You dont have javascript enabled! Please enable it!
وثائق سوريا

كلمة ميشيل عفلق بمناسبة ذكرى عيد الجلاء عام 1947

في عيد الجلاء

في عيد الجلاء .. الكلمة التي ألقاها  ميشيل عفلق في الاحتفال الذي أقامه حزب البعث بذكرى الجلاء في العشرين من نيسان عام 1947.


في عيد الجلاء

قد يتساءل كثير من الشباب العربي المؤمن بقضية أمته كوحدة لا تتجزأ(1): هل يجوز أن نفرح بهذه الخطوة التي حققها العرب في جزء صغير من وطنهم الأكبر؟ هل يجوز أن نفرح وثمة ملايين العرب يقاسون من الإستعمار الأجنبي، ومنها ما يهددهم، الإستعمار في صميم عروبته ووجوده؟

اجل إن لنا ملء الحق بان نفرح بهذه الخطوة المباركة التي حققناها في سوريا، وبكل خطوة يخطوها العرب نحو أهدافهم القومية في أي جزء من أجزاء أرضهم وفي أية ناحية من نواحي حياتهم. إن المناضلين أولى الناس بالفرح، لان الفرح ينعش فيهم قوى النضال ويجددها ويحفزها إلى الاستمرار والتكامل.

نفرح بالرغم من آلامنا الكثيرة العميقة، لان الفرح ليس نقيض الألم بل هو ثمرته الصادقة الطيبة. والمناضلون الصادقون هم الذين يحولون ألَمَهم إلى فرح منعش لنضالهم. والفرح كالألم بل أكثر من الألم، لا يشعر به ويقوى على تحمله إلا النفوس القوية العميقة.

إن ألمنا لم يعني في يوم من الأيام الحزن والكآبة، كما إن فرحنا لن يعني الرخاوة والقناعة. ما دام لنا هذا الشعار: “أمة عربية واحدة • ذات رسالة خالدة”، فإننا لن نخشى أن ينسينا الجلاء عن سوريا واجبنا نحو أقطارنا العربية الأخرى التي لم تتحرر بعد، في المشرق والمغرب، ولن نخشى أن يلهينا التقدم السطحي الجزئي عن حقيقة المهمة التي أهّلنا القدر لحملها، وهي أن نسعى لتحقيق النهضة العميقة الشاملة التي تجدر بأمة عظيمة كأمتنا لها رسالة تؤديها إلى الإنسانية.

إن شعار “البعث العربي”، ليس ألفاظا فارغة مرصوفة، بل حقيقة راهنة حية، فالإيمان بوحدة الأمة العربية، في حاضرها وماضيها، هو الذي أتاح لسوريا أن تستقل وتجلي الأجنبي عن أرضها. وما كان لشعب سوريا أن يصمد لاستعمار غاشم، باغ عنيد، وان يقارعه ويتغلب عليه، لو لم تسنده وتنجده قوى الأمة العربية جمعاء. لقد كان يناضل ضد الإستعمار وهو يلتفت إلى إخوانه العرب في شتى أقطارهم الواسعة، يستمد منهم العون والتشجيع، ويتذكر آباءه وأجداده العرب القدماء يستلهمهم ويتغنى ببطولاتهم، وينظر بعين الرجاء إلى مستقبل أبنائه وأحفاده وقد ضمهم كيان عربي واحد تندحر أمام ضيائه ظلمات الحاضر المؤلم، وتحتقر إزاء روعته مصاعب اليوم ونكباته.

كما إن الإيمان بخلود الرسالة العربية هو الذي ينقذنا ويحمينا من الانخداع بتضليل الأجنبي وتمويه الفئات الوطنية الاستغلالية. وكلا الطرفين، الإستعمار الأجنبي والاستثمار الوطني، يحاولان بشتى الأساليب أن يقتلا طموح الشعب العربي ويغرياه بقبول أهداف ممسوخة، واتجاهات معكوسة في الوحدة والنهضة القوميتين.

فما دامت الرسالة العربية قبلتنا وغايتنا، لا يمكن أن نتساهل أو نتهاون في السعي إلى تحقيق الانقلاب العربي الذي سيجرف هذا الواقع الفاسد بقيادته النفعية العاجزة، وأوضاعه المريضة البالية. وهكذا تكون فرحتنا بالجلاء جد مختلفة عن فرحة الحاكمين المغرورين، الجاثمين على صدر الشعب بظلمهم واستثمارهم، البُعَداء عنه بروحهم ومصالحهم.

ليكن شعار “البعث العربي” إيمانا تنبض به عروقنا، وفكرا مبدعا يشرق من عقولنا، وعملا جارفا ينطلق من سواعدنا.

20 نيسان 1947

(1) الكلمة التي ألقاها عميد الحزب الأستاذ ميشيل عفلق في الاحتفال الذي أقامه حزب البعث العربي بذكرى جلاء القوات – الأجنبية الإستعمارية من سوريا في 20 نيسان 1947، وقد نشرت في جريدة ” البعث “، العدد 155.

المراجع والهوامش:

(1). صحيفة البعث - دمشق، العدد الصادر في آذار 1947

المصدر
ينشر بالاتفاق مع موقع "في سبيل البعث" وأسرة ميشيل عفلق، موقع التاريخ السوري المعاصر



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى