التراث الماديمحافظة حلب
فندق بارون
بدئ بإنشاء الفندق عام 1909م من قبل السيدين أونيك وآرمين مظلوميان أولاد الآغا كريكو مظلوميان في منطقة البساتين البعيدة عن العمران وعلى ضفاف نهر قويق في الزاوية القائمة بين تقاطع شارع بستان كل آب , وشارع بارون ,وتعد هذه المنطقة من أهم مناطق مدينة حلب التجارية والسياحية , حيث توجد فيها أهم فنادق حلب وشركات الطيران والمطاعم والمتاجر .
تم اختيار اسم فندق بارون من قبل زبائن الفنادق السابقة التي أعدها الأخوان في مركز المدينة القديمة , فكلمة بارون باللغة الأرمنية تعني »أمير ¯ قائد ¯ مالك ¯ مقاتل ¯ سيد ¯ أستاذ« قام بالدراسة المعمارية والإنشائية للفندق المهندس الأرمني الأصل والفرنسي الجنسية كاسبار نافليان الذي قدم من فرنسا إلى حلب خصيصاً لهذه الغاية
يمكن تقسيم مراحل إنشاء وتطور الفندق إلى فترات زمنية أو مراحل إنشائية:
المرحلة الأولى :» 1909 وحتى 1921«
وهذه المرحلة هي مرحلة الإنشاء , وحتى بداية الانتداب الفرنسي حيث استخدمت في التسقيف بروفيلات فولاذية ذات مقاطع »I« وكانت بمثابة جيزان تستند على جدارين حاملين متقابلين.
تتوضع الألواح الخشبية فوقها ثم تتوضع طبقة التغطية والمونة والبلاط , وقد تم استيرادالبروفيلات من مصر , كما تم الاعتماد على العمال المصريين إلى جانب العمال السوريين في إنشاء الفندق .
أساسات الفندق كانت مستمدة من البيتون المغموس وبعرض 50 ¯ 80 سم
استغل طابق الأقبية كمستودعات وغرف للطبخ والغسيل والكوي والمؤونة والبرادات وذلك بعد إضافة التصريف الصحي لدورات المياه وبناء المداخن بالآجر إضافة إلى فتحات التهوية .
-استخدم في بناء الواجهة الرئيسية الحجر الأصفر »الصوري« المنشور القاسي المستخرج من مقالع حلب وبأسلوب يشبه مبنى دار البلدية القديم أو قسم الهجرة والجوازات القديم ,وهو الأسلوب المميز لهذه الفترة الانتقالية من العمارة الإسلامية الأصيلة إلى جانب العمارة الأوروبية المقتبسة مع الاحتفاظ ببعض الزخارف والنقوش العربية الإسلامية على النوافذ والأبواب , ومداخل البناء , وقد استعملت الزخارف الهندسية كأشرطة زخرفية أحاطت بواجهات المبنى , كذلك زخارف الأرابيسك التي أحاطت بفتحات الأبواب , كما استخدمت زخارف الباروك في بعض مساحات المبنى , وتم استخدام الحجر الصوري في باقي الواجهات , وحجر النحيت في بناء الجدران الداخلية للفندق , وفي بناء الأقواس المشكلة للفتحات في الجدران , وقد استندت هذه الأقواس على أعمدة حجرية اسطوانية الشكل تعلوها تيجان مقرنصةكما استخدم الحجر في بناء المساند الظفرية المتغيرة المقطع الحاملة لشرفات الطابق الأول , وفي بناء الأدراج الخارجية للفندق .
يتألف الفندق في هذه المرحلة من طابق الأقبية والطابق الأرضي والطابق الأول فقط اتسمت هذه المرحلة بالنشاط السياسي والعسكري , وهي مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ الفندق إذ انتهت هذه المرحلة بخروج العثمانيين وقيام الثورة العربية الكبرى , وبداية الأطماع الاستعمارية والتي تمثلت بالانتداب الفرنسي
المرحلة الثانية »1922 ¯ 1936« :
تتصف هذه المرحلة بالازدهار الثقافي والفني والحضاري بسبب توافد الأدباء والفنانين وعلماء الآثار إلى سورية بشكل عام وإلى حلب بشكل خاص , كما أصبحت حلب في هذه الفترة مركزاً تجارياً واقتصادياً وثقافياً هاماً , فأرسلت الحكومة الفرنسية المبشرين والإرساليات الدينية , وبدأت في التخطيط لبناء الأديرة والكنائس والمدارس ودور الأوبرا ودور السينما والمسارح , كما أرسلت دول غربية أخرى بعثات استكشافية أثرية وبدأ التنقيب في التلال المنتشرة شمالاً وشرقاً عن مدن أثرية قديمة .
هذه البعثات كانت ترد إلى حلب عبر الخط الحديدي الممتد من برلين إلى بغداد , لذلك أرتأى صاحب الفندق بناء مبنى صغير ملحق بالفندق لخدمة المسافرين بالقطار والقادمين من أوروبا عبر حلب فاستقدم المهندس فيليب اربياريان إلى حلب لتصميم مبنى ملحق , والمهندس المذكور استوطن في حلب لدراسة المشروع وتمت الموافقة على إنشاء المبنى الملحق عام 1936 , وقد سمي هذا المبنى بالفاغونلي , ثم استخدم لاحقاً كمخازن , وحالياً هو مقر رئيسي لمخازن قائمة بجانب الفندق .
المرحلة الثالثة »1936 ¯ 1946« :
عد هذه المرحلة من المراحل النشطة سياسياً في تاريخ الفندق , وهي فترة الحرب العالمية الثانية , وقد توافد إلى الفندق العسكريون من كل جانب والسياسيون من كل قارة الذين كانوا يستخدمون الفندق جسراً مهماً للعبور من الشمال إلى الجنوب , ومن الغرب إلى الشرق .
ونشطت في نهاية الحرب العالمية الثانية حركات التحرر من الاستعمار في سورية وتوافد رجالات السياسة العرب من جهة والسياسيون الفرنسيون من جهة أخرى إلى الفندق , وأصبح الفندق معسكراً حربياً , أما المدنيون الأجانب والعرب ونظراً لظروف الحرب والكساد التجاري وغلاء المعيشة نتيجة ارتفاع الأسعار وفقدان المواد الاستهلاكية الأساسية فتجنبوا التجوال والسياحة وبالتالي خلا الفندق من المدنيين عندها صمم صاحب الفندق على بناء طابق ثان وثالث للفندق , وتم إنشاء الطابق الثاني للفندق أواخر عام 1943 وبقي الطابق الثالث حلماً إلى الآن لم ينفذ , وقد بني سقف الطابق الثاني بمادة البيون المسلح , وتم إنشاء السقف الجمالوني للطابق الثاني من القرميد الأحمر , حيث تم رفع السقف الجمالوني على الجدران الحمالة في نواة بيت الدرج ورفعت الأطراف على دعامات خشبية ثم أنشئت الجدران الحجرية الخارجية
كما أنشئت الأقواس الحجرية , وكان للقوس ذي المراكز الأربعة النصيب الأكبر في بناء فتحات الجدران في الطابق الثاني للفندق وفي فتحات الأبواب والنوافذ للطابق الثاني
المرحلة الرابعة »1946 ¯ 1967 « :
وهي المرحلة الممتدة مابين نهاية الحرب العالمية الثانية وعهد الاستقلال واتسمت هذه المرحلة بالانتعاش التجاري والثقافي والفني حيث جلاء الاستعمار الفرنسي ونشاط السياحة , مما أعاد الانتعاش للفندق , فقرر صاحب الفندق إنشاء كراج للسيارات في الجهة الشرقية من الفندق وتراس في الجهة الشمالية من المطعم , ومخزن كبير تحت التراس ,وقد تم التصميم من قبل المهندس فيليب اربياريان وتم التنفيذ عام 1952 وفي عام 1954 تم إنشاء مخازن تحت التراس الرئيسي في الواجهة الرئيسية الغربية من الفندق , وقد صمم هذه المخازن المهندس السوري آغوب كيريشيان , أما المهندس نشأت شحادة فقد قام بدراسة توسيع المطعم في الطابق الأرضي وإضافة طابق ثالث للفندق , وقد نفذ المطعم ولم ينفذ الطابق الثالث .
أضيفت التدفئة المركزية والتكييف لبعض غرف الفندق ,وهكذا يمكن اعتبار مبنى فندق بارون من مباني المرحلة الانتقالية , وهي مرحلة انتقال من الاصالة العربية الأصلية إلى العمارة الغربية الجديدة والتأقلم مع المعطيات الجديدة نقلاً عن الغرب بعد دخول التكنولوجيا إليه .
تلك هي نبذة عن عمارة هذاالفندق , أما عن عمرانه , فمن المعروف أن موقع الفندق كان بعيداً عن مدينة حلب القديمة , ولم تكن الضواحي السكنية الكثيفة كالعزيزية والجميلية , قد تكاملت بعد رغم أن السكن فيها قد بدأ منذ الثمانينات من القرن التاسع عشر 1883م ومابعد
لقد كان موقع الفندق يعود إلى عاملين فسحة الأرض , والقرب من بساتين مزدهرة بجانب نهر قويق , وقد ذكر لي السيد كوكو مظلوميان الذي توفي منذ سنوات قليلة , أن بحيرة تشكلت في موقع ساحة الكرنك اليوم , وكان يصطاد البط فيها , كما تسير فيها القوارب للنزهة , إن بناء الفندق وملحقين له : الأول كفندق والثاني للسكن ووجود السيارة منذ عشرينيات القرن الماضي , قد أوجد ضاحية بستان »كل آب« وزاد في اعمار حي الجميلية , وتم بناء أول جسر حديث على نهر قويق , أمام مبنى مديرية السياحة والمتحف الوطني , وقد غطي مؤخراً لتلافي تلوث البيئة , وهكذا كان فندق بارون عاملاً هاماً في إعمار غرب المدينة القديمة وكان فارغاً إلا من عمائر نادرة , ومنها سبيل للماء بني مكانه برج ساعة باب الفرج في أول تسعينيات القرن التاسع.
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة الجماهية - الموسوعة التاريخية لأعلام حلب
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة الجماهية - الموسوعة التاريخية لأعلام حلب