التراث الشفهيمحافظة دمشق
العانس .. من الحكايات الشعبية الشامية

العانس .. من الحكايات الشعبية الشامية
توثيق الباحث نزار الأسود
مرضت امرأة تعيش وحيدة، مرضاً خطيراً، ومع ذلك لم تجد من يعطيها كأس ماء، أو ينجدها بخدمة ما. وكان قد أعرض عنها الرجال، حتى بلغت الأربعين دون سبب معقول. فنذرت إن شفاها الله أن تنتقم من الرجال وتتزوج ثلاثة منهم معاً. وهكذا كان، فشفيت من المرض، وكان عليها أن تفي بنذرها. فذهبت إلى اللحاام وقالت له: أعطني نصف أوقية لحمة، ثم طلبت منه عظاماً، واستدانت وماطلته بالثمن، وترددت عليه كثيراً. وهي تأخذ من عنده اللحمة، وتسوف في الثمن حتى كبر الدين.
وأعجب بها اللحام. ولما سألها عن الدين، عرضت فقالت له: لا بأس وأنا الرابعة، ولكن أنا لي جدة أنام عندها يومين لأخدمها وأنام عندك يوماً واحداً. وقد شرطت عليه هذا الشرط لتفسح المجال لزوجها الثاني والثالث، وهكذا وافق اللحام وتزوج منها.
ثم ذهبت إلى السمان، واستدانت منه نصف أوقية بن، واستدانت، واستدانت حتى فعلت معه ما فعلت مع اللحام مع أنه متزوج من اثنين.
ثم ذهبت إلى الخباز فاستدانت منه رغيفاً من الخبز، وفعلت معه ما فعلت مع اللحام والسمان، ووفت بنذرها مع أنه متزوج من ثلاث.
وأخيراً حملت المرأة وولدت صبياً جميلاً، وكبر الصبي حتى صار عمره عدة أشهر ففرح به اللحام لجماله، فأحضر قشة، أي رأس خروف وقدميه وأمعاءه، و طلب من المرأة أن تعد له طعاماً. فشغلت المرأة بتنظيف القشة، وإعدادها ونتفها.
اغتنم اللحام فرصة انشغال الزوجة، فأخذ الصبي ودار به في السوق مزهواً، حتى رآه السمان فخاصمه قائلاً: هذا ابني، كذلك شاجره الخباز قائلاً: إنه ابني.
وانتهى بهم الأمر إلى مخفر الشرطة، والمرأة ما تزال مشغولة بتنظيف القشة ونتفها. وأخيراً قال مقدم الشرطة: يجب أن نستدعي أم الطفل لتعرف من أبوه؟ وكذلك كان.
عندما دخلت المرأة مخفر الشرطة، وجدت أزواجها في صف مثل سيخ اللحمة، وابنها في حضن مقدم المخفر. فأخذت تسرد قصتها عليه. وظلم الرجال لها إلى أن أصبحت عانساً، فلم يطلبها أحد ومرضت و نذرت ووفت بنذرها، وتزوجت أكثر من رجل واعترفت أن الصبي هو ابن اللحام، وفعلاً كان الصبي يشبه اللحام. وهكذا حلّت المشكلة بينهم، ثم طلقها زوجها الثاني والثالث، وعاشت مع اللحام زوجها الأول.
وتوتة توتة خلصت الحتوتة.
انظر:
