أحداث
الأزمة الاقتصادية في سورية عام 1930
الأزمة الاقتصادية في سورية عام 1930
أسباب الأزمة:
يرى لطفي الحفار أنه من أسباب الأزمة ما يلي:
أولاً- تقسيم البلاد:
والمقصود من هذا التقسيم نسبته إلى ما قبل الحرب العامة فقد كانت سورية مورد التصدير إلى الأناضول والروملي، والعراق والحجاز وفلسطين، تصدر إليها محصولاتها الوطنية وتمر بها المصنوعات والمنسوجات الأجنبية في طريقها إلى البلاد المذكورة آنفاً.
ولفد خسرت سورية بعد الحرب العامة هذه الأسواق مع أنه كان بالإمكان تلافي الأمر رغم تقسيم البلاد السياسي.
نعم إنه كان بالإمكان أن تتلافى المفوضية هذا الأمر بعقد اتفاقات جمركية مع البلدان المذكورة، وقد انتبهت الغرفة التجارية لهذا الخطأ فأسرعت ولفتت نظر المفوض السامي للأمر بواسطة لائحة مؤرخة في 25 تشرين الثاني 1921 إلى ضرورة عقد إتفاقيات مع باقي الدول المجاورة خوفاً من أن يحل محل البضائع السورية غيرها من البضائع الأجنبية.
وقد حدث ما كنا نحذره ونتوقعه فاحتلت البضائع الإيطالية الأناضول وأقبل عليها السكان مرغمين لعدم استطاعتهم ابتياع البضاعة السورية.
ثم عندما كنت عضواً في اللجنة الاقتصادية سنة 1923 قدمت لائحة طلبت فيها ضرورة الإسراع بعقد اتفاقيات اقتصادية وجمركية مع الجيران وخصوصاً مع العراق وتركيا وفلسطين فوعد بذلك، غير أنهم “المفوضية” قد تأخروا حتى فهموا حقيقة الحالة فلم يقدموا على عقد هذه المعاهدات إلا بعد مرور عشر سنوات فعقدوا معاهدة مع فلسطين وأخرى مع شرق الأردن التي تطلب اليوم تعديلها لأنها لا تجيز استيفاء رسوم جمركية على بضائع سورية وعلى شرط أن يكون خمسون بالمئة من موادها الأولية سورية، وهي اليوم تطلب تعديل هذه الإتفاقية بأن تدفع البضائع السورية رسوماً جمركية بالنسبة إلى كمية المواد الأجنبية التي تحويها.
وهذا خطأ بين إذ أن أكثر البلدان الأوربية لا تضع مصنوعات وطنية صرفة، أما مع إيران فلم تعقد المفوضية إتفاقاً ما رغم ارتباط فرنسا نفسها بإتفاق جمركي مع إيران، ويجب الإسراع بعقد هذا الإتفاق مع سوريا أيضاً.
ثانياً- الورق السوري:
ومن أسباب الأزمة المباشرة إصدار الورق السوري الذي لا يرتكز على أساس ثابت، وقد كانت النتيجة أن أصبح عرضة للتقلبات بين صعود وهبوط فعرض الأسواق التجارية للخسارة.
هذا وتبلغ نسبة هبوطه حتى اليوم خمسين بالمئة من أصل القيمة خسرتها البلاد السورية واللبنانية.
ولا أظن أن أحداً يتجاهل أن الورق السوري كان سبباً بابتياع الذهب من الأسواق السورية وإصداره إلى الخارج.
ثالثاً- الشركات ذات الامتياز:
ومن جملة الأسباب الشركات ذات الامتياز، واستبدادها، فهي غير مراقبة المراقبة الشديدة، مما أدى إلى انتهاز هذه الفرصة لابتزاز أموال الأهلين بدون أن تلتفت إلى مصالحهم.
فيجب والحالة هذه أن توضع هذه الشركات تحت المراقبة فتحدد الأسعار والأجور بما يتفق مع مصلحة البلاد.
رابعاً- المضاربة العالمية:
وهذا سبب عالمي فقد تهورت الأسواق العالمية بين سنتي 21 و22 وسقطت الأسعار إلى النصف مما ألحق بأسواقنا التجارية خسائر فادخة وأضف إلى ذلك خسارة البلاد من الأوراق المالية “مارك، روبل، كورون، الخ..” التي اختزنتها أثناء الخرب خسارة لا تقل عن الثلاثة ملايين ليرة ذهبية.
خامساً- الحكومات السورية:
ومن الأسباب المهمة تعاقب الحكومات وعدم اهتمام رجالها بكيفية طرح الضرائب على عاتق المكلفين وجباتها بشكل يلتئم مع مقدرة هؤلاء المكلفين على الدفع، وعدم تفكير هذه الحكومات بصرف قسم من موارد الدولة الكبيرة بما يعود بالإنتاج النافع.
وإذا دققنا ميزاينات هذه الحكومات رأينا أن النفقات لا تعود بالمنتج المثمر، وهي لا تصرف في هذا السبيل حتى أنه لا يوجد حتى اليوم برنامج اقتصادي تسير عليه الحكومات، وتنفذ مواده بدقة، وتنفق على تعاقب السنين بعض موارد الدولة لتشجيع الصناعة والزراعة ومشاريع الري المثمرة وتنشيط الوسائل التي تعمل على إحيائها ونجاحها.
فكل هذه الأسباب سببت سقوط قيم الأراضي والأملاك وقللت من قيمة النقد المتداول بين الأيدي.
انظر:
حديث اقتصادي لـ لطفي الحفار حول الأزمة الاقتصادية