلت سابقًا قوة مؤلفة من عشرين جنديًا من السنغال إلى حوران، فمانع الحوارنة مجيء هذه القوة وهاجوا وأجبروها على العودة في القطار.

وفي صباح يوم الجمعة 21 آب 1920 ركب أعضاء الوزارة القطار الحجازي، مؤلفين من علاء الدين بك الدروبي رئيس مجلس الوزراء، عبد الرحمن باشا اليوسف رئيس مجلس الشورى صاحب الوجاهة ولنفوذه على الحوارنة نظرًا لصلات المودّة بينه وبين المرحوم فارس بك الزعبي أحد زعماء الحوارنة، وعطا بك الأيوبي وزير الداخلية، والشيخ عبد الجليل الدرة والشيخ عبد القادر الخطيب وأحمد بك الخاني مرافق رئيس الدولة، ومنير بدرخان.

ولما اتصل خبر هذه الزيارة بالسيد أبو الخير أبرق إلى وزير الداخلية يعلمه بأن الشعب الحوراني في هياج وأن الوضع الراهن يستوجب تأجيل الزيارة ريثما تهدأ الحالة، ولما علم باصرار الحكومة على المجيء عززها ببرقية ثانية بيّن فيها خطورة الحالة والعدول عن الزيارة مؤقتًا. فالبرقية الأولى وصلت إلى وزير الداخلية، والثانية لأمرٍ ما تأخر تسليمها دقائق معدودات كان خلالها رجال الحكومة المشار إليهم قد ركبوا القطار بطريقهم إلى درعا.

وحين اقتراب القطار من خربة غزالة شاهد أعضاء الوزارة جماهير متعددة على المحطة، فتوهمت أنها وفدت للسلام عليها.
وما إن وصل القطار الذي يقلّ رجال الحكومة هاجمه الحوارنة، وحاول علاء الدين بك أن ينجو بنفسه إلا أنه قتل، وتعدّدت الروايات وتضاربت في كيفية ذلك.

ولما رأى تجّار محطة خربة غزالة هذا المصير المؤلم اندفعوا بسائق العاطفة والعصبية- وهم من حي الميدان بدمشق- واحتاطوا بعطا بك الأيوبي ورفاقه وأخفوهم في بيوتهم. أما عبد الرحمن باشا اليوسف فأردى بمسدسه اثنين من المعتدين قبل أن يقتل.

وظلّت الطرق مقطوعة من دمشق إلى خربة غزالة ما يقارب الشهر، فتأخر جثمان علاء الدين بك ومن معه بالوصول إلى دمشق.

وبتاريخ 11 أيلول 1920 صلّي على جثمانه في الجامع الأموي بدمشق في جنازة رسمية، ثم أرسل إلى حمص عبر محطة البرامكة ليوارى الثرى فيها.


رثاه مفتي حمص الشيخ طاهر الأتاسي فكتب:

أندب ربوع المجد فهي بلاقعٌ … صمٌ لأحداث الزمان خواضعُ

يا ابن الدروبي إن غلا صبر فقد … رخصت عليك من القلوب مدامعُ

تلك المكارم أظلمت آفاقها … إذ غاب كوكبها المنير الساطعُ

ذكروك في وطن غدوت شهيده … فاهتزت الأقلام وهي سواجعُ

وطووك بحرا فانطوى لأولي الظما… أمل إليك مصيره ومطامعُ

لك في سبيل الخير أكرم موتةٍ … يرضى بها الباري ويثني السامعُ

آثار حزمك لا تعدُ وهذه … لسعادة الأخرى دليل قاطعُ

إن غاب شخصك في الثرى فصفاتكم … طول المدى هي كالنجوم طوالعُ

تزهو صحائفٌ أنت في تاريخها … أسفا علاء الدين حسنٌ ضايعُ

وقرّرت ديّة قدرها 10 آلاف دينار لأسرة علاء الدين بك، تسلّمها من حوران محمد بك الطباع مدير الأمور الذاتية في وزارة المالية في كانون الثاني 1921م، بينما أقرّت الحكومة راتبًا شهريًا لأرملة علاء الدين بك مقداره 1014 غرشًا ذهبيًا في تموز 1922م.
وخلفه في رئاسة الحكومة جميل الألشي.


(1) من الأرشيف العثماني 1913- تعيين علاء الدين بك الدروبي واليًا للبصرة

(2) حكومة هاشم الأتاسي الأولى

(3)  حكومة علاء الدين الدروبي


انظر:

من الأرشيف العثماني 1913- تعيين علاء الدين بك الدروبي واليًا للبصرة

ختم علاء الدين الدروبي عام 1910

 



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

فارس الأتاسي

بكالوريوس في الهندسة المعمارية، باحث وكاتب في التاريخ السوري بالحقبة العثمانية fares.atasizade@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى