قضايا
استقالة الرئيس هاشم الأتاسي عام 1939
في السابع من تموز عام 1939 غادر الرئيس هاشم الأتاسي القصر الجمهوري في دمشق وتوجه إلى حمص، وقدم سكرتيره الخاص إلى فارس الخوري رئيس مجلس النواب كتاب استقالة الرئيس.
بعدما تسلم فارس الخوري كتاب الإستقالة دعا الصحفيين، وصرح لهم بأنه تناول كتاب استقالة رئيس الجمهورية، وبحكم الفقرة الأولى من المادة 86 من الدستور السوري.
ودعا الخوري إلى جلسة طارئة لمجلس النواب في الساعة الخامسة من بعد ظهر الثاني عشر من تموز للبحث منه العودة إلى الحكم بسبب استقالة رئيس الجمهورية.
كما اجتمع مجلس الوزراء المستقيل، وأصدر البلاغ التالي:
(اجتمع الوزراء في الساعة الحادية عشر وتلا رئيس الوزراء الخطاب الذي تسلمه من رئيس مجلس النواب وأعلن الوزراء فيه بدعوة المجلس النيابي إلى الإجتماع بعد زهر الأربعاء، وأن رئيس الوزراء يقوم بمهام الحكم بالوكالة عن رئيس الجمهورية إلى أن يبت مجلس النواب في أمر استقالة الرئيس الأتاسي ثم تأليف وزارة جديدة).
المندوب السامي يصل إلى دمشق:
ووصل المندوب السامي إلى دمشق مساء الثامن من تموز وأذاع البيان التالي: (لقد نشأ عن استقالة الوزارة السوري ورئيس الجمهورية وترك الحكم فقدان تام للسلطة التنفيذية في البلاد، مما سبب تقلقل وبلبلة في الرأي العام الشيئ الذي يخشى أن ينتج عنه أعمال غير طبيعية.
وإزاء هذه الحالة الشاذة المتقلقلة لم ترى السلطة الانتدابية الفرنسية بداً من التدخل في الأمر تدخلاً فعلياً.
وهي لذلك ترى من الواجب تعطيل الحياة الدستورية والإشراف الفعلي على الموقف الحاضر حتى يصير في الإمكان إعادة الحياة إلى مجاريها الطبيعية.
وهي لذلك قررت إيجاد نظام مؤقت لإدارة دفة الأمور في البلاد السورية وذلك بوضع السلطة تحت إدارة مجلس إداري يتولاه موظف يتمتع بسلطة وزير الداخلية.
ويخول حق تعيين الموظفين والقضاة وإصدار مراسيم لها مفعول القوانين وهذه المراسيم الإشتراعية تتخذ بعد موافقة العميد الفرنسي عليها.
ويجب أن لا يغرب عن البال أن هذه الحالة ليست أكثر من حالة طارئة لن يكون لها أي تأثير على سياسة فرنسا الأساسية في سوريا.
وليعلم الجميع أن فرنسا ستظل أمينة لتعهداتها لسورية ولأهدافها فيها، وليس لهذه الحالة التي هي أشبه بالهدنة أي معنى على أن فرنسا نكثت بالمعاهدة التي عقدت على أساس الإعتراف باستقلال سورية. وعلى هذا فإن الحالة الراهنة في سوريا لا تعني إدخال أي تغير أساسي على سياسة فرنسا الأساسية في سورية).
تصريخ الأتاسي
وقد صرح الأتاسي عن الأسباب التي دعته إلى تقديم استقالته من رئاسة الجمهورية، فقال: (كنت صممت على الاستقالة من قبل، ولكنني ارجأت تنفيذ رغبتي إلى حين آملاً أن ينجلى الموقف عما يحاق للبلاد بعض مطالبها.
وتابع: (حاولت حمل بعض الشخصيات على تأليف وزارة تقوم بأعمباء الحكم حتى تصل إلى نتيجة ما، لكن تخبط السياسة الفرنسية كان السبب المباشر في زيادة الأزمة حدة).
وأضاف: ( وأخيراً أعلن العميد سياسة فرنسا الجديدة في سورية وكلها خرق للعهود والوعود المقطوعة للبلاد فزادت على جرح الإسكندرونة جرحاً آخر).
وقال : (وليست هذه السياسة الجديدة إصراراً من فرنسا على سياسة التجزئة، مما بلبل الأفكار وآثار الوساوس. وعلى هذا وجدت نفسي مكرهاً على الإستقالة وترك الميدان).
أسباب الاستقالة:
تختلف الروايات عن الأسباب الحقيقية للاستقالة، ومنها ما ذكره أكرم الحوراني فكتب: (بعد أن أسدلت الستار على سلخ لواء الاسكندرون عن سوريا، وبعد الأحداث الدولية التي تلاحقت باتجاه بوادر حرب عالمية إثر بروز نوايا هتلر التوسعية، أذاع المسيو بيو المفوض السامي بياناً في بيروت. في 12 أيار 1939 أعلن فيه نكوث فرنسا عن تعهداتها. ثم قدم إلى دمشق في 15 أيار فعقد اجتماعاً مع أعضاء الوزارة الكتلوية الرابعة وهم: نصوحي البخاري وخالد العظم وحسن الحكيم ومحمد خليل المدرس وسليم جنبرت، وطلب إليهم الدخول في مفاوضات على أساس إعادة نظام الحكم الذاتي إلى منطقتي اللاذقية وجبل الدروز وإعادة النظر في شروط الاتفاق العسكري الذي يشتمل على محذور الجلاء بحجة أن الحالة الدولية تنذر بوقوع حرب، وأن فرنسا مضطرة لأخذ ذلك بنظر الاعتبار، وأن هذا يقضي بعدم تقيدها بكثير من شروط المعاهدة مادامت الحالة الدولية تستلزم تثبيت مركز فرنسا في الشرق كما يطلب القادة العسكريون).
انظر:
كتاب استقالة الرئيس هاشم الأتاسي عام 1939
استقالة الرئيس هاشم الأتاسي وحكومة نصوحي البخاري
صحيفة – رجالات سورية يهرعون لتحية هاشم الأتاسي قبل مغادرته القصر الجمهوري إلى منزله
برقية تهنئة مصطفى النحاس إلى هاشم الأتاسي بمناسبة بتقديم استقالته 1939م
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة الدفاع- يافا، العدد 135 الصادر في يوم الأحد التاسع من تموز 1939م.
(2). استقالة الرئيس هاشم الأتاسي وحكومة نصوحي البخاري عام 1939
